سعود الأسدي وديمة السمان وسعيد مضية.. شخصيات العام الثقافية 2013

سعود الأسدي وديمة السمان وسعيد مضية..

شخصيات العام الثقافية 2013

شاكر فريد حسن

[email protected]

في اطار احتفالات شعبنا الفلسطيني وحركته الادبية ومؤسساته الثقافة بيوم الثقافة الوطني الفلسطيني ، الذي يصادف الثالث عشر من آذار يوم مولد شاعرنا الفلسطيني الراحل ، سيد الكلمة ورائد شعر المقاومة محمود درويش ، اعلنت وزارة الثقافة الفلسطينية عن منح لقب شخصية العام الثقافية  2013 لعدد من المبدعين والمثقفين الفلسطينيين ممن حملوا راية النضال ومشاعل الثقافة الوطنية والفكر الانساني، ولن يسقطوها ابداً، الذين ساهموا في رفد المشهد الثقافي الفلسطيني بمنجزاتهم واعمالهم ونتاجاتهم الادبية والابداعية  ولهم حضورهم الفاعل والساطع على ساحة الابداع وخريطة الادب، وهم : الشاعر والباحث الجليلي الديراوي سعود الاسدي ، والكاتبة والروائية المقدسية ديمة جمعة السمان ، والكاتب الخليلي سعيد مضية، فيما منحت جائزة محمود درويش للشاعر والاديب المخضرم حنا ابو حنا المقيم في عروس البحر والكرمل حيفا.

 وقد منحت هذه الجوائز والالقاب والدروع لهؤلاء المبدعين عن مجمل مسيرتهم واعمالهم الشعرية والادبية والثقافية ، واسهاماتهم المتواصلة في حركة الابداع الفلسطيني ، وتقديراً لجهودهم ودورهم الفاعل في تأصيل الوعي الثقافي وصون التراث الشعبي وخدمة الحركة الادبية الفلسطينية والنضال الوطني التحرري لاجل بناء الوطن الحر المستقل .

فالشاعر سعود الاسدي غني عن التعريف، واشهر من نار على علم . انه رائد وأمير الشعر الشعبي المحكي الفلسطيني، وحارس المكان الفلسطيني واغاني الجليل ، وصاحب الخطاب الريفي في ثقافتنا الشعبية ، الذي يتميز بالعشق الفلاحي والانغماس في الموروث الشعبي التراثي الفولكلوري . وتندرج كتاباته الشعرية والادبية في اطار ما يسمى بـ "الادب الرعوي " او "الايديلي"  النستولوجي ، لما في شعره من شوق وحنين للماضي ، وتحسر على الزمن السحيق الجميل ، وايام البساطة وراحة البال والمحبة بين الناس والتكافل والتعاضد الانساني والنوايا الصادقة الطيبة .وهو يصور ملامح الحياة الريفية الفلسطينية ، ويقدم صورة للانسان الفلسطيني الفلاح المنتمي والمتمسك بجذوره وهويته وتاريخه الكنعاني ، وللمراة الفلسطينية الفلاحة ، التي كانت تفلح وتزرع الحقل ، وتغمّر، وتحصد السنابل ، وتغربل القمح والشعير المتجسدة بـ "ستي زليخا" ، ولما في لغته من غنى تراثي وفرادة ورهافة ونقاء وصفاء وبهاء ونكهة فلسطينية جليلية مستحبة مستمدة من ذلك الزمن القديم العتيق والجميل ، الذي مضى ولن يعود . وكما جاء في بيان لجنة التحكيم : " ليس غريباً ان يعتبره النقاد شاعر الوطن والارض والصخر والزيتون ، فهو الذي اثبت حضوره على خارطة الادب الشعبي الوطني والانساني، واعطى اهتمامه لقضايا الانسان والوطن في علاقة جدلية ".

اما الكاتبة ديمة السمان القادمة من ربوع زهرة المدائن القدس ، فهي روائية وناشطة ثقافية مقدسية ، ولدت وترعرعت وكبرت ونشأت بين ازقتها وحاراتها وارصفتها، وحملت همومها وعذاباتها وجراحاتها ، وحفظت عاداتها وتقاليدها ، وكتبت تاريخها وسجلت واقعها وموروثها الثقافي . انها اسم فلسطيني جم العطاء والانتاج في الوان ادبية وثقافية ومعرفية متنوعة ، سخرّت قلمها وروحها وفكرها لخدمة قضايا شعبها ومجتمعها ووطنها . وهي خريجة جامعة بير زيت ،وتشغل مديراً عاماً في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية ،  ولها اسهام فاعل في الحياة الادبية الفلسطينية عامة وفي القدس خاصة ، ومن المؤسسين والمبادرين مع الكاتب جميل السلحوت لندوة اليوم السابع الثقافية الاسبوعية قبل اكثر من 22 عاماً ، والمتواصلة حتى يومنا هذا . عرفناها  من خلال قصصها ورواياتها وقصائدها ومقالاتها الادبية السياسية ، ومن ابرز اعمالها الروائية : "بنت الاصول "و" رحلة ضياع" وجناح ضاقت به السماء" و"وجه من زمن آخر" و"القافلة" و"الضلع المفقود"وغيرها ،ومن قصائدها "غزة يا صخرة ماتت عند قدميها موج بحر الاعداء ذليل" .

 وفي مجمل اعمالها الروائية تتناول ديمة حياة ويوميات المقدسيين والمحطات الزمنية ، التي مرّوا بها، وتصور واقعهم اليومي بمرارته وحلاوته ، ونشتم من خلالها عراقة حجارة القدس واسوارها وازقتها وحواريها واسواقها القديمة . كما انها تحكي واقع النكبة الفلسطينية وتصف العذاب والقهر والبؤس ، الذي واجهه وعاناه الفلسطينيون في مخيمات الذل والشقاء والشتات بالمهاجر القسرية  .

واما شخصية العام سعيد مضية فهو مثقف وكاتب له العديد من الكتب والمؤلفات الادبية والنقدية ، ومن كتاباته " الثقافة الوطنية والممارسات الاسرائيلية " و" وثقافتنا ومهمات المرحلة" و"زوال في العيون" وغير ذلك .

وهو من مواليد بلدة حلحول قضاء الخليل عام 1934 ، عمل في سلك التعليم لمدة خمسة اعوام ، انخرط في الحياة السياسية والوطنية منذ شبابه المبكر ، طورد واعتقل من قبل سلطات الاحتلال ،ونفي الى الاردن عام 1970 وهناك التحق بالعمل السياسي والوطني ، ومع قدوم السلطة الفلسطينية عاد مع العائدين الى بلده وموطنه ليكمل مسيرته الثقافية الوطنية والنضالية . وهو عضو فاعل في المراكز الثقافية بمحافظة الخليل ، ويسهم في نهضة شعبنا الثقافية بعطاءاته الملونة .

اخيراً ، فأن اختيار هؤلاء المبدعين العاملين والمشتغلين بالادب والثقافة هو بمثاية تكريم لتاريخهم الثقافي الطويل ، ويشجع المثقفين على العطاء الادبي والثقافي ، وكذلك تكريم للثقافة الوطنية والانسانية الملتزمة ، والمنغمسة بهموم وقضايا الانسان الفلسطيني ، التي تؤدي دوراً تعبوياً ونهضوياً وكفاحياً في مقارعة ومواجهة المحتل ، وفي معارك شعبنا الوطنية والحضارية في سبيل التحرر والاستقلال والعودة واقامة الكيان الفلسطيني المدني الديمقراطي التعددي الحر . فهيئاً لهم ، وهنيئاً لشعبنا وادبنا وثقافتنا بهم ، وتحية فلسطينية صميمية مطعمة بالزعتر وعابقة بشذى زهور وعر الجليل لهؤلا المكرمين المحتفى بهم، ولكل المساهمين في تشكيل وحراك المشهد الثقافي الفلسطيني وتقدمه ونهوضه ، على درب الانتصار والحرية ومعانقة الفجر وخيوط الشمس .