ونش الاتحادية
ونش الاتحادية
أ.د. حلمي محمد القاعود
الشخص الذي قاد ونشا اتجه به نحو قصر الاتحادية وساعده بعضهم في ربط بوابة القصر بالونش لخلعها, يمثل حالة فريدة في التاريخ المصري المعاصر.
قبل سنتين كان الاقتراب من الشارع الذي يقع به القصر يكلف صاحبه غاليا. اليوم اختلفت الصورة, ولا أعرف مدي علاقة الونش وخلع البوابة والمولوتوف والشماريخ بالتظاهر أو الاحتجاج علي سياسة الرئيس والإخوان, الذين يحكمون اسما ولا يحكمون فعلا حتي هذه اللحظة, حيث لم تكتمل مؤسسات الدولة.
لو أن الحدث جري أمام قصر بكنجهام في لندن لكانت الأمور مختلفة, ولقامت الدنيا ولم تقعد, ولكن القوم عندنا وخاصة من يملكون الإعلام والكلام عبروا علي الموضوع كأنه لم يحدث, وركزوا علي حمادة المسحو الذي ينتمي إلي أبناء مبارك, ونحن لا نقر إهانة أحد ولو كان بلطجيا. ومثلما استنكر الناس إهانة المسحول, وظلت القنوات الفضائية الخاصة تعيد مشهده عشرات المرات كل ساعة, فقد كنت أتوقع أن يحظي ونش الاتحادية بشيء من الاهتمام ولو بنسبة واحد في المائة من الاهتمام بالمسحول!
المفارقة أن وزيرا من عصر الفساد قيل إنه قدم استقالته احتجاجا علي سحل حمادة ولم يستقل احتجاجا علي الونش, ولا علي اغتصاب فتيات التحرير اللائي كن في حماية رفاقه وتركوهن للذئاب. ويبدو أن الوزير لديه معلومات أن رفاقه هم الذين سيحكمون قريبا فأعلن استقالته كي يكون بطلا, مثلما استقال قبل انتهاء مدة حكومة الجنزوري بأسبوع ليفوز بجائزة الدولة التي لا يستحقها; فقد كان واثقا أن موظفيه سيصوتون لصالحه ويفوز بالمبلغ الضخم والقلادة الذهبية, ثم عاد إلي الوزارة بعد أسبوع! هل يعيد معاليه قيمة الجائزة الحرام ليكون بطلا؟
ونش الاتحادية يشير إلي انهيار خلقي أصاب بعض فئات المجتمع, وخاصة أولئك الذين أصابهم سعار السلطة, فأطاحوا بالقيم والأخلاق والمواضعات الإنسانية, وتناسوا أن عائد هذا الانهيار سيرتد عليهم علي افتراض نجاح مخططهم الشيطاني في الانقضاض علي الديمقراطية وإسقاط الرئيس المنتخب. إنهم سيحصدون ما زرعوه, وسيكون مريرا وغسلينا وزقوما.