"هيكل".. المقاتل والمحرض

علاء الدين العرابي

"هيكل".. المقاتل والمحرض

علاء الدين العرابي

عضو رابطة الإسلام العالمية

[email protected]

في آخر حوار للصحفي محمد حسنين هيكل في قناة سي بي سي 3/1/2013م قال ما يلي :

( لديك أقوى المدافع - الإعلامية - ولكنها لا تضرب ( هيكل يخاطب النظام )

وقد اعتبر هيكل أن مدافع الآلة الإعلامية الرسمية لا تضرب ، ولا نعلم ماذا يقصد من ذلك ؟ وهل نحن في حرب إعلامية بين الخاص الذي يضرب بقوة ، والعام الذي لا يستطيع الضرب ؟ هل هذه هي وظيفة الإعلام من وجهة نظر أستاذ الصحافة المحترف

 ثم أنه يفترض أن الآلة الإعلامية الرسمية بيد النظام ( كما كانت في السابق ) يطلق منها ما يشاء كيفما شاء ، ويمرر ما يريد ويحجب ما يريد ، ويتصور أنها بيد الرئيس مرسي رغم أنه لا يستطيع أن يرد السهام الإعلامية عن نفسه فيلجأ إلى القضاء  ؟

  ومن العجيب أن هيكل وهو في نظام عبد الناصر كان يهاجم الإعلام الخاص هجوما عنيفا ، ففي أحدى مقالاته بعنوان " حرية الرأي " يقول  

" إن صحافتنا  في كثير من الأحيان لم تستطع أن تتحول بعد، عن كونها صحافة شخصية، ومن هنا فإن تعبيرها عن "الرأي الخاص" لأصحابها ومحرريها، أشد ظهوراً من تعبيرها عن "الرأي العام" لمجتمع بأكمله على اختلاف طبقاته.  " الأهرام 28/9/1959م

ونحن نسأل هيكل أليس ما وصف به الصحافة في مقاله هو عينه ما يفعله الإعلام الخاص الآن ؟ أي أنه يعبر عن رأي خاص لأصحاب هذه الفضائيات وتلك الصحف ، وهم رجال أعمال ظهروا في ظل بيئة فساد النظام السابق ،  فلماذا يدافع عن الإعلام الخاص الآن ؟ 

نريد أن نذكِّر هنا أن تأميم الصحف جاء في العام التالي لمقاله (1960) وقد تحولت أخبار اليوم من الخاص إلى العام ، وغيب صاحبها مصطفى أمين في السجون ، وقد كان هيكل مايسترو تلك الفترة

(لديك ما يوازي 90 % من وسائل الإعلام ، أما الإعلام الخاص فلا يمثل سوى 10% فقط (هيكل يخاطب النظام أيضا )

وأنا لا أعلم كيف قاس هيكل هذه النسبة ، فإذا كان يقيسها بالكم  00  فهذه مغالطة كبيرة لأن عدد الفضائيات الخاصة التي تتناول القضايا السياسية والمعنية بتوجيه الرأي العام ، أكثر بكثير من فضائيات الدولة ، وقد لا نخالف الواقع إذا قلنا أن النسبة معكوسة  ، كما أن الصحافة الخاصة تزيد عن العامة أضعافا مضاعفة

أما إذا كان يقيسها بالكيف فإن البرامج السياسية الموجهة " التوك شو " في الفضائيات الخاصة تكاد تكون وجبة عشاء المصريين المفروضة عليهم بغض النظر عما تحتويه من فساد أو سموم ، فقد تعودوا على الطعام الفاسد في عهد المخلوع ، والآن يريدوا أن يعودوهم على طعام الأفكار الفاسد

 أما الصحافة الخاصة – في أغلبها -  فتقدم وجبة الإفطار عبارة عن فطائر مغلفة بكره التيار الإسلامي ، وعلى الأخص تيار الإخوان ، محشوة بالكذب والإشاعة ، وهذه هي مقدمات الفتنة

وعندما نتحدث عن الفتنة تكون مسألة النسب مسألة هامشية ، فالفتنة لا تحتاج إلى عدد ، فيكفي لإشعال الفتنة قلم رخيص فقد ضميره أو إلى فضائية موجهة فقدت بوصلتها الوطنية ، ونحن نعلم أن الفتنة على مستوى الأوطان أكبر من الهزيمة العسكرية في ساحات القتال

 ( معايير الأخلاق يحددها العصر ، ولا يمكن وضعها في قانون (هيكل يرد على سؤال المذيعة  )

ونحن نسأل : أليس الدين هو الذي يحدد معايير الأخلاق في مصر ؟ وهل تتغير الأخلاق من عصر إلى عصر ؟ وإذا لم نحمي الأخلاق بالقوانين فكيف تستقيم الأخلاق في المجتمع ؟ من يردع الإعلامي إذا كذب أو أشاع خبرا غير صحيح تسبب في الإساءة لشخص أو دولة سوى القانون  

نذكر هنا أن التيار العلماني قد اعترض عن عبارة " الدولة والمجتمع يحميان الأخلاق " وطلبوا حذف كلمة المجتمع ، وحسب طرح هيكل الحالي وهو من أئمة هذا التيار فإن الدولة لا شأن لها بالأخلاق ، فكيف يستقيم ذلك

 ( " أنت مقاتلة ومحرضة " ( هيكل يخاطب المذيعة المستفزة  )

والحقيقة أن اختيار هيكل لفضائية " سي بي سي " في هذا التوقيت بالذات يطرح كثيرا من علامات الاستفهام ، وهو جزء من المعركة ، المقاتل فيها خبير إعلامي ، والأسلحة فيها مدافع الإعلام الفتاكة التي تفتك بالأوطان ، وأن اختيار هذه المذيعة بالذات هو التحريض بعينه  لأن هذه الفضائية متهمة بأنها فضائية الثورة المضادة.