وفه التبجيلا
وفه التبجيلا
أ.د. حلمي محمد القاعود
أدركت ندوة تليفزيونية جيدة في نصفها الأخير. كانت الندوة تضم وزير تعليم سابقا مع نقيب المعلمين ومذيع القناة الثقافية وتتناول شئون التعليم عامة والمعلم خاصة.
وضح من الحوار أنه يدور حول حقوق المعلم وضرورة الارتقاء بمستواه المادي, فضلا عن تكوينه المعنوي والخلقي والسلوكي, أو ما يعرف بالضمير, أو التقوي بالمفهوم الإسلامي. المعلم في اليابان سر نهضتها وتفوقها في المجالات المادية والسلوكية كافة. أدرك حكماء اليابان بعد خروجها مهلهلة من الحرب العالمية الثانية أن المعلم هو الأمل, فمنحوه راتبا يقارب راتب الوزير, وصلاحيات تماثل صلاحيات النيابة. بالطبع لم تمنح مثل هذه المزايا للمعلم الذي يشتغل بالدروس الخصوصية ويهمل عمله الأصلي, ولا المعلم سائق الميكروباص أو التوك توك أو مبيض المحارة أو صاحب البقالة أو مقاول الخرسانة أو صاحب الورشة أو التاجر في الأسواق أو العامل في السوبر ماركت أو..
المعلم الحق هو الذي يتفرغ لعمله ويذهب إلي المدرسة بدافع داخلي, وليس من أجل دفتر الحضور والانصراف, ويؤمن أن المعلم قدوة وصاحب ضمير, ويتابع طلابه في المدرسة وخارجها لحل مشكلاتهم قدر استطاعته ومساعدتهم علي الاستمرار في التعلم والتلقي. إنه صاحب الهيبة التي يفرضها علمه وسلوكه وخلقه, وليس صوته وعضلاته وعصاه, وإن كانت العصا مطلوبة في بعض الأحيان, وبصورة مقننة كما كانت في الزمن البعيد الذي عشناه, لأن الردع مطلوب أحيانا وغالبا ما يكون برغبة ولي الأمر الناضج. مدرسة المشاغبين تمتنع!
آن الأوان لتغيير وظيفة كليات التربية. يجب أن تعود إلي مسماها القديم معاهد التربية لمدة سنتين, وتخرج المعلمين بعد الليسانس والبكالوريوس وتقبل الحاصلين علي تقدير جيد فما فوق, بعد اختبارات نزيهة, وتحريات عن الأخلاق والسلوك. كانت أجهزة الأمن ترفض تعيين من لديه شبهة تدين. من يعرف التقوي هو الأجدر أن يدخل معاهد التربية, فيجمع مع التفوق العلمي التفوق الخلقي فضلا عن الصلاحية النفسية, ثم التفرغ لمهنة المعلم ليستحق مقولة شوقي: قم للمعلم.. وفه التبجيلا.