ماذا أصابك يا وطن؟!
إبراهيم خليل إبراهيم
مصر هى قلب الأمة العربية والشقيقة الكبرى للأشقاء العرب وهذا هو قدرها .. قوة مصر هى قوة للعروبة والعكس صحيح وقد قال شاعر النيل حافظ إبراهيم :
إنا إن قدر الإله مماتي ... لاترى الشرق يرفع الرأس بعدي
مصر صاحبة الحضارة العظيمة والمتفردة والشخصية المصرية أبهرت العالم .. كل العالم على مدار التاريخ .. الماضي والحاضر ولكن بعد ثورة 25 يناير 2011 م التي أندلعت ضد الفساد والقحط وتهميش الإنسان طغت الفوضى على المبادىء والمطالب التى قامت لأجلها الثورة .
أصبح السواد الأعظم يثور ويعتصم ويحرق وأنتشرت الإعتصامات التى تطلب زيادة الأجر وخلافه .. وفاض الكيل وزادت هموم الناس البسطاء الذين لايملكون إلا قوتهم اليومي .
حرقت بعض الكنائس والسيارات والمرافق الخاصة والعامة وياللعجب !!
هل غاب عن عقلنا التوحد العظيم بين الهلال والصليب في ثورة 1919 ؟
هل غاب عنا دفاع جنود مصر البواسل والشعب العظيم وصمودهم الوطني في 1952 و 1956 وأثناء معارك الاستنزاف التي بدأت بعد أقل من شهر لنكسة يونيو عام 1967 وذلك بمعركة رأس العش وأستمرت حتى تم وقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل في شهر أغسطس عام 1970 م .. هذه المعارك التي مهدت الطريق لمعارك أكتوبر 1973 م ؟
هل غاب عن ضميرنا الوطني ماقدمه رجالات مصر من الروح والدم والجهاد المشرف على جبهة القتال عام 1973 وتحرير سيناء التى أحتلتها إسرائيل عام 1967 م ؟؟
أذكر عندما كنت طالبا في الجامعة أصيب زميلي المسيحي المصري جورج وتم نقله إلى المستشفى وطلب الأطباء التبرع بالدم لإنقاذ حياته وعلى الفور تقدمت وتبرعت بدمي لزميلي الحبيب وأذكر أيضا ومن منطلق تجوالي في نجوع وكفور وعزب وقرى ومدن ومحافظات مصر للبحث عن قصص وبطولات شهداء وأبطال مصر الذين قاتلوا ودافعوا بشرف وعزة وكرامة عن مصر وتقديمي 35 كتابا للمكتبة العربية من بين كتبي هذه 15 عن أدب الحرب وقصص الشهداء والأبطال .. أذكر قصة أحد أبطال مصر وهو البطل الرائد غريب عبد التواب .. فهو من مواليد الواسطى بمحافظة بنى سويف عام 1948م وتخرج فى الكلية الحربية عام 1968 وتمت ترقيته إلى رتبة نقيب وتم تعيينه قائداً لسرية صاعقة, فى السادس من شهر أكتوبر 1973م كان البطل فى طليعة الأبطال الذين اقتحموا قناة السويس ووطأت أقدامهم الشاطئ الشرقى للقناة وتسلقوا الساتر الترابى ليشاركوا فى رفع العلم المصرى على الضفة الشرقية للقناة .. وأثناء أداء مهمته إذا بمجموعة من الدبابات الإسرائيلية تقوم بالهجوم المضاد باتجاه الشط وعلى الفور اشتبكت مجموعة الصاعقة بقيادة البطل الرائد غريب عبد التواب مع هذه الدبابات واستطاعوا تدمير بعضها ثم اندفعت ثلاث دبابات إسرائيلية فى اتجاه المصطبة المتواجد عليها البطل فاندفع تجاه الدبابة الإسرايلية الأولى تحت وابل من الرصاص ثم قفز فوق الدبابة وفتح برجها وألقى قنبلة فتحولت الدبابة إلى كتلة من اللهب ، وفى نفس الوقت كان البطل الجندى شنودة راغب يتعامل برشاشه مع الجنود الإسرائيليين فى محاولة لحمل قائده البطل الرائد غريب عبد التواب بعيداً عن الموقع ، ولكن الطلقات الإسرائيلية تمكنت منهما فاستشهدا وكل منهما يحتضن الآخر وهو قابض على رشاشه فى لوحة يعجز أى فنان مهما أوتى من عبقرية أن ينقلها إلى أرض الواقع .
أذكر أيضا ماقاله البطل محمد المصري عندما ألتقيته أثناء التجهيز لكتابي " قاهر الدبابات " الذي يحكي كفاحه فهو صاحب الرقم القياسي العالمي في تدمير الدبابات حيث تمكن خلال معارك أكتوبر 1973 م من تدمير 27 دبابة بثلاثين صاروخ منها دبابة عساف ياجوري قائد اللواء 190 مدرع الإسرائيلي .. البطل محمد المصري قال : أثناء معارك أكتوبر كنا في وادي النخيل وكان زميلي شفيق فخري سوريال ماهرا في تسلق النخيل وبعد هدوء المعارك تسلق شفيق نخلة لأجل إحضار البلح لنتغذي به وفجأة سمعت طلقات نيران وشاهدت الجزء الأعلى منها " عمة النخلة " يطير في الهواء فأيقنت إستشهاد شفيق فزحفت نحوه فوجدته ملقي على ظهره رافعا سباطة البلح بيدية لأعلى وقال : لا تخف يامصري .. أنا بخير والبلح لم تمسه الرمال .
أيضا تجلت الروح الوطنية العظيمة التي تربط الشعب المصري بروابط لم ولن تسمح لنافخي نيران الفتنة أن ينجحوا في مساعيهم وأغراضهم الدنيئة .. تواصلت الروح العظيمة في بدايات ثورة 25 يناير فقد شاهدت جموع الشعب في التحرير من المسلمين يؤدون الصلوات مع تأمين رفقاء الوطن والدم من إخواننا المسيحيين ونفس الحال عند قيام الأخوة المسيحيين بصلواتهم .
لابد من جلاء الصدأ عن الشخصية المصرية وتقديم ما يسهم في إبراز الجمال الكامن بداخلها وهذا دور الأسرة والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس والعلماء والإعلام .. إن بناء الإنسان أصعب من بناء ناطحة سحاب ..
ياسادة .. الأشخاص إلى الزوال ومصر للخلود .. ليتنا نعرف قيمة الوطن العظيم .. مصر .. م المذكورة في كتاب الله تعالى في أكثر من سورة نتعبد بها حتى تقوم الساعة .. وكنت في حديث أدبي وطني مع الشاعرة والقاصة والروائية ميمي قدري .. كانت حزينة كل الحزن بسبب مايحدث بين المصريين بعضهم البعض وهذا التفرق والشتات ... ذكرت أن التاريخ لن يرحم وسوف يذكر بالفخر والعزة والشرف كل من عمل لصالح مصر وأيضا سوف يكون مصير كل من خرب ودمر وتآمر مزبلة التاريخ ..
إلى كل المصريين وللعالم .. كل العالم ولمصر الحبيبة أقول :
حماكِ اللهُ يا مصرُ ... وأبقاكِ كما الدهرُ
لتعلو مآذنٌ فيك ... ويحيا شعبكِ النسرُ
فلطفُ الطيِرِ ببنيكِ ... وعزتُهم كما الصقرُ
وقاكِ اللهُ أشرارا ... كما الغربان والفأرُ
أينسى الناسُ أمجادا ... وأنتِ المجدُ والذكرُ
بكِ قد تعلو أهرامي ... بكِ يتحققُ النصرُ
أسيرُ هناكَ في الدربِ ... وأنتِ النورُ والطهرُ
وأنتِ نجمةُ الشرقِ ... وأنتِ الحبُّ والدرُ
فأنتِ الدهرُ مذْ بدأَ ... وأنتِ السحرُ والعطرُ
ستبقي أرضنا مصرُ ... ستبقي فجرنا الفجرُ
فإن اللهَ يرعاك ِ... ويعرفُ قدرك القدرُ .
القلب يبكي ويئن نتيجة ما أصاب مصرنا الحبيبة وما تعانيه ويحدث على أرضها .. فماذا أصاب الشخصية المصرية .. وماذا أصابك ياوطن ؟ !!