جامعة حلب
عبد الله زنجير /سوريا
تأثرت بما كتبته ابنتي بنان - السنة الثانية في كلية الهندسة بدار الحكمة - عن مجزرة جامعة حلب المروعة 15 / 1 / 2013 م : ( خايفين من طلاب الهندسة يعمروا سورية ) و قبلها بأسابيع ، كنت كتبت عن هذه الجامعة السطور التالية
جامعة حلب
والله ، هي أكبر من جامعة الثورة .. إنها جامعة الشرف و الربيع المقتحم ، جامعة الوعد و الجبين العالي ، جامعة أهل الراية و تأويل الرؤيا ، جامعة التغيير و صناعة الحياة و جامعة الشهادة و الشهداء ! الشهداء محمود غزال و إبراهيم السكر و زياد عمرو و محمد الحافظ و أنس سمو و هشام خانجي و محمود قريوي و علاء ملحم و أحمد محبك و ماهر غزاوي و ماهر علي و محمد الحاج علي و أيمن سليمان و حذيفة الخطيب ، و سامر قواس ( أحد الذين رموهم عنوة من الطابق الخامس ) و عشرات من كليات الطب و الهندسة و العلوم و الآداب و الحاسوب . أحرار كأوراق الورد الأحمر المخضب بدمائهم الطهور ، استعذبوا ذرى المجد و سكنتهم روح الاحتجاج ، فاستلهموا بطولات أجدادهم . أبوا أن يروا شعبهم مرصودا للمذابح و لعق العرق ، و كفروا بلعلعة الخطب الجوفاء و أبدية فرعون و قارون و الحزب القائد .. هم قرص الشمس و العسل ، أفديهم بروحي و ما ملكت يداي
الشباب في جامعة حلب يعيد صياغة الأشياء و المفاهيم والأطر الاجتماعية و المؤسساتية ، حتى انتزاع حقوقه و مستقبله ، حتى تبديد منظومة الفساد و كوابيس الرعب . مراسيم المعرفة و التعارف مع الصوت و الحرية ، وقعتها الجامعة منذ الثمانينيات ( آنذاك كان رئيسها البعثي علي حورية ) كثير من طلابها و أساتذتها ذهبوا شهداء ، د . عبد الرزاق عرعور ، و د . أدهم سفاف ، و د . نذير زرنجي - الذي أعرفه تماما - و د . حسن محمد حسين .. و يبقى لها أخطر منعطف في واقع أسرتنا الصغيرة ، عند اعتقال أخي الكبير ( سليم ) من قاعة الاختبار في كلية الهندسة المدنية بتاريخ 11 / 6 / 1979 م
جامعة حلب 25 كلية و 12 معهد و 6 مشافي عامة ، الثانية بعد جامعة دمشق ( الجامعة السورية سابقا ) فيها قرابة 90 ألف طالب ، تعود أولى كلياتها لعام 1946 م وهي احتفلت باليوبيل الذهبي في 2008 م . لها برامج تعاون علمي مع عشرات الجامعات ، و أول رئيس لها د . توفيق المنجد .. و في الثورة الحالية تم تعيين د . عابد يكن - نجل الداعية الشهيد أمين يكن - رئيسا صوريا لها ، قبل أن يتوارى في إحدى البلدان الأوربية و يتسلم منصبه الدكتور منير الحامض ، المغترب السابق في السعودية
تمر العهود وما تزال أبية بلغتها العربية البديلة ، و ما تزال ركن حلب الركين من طرف الشمال - الغربي ، رأيت نموها المتدرج عندما كنت أرافق أبي رحمه الله ، نقطع الطريق لخطبة الشيخ طاهر خير الله في جامع الروضة من بيتنا في سيف الدولة ، نمشي بمحاذاة مستشفى الجامعة ( تأسست 1974 م ) . مبنى كلية الحقوق الذي يشبه السفينة ، عبقرية هندسية لافتة ، دخلته مرة لأستطلع قاعاته الرحيبة.