فليحذر الذين يخالفون عن أمره..!
د. طارق باكير
ربما لم يكن لافتا ، تأكيد رئيس الائتلاف الوطني السوري ، الأستاذ أحمد معاذ الخطيب ، أكثر من مرة ، منذ أن تم اختياره رئيسا للائتلاف ، أنه سينتهج مبدأ الصدق والشفافية ، والصراحة والوضوح مع الشعب السوري ، في كل خطوة يخطوها ، وفي كل قرار يتخذه .. فقد فهمنا من هذه التصريحات ، أن السيد الخطيب ، سيراعي مطلب الشعب السوري في الحرية والكرامة والعدالة ، وإزالة هذا النظام الطاغي الباغي المجرم ، في كل ما يصدر عنه من توجهات وقرارات وتصريحات ، ويكشف للشعب ، أي خطر يمس ثورته ، وأي تلاعب بمصيره ..
وربما لم يكن لافتا كثيرا ، إعلانه بصراحة ووضوح ، أن المجتمع الدولي ، ليس لديه خطة أو برنامج عمل ، لحل المسألة السورية ، وكأنه كان يذيع سرا ، أو يكشف عن أمر مجهول .. أو كأن شعب سورية الذي خرج بثورته مستعينا بالله تعالى وحده ، معتمدا على جهوده وإمكانياته ، والمخلصين من أمته .. كان يجهل حقيقة هذا المجتمع الدولي ، الذي تسيطر على قراراته أمريكا وروسيا ومن خلفهما (إسرائيل ) ، أو كأنه كان يؤمل وينتظر من هذا المجتمع الدولي أن يقدم له العون الفعلي ، الذي يعينه على الخروج من محنته ، و يحل له مشكلته ، أو كأن الشعب السوري لا يعلم أن هوى المجتمع الدولي ، مع بقاء هذا الحكم الطاغي الباغي ، ممسكا بتلابيب هذا الشعب ، قامعا لحريته ، مستهينا بكرامته ، يكبحه عن كل تقدم ورفعة ، ويمنعه من تحقيق أي إنجاز إنساني أو حضاري ..
وربما لم يكن لافتا كثيرا جدا ، ما أعلن عنه الأستاذ معاذ الخطيب من مبادرة للحوار ، تحت ضغط الألم والمعاناة .. فليس لأحد ، مهما كان ، أن يحتكر لنفسه الإحساس بالألم ، والشعور بالتعاطف مع الضحايا ، والتوجع على الدم المسفوك .. والخضوع لدواعي الألم – كما عبر الأستاذ زهير سالم عن هذا المعنى في إحدى مقالاته – وما ينطوي تحت ذلك من اعتقال للحرائر ، وتعذيب وحشي حدّ الموت في السجون ، وتهجير وتشريد للمواطنين ، وتدمير للمدن والقرى والأحياء السكنية والمنشآت الحيوية ، وارتكاب المجازر الجماعية .. وهو ما يراهن عليه حكم العصابات الأسدية بشكل واضح معلن ، في قمع الثورة ، وكسر إرادة الشعب الحر الكريم الثائر ..
وربما لم يكن لافتا أيضا ، تعطيل جلسة الائتلاف مؤخرا ، من أجل اختيار شخص ، لتشكيل حكومة مؤقتة ، تستدعيها الحاجة والضرورة ، لتلبي الحاجات الإنسانية للشعب ، والحاجات العسكرية للمقاتلين ، وحاجات التواصل والتمثيل لدى المجتمع العربي والدولي ..
ربما لم تكن هذه المواقف ، وغيرها من
المواقف والتصريحات لافتة لجميع المتابعين ، أو تشي لهم بأنها مقدمات لفعل ما ،
بدأت تظهر ملامحه بتصريح الوزير الفرنسي ، بأنه تم الإعداد بين أمريكا وروسيا
وفرنسا .. على اختيار شخصيات (مقبولة) من النظام الأسدي، من أجل الدخول في حوار مع
المعارضة..
وبداية نقول : مخطئ تماما من يظن أن شعبنا الحضاري الحر الثائر ، أو أي شعب عاقل
واع متحضر ، يؤثر أن يحل مشاكله عن طريق العنف والقتل والتدمير والتشريد ، بدل
الحوار والتفاهم ، وإلا لما بقي هذا الشعب طوال نصف عام من عمر الثورة ، يواجه رصاص
العصابات الأسدية ، بلحم جسده وصوت لسانه ، ويتحمل التعذيب حد الموت ، في سجون
العصابات الأسدية ، التي تحولت إلى مسالخ بشرية ..
إن شعبنا ليس ضد الحوار ، ولا يحكم
بالفناء أو الاجتثاث ، على من هو تحت حكم النظام ، أو يرفض التفاهم والتعايش معهم ،
وإن شعبنا ليتألم أشد الألم ، على كل قطرة دم تسفك من دم أي فرد من شعبنا السوري ،
المنكوب بحكم هذه العصابات ، هذا الحكم الخبيث المجرم ، الذي جعل هذ الشعب ، يضرب
بعضه رقاب بعض ، وينال بعضه من بعض ، عندما انتهج القمع والقتل والتدمير والتشريد ،
والاعتقال والاغتصاب ، سبيلا لمواجهة مطالب الشعب بالحرية والكرامة والعدل .. وإن
الذي يرفضه شعبنا ، ولا يقبل مساومة عليه ، أن يعود بأي صورة ، أو أي شكل ، إلى حكم
هذه العصابات ، التي أوغلت في دمائنا ، ونهشت أعراضنا ، ودمرت بيوتنا ومنشآتنا ،
وشردت شعبنا .. والتي تشترط ، بلا جدال ، أن تبقى متشبثة بالسلطة ، مهيمنة على
إرادة الشعب وقراره ومصيره ..
فلماذا الدنية يا عباد الله ، وهذه العصابات ليست بالمهيمنة ولا المسيطرة ولا
المتفوقة ، رغم كل ما تستخدم من وحشية وهمجية ، هي دليل يأس وشعور باقتراب النهاية
.. حتى يطالب بعضهم شعبنا بالاستسلام لها ، وأن يقبل بالهزيمة أمامها ؟
وإن شعبنا لم يعد ضعيفا ، بعد أن
امتلك من القوة ، ما لم يكن بحسبانه ، أو يحلم به ، وليس مهزوما أو متراجعا ، بل إن
جيش شعبنا الحر المجاهد ، يحقق تقدما وفتحا وظفرا في كل يوم ، ويزداد تصميما على
الخلاص من هذه العصابات في كل يوم ، وما بقي ليس أكثر مما مضى وانقضى ، فلماذا
الخضوع ؟ وهل تردّ لنا الحوارات مع العصابات الأسدية ، المصرّة على البقاء في الحكم
، والتحكم بالسلطة ، أرواح مئات الآلاف من الشهداء والمسجونين والمفقودين ؟ هل ترد
لنا الحوارات عرضا انتهك ، وكرامة أهينت ، وبلادا دمرت ، وأسرا شردت ، وأطفالا ضاع
مستقبلهم ، ودمرت نفسياتهم ..
وهل حقا هناك من يظن ، أن هذه العصابات ستتخلى عن السلطة بالحوار والتفاهم ؟ وهل
فعلوا ما فعلوا ، وما زالوا يفعلون ، لكي يسلّموا للشعب عن طريق الحوار ؟
إن دعوات الحوار التي يتبجح بها حكم العصابات ، ما هي إلا خدعة خبيثة ، وحيلة ماكرة
، لتشتيت الصف ، وتفريق الكلمة ، ووهن القوة ..
فليحذر الذين يخالفون عن أمر الله تعالى ، وقد فرض على عباده الجهاد ، ولا يرضى لعباده الذل والهوان ، وليحذر الذين يخالفون إرادة الشعب الثائر ، الذي نفر في سبيل الله ، لرفع راية الله ، راية الحق والعدل والأخوة والكرامة الإنسانية ، وحاشا هذا الشعب أن يخلع لامته ، إلا بعد أن يحقق غايته ، ويستعيد حريته وكرامته ، بنصر قريب مظفر ، صار أدنى من قاب قوسين .. (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ).