رسالة عاجلة إلى الأستاذ أحمد معاذ الخطيب

محمد عبد الرازق

لم يَطُل الأمر كثيرًا حتى بدأت بوادر الاعتراف بالائتلاف الوطني في مدن، و بلدات سورية تأتي تباعًا، على غرار ما كان مع المجلس الوطني من قبله.

و ذلك أن القائمين على أمر الحراك الثوري يدركون أنه لابُدَّ من واجهة سياسية تمثلهم، و تقوم بإيصال صوتهم إلى المحيط الخارجي ( عربيًّا، و إقليميًّا، و دوليًّا )؛ فالثورة تقوم على ركيزتين لا غنى عن إحداهما بالأخرى: ( ثورية شعبية، و سياسية نخبوية ).

و كان متوقّعًا من الائتلاف تبعًا لذلك أن يبادر بمدّ الجسور نحو الداخل؛ حيث المشروعيةُ تُعطى له، بموازاة سعيه الحثيث نحو الخارج لنيل الاعتراف الدولي به.

و بذلك يكون قد تجاوز الهنات التي وقع فيها سلفُه ( المجلس الوطني )، عندما اِلتفت إلى الحراك الثوري في الداخل بعد أن فاته القطار؛ و عندها ما عاد يجديه نفعًا ما حظي به من اعتراف دولي في مؤتمرات ( أصدقاء الشعب السوري ) الثلاث: تونس، و اسطتنبول، و باريس. لأن السوريين قد قلبوا له ظهر المِجَنّ؛ فلقد جاء الشتاء بعد الصيف، و لم يصل رسولُه لهم، و لم تعبُر حدود سورية المساعداتُ التي وعدَهم بها.

و لمَّا كاد  حبْلُ الوُدّ أن ينقطعَ بينه، و بين الحراك الثوري خفَّتْ بعض كوادره، و قياداته إلى الداخل سِراعًا؛ عسى أن تعيد الأمور إلى سابق عهدها. و لكن هيهات أن تُصلح هذه الزيارات الخجولة ما أحدثَه عامل الزمن، و الفاقةُ التي ألمَّت بالناس على مدى عشرين شهرًا.

لقد استبشرت قوى الحراك الثوري بشقيه: ( المدني، و المسلح ) خيرًا بالوعود التي أُطلِقَت بمواكبة ولادة الائتلاف الوطني، و تعشموا بها كثيرًا، و بدأت النفوس ترقُب طلائع تلك الوعود، التي ستسدَّ شيئًا من عوزهم، و تمسح على جراحهم، و تُكفكف دموعهم.

لقد أخذوا يرقبون ساعة قدوم قياداته، و ممثليه إلى المدن، و القرى السورية بموازاة وصولهم إلى الدول التي اعترفت بهم، و سمحت لهم بافتتاح مكاتب له في عواصمها. غير أن قد طال، و بدأت النفوس تتململ بعض الشيء، و أخذت الأسئلة في نفوسهم تبحث عن جواب مقنع، يُفسِّر لهم ما يجري مع القوم؛ ممَّا يؤخر قدومهم إليهم.

ها هو الشتاء قد أطبق على السوريين، و لمَّا يشعروا بالدفء الذي وُعِدوا به، و الفاقةُ قد لفتْهم من أخمص أقدامهم حتى مفرق رأسهم، و لمَّا يلمسوا أثرَ المساعدات التي أمّلوا خيرًا بسماع أخبار تدفقها نحوهم. و أمَّا أمر الوعود التي قُطِعَت لكتائب الجيش الحر فالأمر ـــ و اللهُ يشهد على حاله، لم يتزحزح قيد أُنملة ـــ .

أخانا العزيز الأستاذ أحمد معاذ الخطيب: هل سمعت ما صدحت به جماهير ( بنش، و تلبيسة ) في مظاهرات اليوم: 21/ 12/ 2012م؟

لقد كان البث مباشرًا من الأولى عبر ( الجزيرة مباشر )، و كانت الحناجر تصدح: يسقط ... يسقط الائتلاف. جبهةُ النصرة اللهُ يُحييكي. و من الثانية: بالروح بالدم نفديك يا نُصرة.

رجاؤنا أخانا العزيز: أن يبادر الائتلاف بتوجيه من شخصكم الكريم إلى أن يتجّه نحو الداخل السوري، و لاسيَّما في المناطق المحررة، و أن يشعر السوريون به واقعًا ملموسًا على المستويات كلَّها.

فما قيل في مظاهرات اليوم قد يتسع أمره في الجُمَع القادمة، و لن ينفع عندها حلوُ الكلام، و شهْدُ الوعود، و سيلُ التهاني، و الاعتراف بمولودكم الجديد.