رغيف السوريين أخوة الخبز والدم
رغيف السوريين أخوة الخبز والدم
بدر الدين حسن قربي /سوريا
يؤكد النظام السوري يوماً بعد يوم أبعاداً إجرامياً لامثيل لها في العصر الحديث، حتى بمقارنتها مع الجرائم الصهيونية التي نتعبرها كعرب هي الأبلغ والأكبر. نقول هذا الكلام، لأنه يؤكد بصيغة ما أن الصهاينة مع كل إجرامهم هم منه أرحم. فمجزرة دير ياسين تُعتبر أحد أشهر المجازر التاريخية التي ارتكبها الصهاينة بحق أهلنا في فلسطين، والتي قال عنها المؤرخ الفلسطيني في جامعة بير زيت الدكتور صالح عبدالجواد: أنا أجزم اليوم أن عدد شهدائها هو مئة فقط.
وعليه، فإذا علمنا أن عدد ضحايا مجازر النظام السوري المعروفين والمسجّلين من بداية الثورة السورية وحتى تاريخ الثالث والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر هو احدى وخمسون ألفاً، فيهم أربعة آلافٍ من الأطفال ومثلهم من النساء. فهذا يعني أن نظام التشبيح والشبيحة قد ارتكب خمسمئة وعشرة مجازر من مثيل مجزرة دير ياسين، مع تميّز مجازره بالحرق والقصف بطائرات الميغ المقاتلة وغيرها. ومن خلال الدراسة الإحصائية فإن نصف عدد هذه المجازر كان في الأشهر السبعة عشر الأولى للثورة، والنصفَ الثاني كان في الأشهر الأربعة الأخيرة، بمعنى أن النظام الفاشي ضاعف توحشه وإجرامه أربعة أضعاف عمّا كان قبل أشهر أربعة، اعتقاداً منه أن مضاعفة قتل المدنيين والإيغال في سفك دماء الأبرياء لسوف يكسر إرادة السوريين الصامدين والمصرّين على رحيله ونظامه من حياتهم إلى الأبد.
ولتوضيح ماقصدناه، فإننا نستدعي هنا آخر مجازره التي كانت الأحد الماضي التي ذهب ضحيتها قرابة 250 قتيلاً في بلدة حلفايا القريبة من مدينة حماة، كانوا في طوابير الانتظار لرغيف خبز يطعمونه أطفالهم وعوائلهم، قضوا مرةً واحدة من خلال أربعة صواريخ لطائرة ميغ سورية استهدفت تجمع الأهالي أمام الفرن الآلي وحوله، لنقارنها بمئة وستين قتيلاً في ثمانية أيام من حرب متواصلة بكل أنواع الأسلحة على مدار اليوم والليلة، كانت آخر ضحايا العدو الإسرائيلي في تشرين الثاني الماضي في حربه على غزة، والتي عجز فيها أن يحقق فيها ماحققه النظام بدقائق على السوريين.
وبمناسبة استهداف النظام الجزّار لمخبز بلدة حلفايا، تأكيداً لاستمرار مسلسل الإبادة الجماعية للمدنيين وإجرامه في قصف المخابز العادية والأفران الآلية في عموم المدن السورية والتجمعات والطوابير التي تكون أمامها، ليجعل من خبزهم رغيفاً مغمّساً بدمائهم وشاهداً على فظائع جرائمه، فإنّي أستدعي محافظة حلب مثالاً لآتيكم منها بشواهد يمكن أن تتكرر في محافظات ومدن أخرى. فلقد تمّ قصف عدد من المخابز الآلية فيها بالطيران والصواريخ لأحياء قاضي عسكر، وأَغْيُر، وأقيول في آب/أغسطس الماضي، وكذلك الفرن الآلي في مساكن هنانو، والأميري في الصاخور في تشرين الأول/أكتوبر، ومخبز البادي في حي الشعّار/طريق الباب، والفرن الآلي في الفردوس والأدلبي في بستان القصر الشهر الحالي، فضلاً عن قصف المخابز الآلية الضخمة في بلدتي مارع وأتارب واعزاز ودارة عزّة. وهو دمار وقتل جعل من السوريين يدفعون ثمناً هو الأغلى في العالم لرغيف خبزهم ، ليس مالاً أو ذهباً بل أرواحاً ودماءً، ليس أقل من أربعمئة قتيل فضلاً عن مئات الجرحى. أرواح تشكو إلى الله قاتلها، ودماء خضّبت خبز أطفالها وجائعيها تلعن قاتلها، وتؤكّد أخوة الخبز والدم عندهم.
وبالمناسبة أيضاً، أستدعي هنا كلاماً مهماً قاله الشيخ البوطي يبتغي به وجه الله ويلقاه في آخرته، في خطبة الجمعة الأخيرة من رمضان الماضي دعماً لنظام فاشيٍ سفّاح متوحش: إني أعتقد أنه ليس في العالم كله بلد تُطبق الإسلام بحقيقته وجوهره وتعاليمه الكريمة وتسامحه كما تطبقها اليوم الدولة السورية بارك الله بقيادتها وشعبها، لنقول: إذا كان هذا حال السوريين مع تطبيق الإسلام وتعاليمه، فكيف سيكون حالهم مع من لايُطبق الإسلام ولايلتزم بتعاليمه وسماحته..!!