باب الشمس .. باب الحياة
سامح عودة/ فلسطين
على السفوح الباردة حيث يتدثرُ الفجر البارد بصقيع غليظ جاء على حين غرّة، آتى بخير وفير وهبتنا إياه السماء وظل البرد حاضراً في المكان، على تلك السفوح الباردة أقامت سواعدهم السمراء خياماً .. على غير العادة، كأنها باب جديد للحياة، فشرعت سواعدهم بوصلاتها باتجاه الشمس الغائبة بعد برد قارص..!!
مدينة الشمس التي أقامها الشبان الفلسطينيون على أطراف بيت المقدس لم تكن حلماً بعيد المنال بل كانت نموذجاً مقاوماً جديراً بالاهتمام، فما كادت تبنى أول الخيام حتى تكاتفت السواعد في معركة بطولية أذهلت الجميع، فظلوا في باب الشمس منغرسين كما الزيتون شامخاً هاماتهم العالية أكدت أن المستحيل بات سهل المنال، وأن المحتلين الغاصبين ما عاد بامكانهم الغطرسة أكثر لأن الطبيعة لا تسير على منوال واحد فالظلم وأن طال فهو كالصقيع يتبخر أمام خيوط الشمس إن تجمعت ..!! .
من غيرهم الفلسطينيون الذين ذاقوا صقيع الغربية وبرد الخيام ونار اللجوء .. يعودون من جديد إلى المربع الأول ليجمعوا طاقاتهم ويجمعوا قوتهم للمسير بخطىً واثقة إلى باب الشمس المفتوحة نوافذه للحرية، باب الشمس القرية التي ولدت في لمح البصر كانت تعبيراً حسياً لأسطورة نضال طويلة، لم يكن خيار للفلسطينيين إلا الاشتباك والاشتباك الآن لم يعد منه مفر، فكل الأبواب أوصدت أمامنا، فلم يبقَ لنا إلا الاشتباك بلحمنا الطري وعزيمتنا التي لا تتكسر على صخور اليأس .. لم يعد ممكنا لنا الآن إلا البحث عن نقاط اشتباك في باب الشمس .. وباب الحياة وباب الحرية وباب البقاء ووو كل الأبواب التي يمكن أن نعبر من خلالها نحو الخلاص الأبدي، موحدين على هدف واحد قاهرين لعدونا لا نستسلم.
إن باب الشمس الذي رسمه الشبان الفلسطينيين قبل أيام لم يكن إلا سطراً بسيطاً في حكاية قادمة عنوانها قهر الاحتلال وتحطيم مخالبه والانتصار علية بالضربات في الخاصرة، فالأشهر الماضية استطاعوا أن يسجلوا نقاطاً في حلبة السياسة ليقتربوا من حلم الدولة والانتصار، فأداروا حرباً مقاومة على أرض غزة البطولة، وأداروا معركةً دبلوماسية ناجحة بامتياز، وصمدوا في وجه الضغوط والحصار المالي الذي لم يثنهم عن السير نحو باب الحياة، فجاءت باب الشمس لكمة لم يتوقعها الاحتلال، ظنوها مزحه ، فأتتهم لكمة في الخاصرة لم تكن بالحسبان .
ظنوا .. زيفاً أن تجريف خيام باب الشمس سيطفئ وهجها ولم يحسبوا حساب الأيام القادمة أن أصحاب الزنود السمراء سيعلون من باب الشمس نموذجاً مصغراَ أمام نماذج الغد القادم، سيجعلون من الشمس التي افترشوا في ظلها مكاناً يقيهم صقيع الاحتلال ,وبرد المنافي ويذهبون إلى أبواب أخرى .. الى باب الحياة الذي ينتظرون شمسه التي لا تغيب.