كلمة إلى الشعب السوري ...
كلمة إلى الشعب السوري ...
أحمد معاذ الخطيب
رئيس الائتلاف الوطني السوري
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواننا الكرام ، أخواتنا الكريمات ، أهلنا ، شعبنا الصابر المرابط
عشرون شهرا والثورة المباركة تتحرك من دون توقف ، تواجه هذا النظام المتسلط المتوحش .
لقد فرض النظام حالات معقدة علىينا و على الجميع ، وكان هناك واجب وطني ، علينا جميعا أن نتصدى من أجل حمله .. النظام المتوحش جرّ الشعب جميعا إلى محرقة .. هذا النظام يتكلم في الليل والنهار عن أمور فقدت معناها .. دمّر البلد ، دمر الجيش ، دمر البنية التحتية ، ومضى برعونة يتحدث عن المقاومة ، يتحدث عن الممانعة ، يتحدث عن الكرامة .. وهو الذي أباح كرامة السوريين .. وهو الذي سفك دماءهم ، وهو الذي استباح حرماتهم .. وهو الذي دمر بيوتهم ، وهو الذي نهب اقتصادهم وحياتهم وشردهم وهجّرهم ..
1 – هذا الائتلاف ليست مهمته تقاسم السلطة السياسية ، ولا توازع الكراسي .. الائتلاف هدفه إسقاط النظام الجائر ويحل تلقائيا بعد أول انتخابات حرة تشهدها بلادنا إن شاء الله
حصلنا على اعتراف عدة دول …. هذا الأمر ضروري أيها الإخوة من أجل نيل شرعية دولية
لا بد لإدارة المرحلة القادمة من حكومة انتقالية ، ويتشاور أعضاء الائتلاف مع بقية القوى السورية السياسية والشخصيات الوطنية من أجل بلورتها .
تحتاج بلادنا إلى إغاثة عاجلة ، زرنا دولاً كثيرة ، وعُقدت مؤتمرات كثيرة لم تلبِّ طموحاتنا كما نريد ولكنها خطوات ضرورية من أجل حشد دعم واسع لهذا البلد الذي يستنزف ويهدم وتستباح حرماته .
في نفس الوقت هناك سعي حثيث من أجل بناء هيئة قضائية حتى لا تصبح البلد في حالة فراغ لأن النظام يراهن أمام دول العالم كلها على أن الثوار ، على أنكم يا شعب سوريا العظيم غير قادرين على التعامل مع بعضكم وستكونون وحوشا تفترسون بعضكم ، ولم يدر أنكم أنتم صنعتم الحضارة وأن هذا البلد كان لب العالم وسيكون لبه مرة ثانية.
ولعل بعضكم يعلم أيها الإخوة والأخوات أن هناك هيئات قضائية وشرعية في العديد من المناطق وخصوصا المحررة ، وبعضُها ما زال تحت سلطة النظام يعمل في الليل والنهار لإقامة العدل ولعدم السماح بالفوضى ضمن هذه الظروف الصعبة ، حتى إن بعض الناس اشتكوا على بعض الأفراد الذين نسبوا أنفسهم إلى الجيش الحر ، وحُقق معهم ، واتُّخذت الإجراءات المناسبة بحقهم.
جيشنا الحر أيها الإخوة لا يعتدي على أحد ولا يقتحم البيوت ولا ينهب الممتلكات ، وكل من يفعل ذلك فالجيش الحر منه بريء .
جيشنا الحر ليس جيش مرتزقة ، والذين يتصرفون بالإساءة سيعرف الناس جميعا في يوم من الأيام من هم ، هم لا ينتسبون إليه ولا يحسن بهم أن يحملوا هذا الاسم الكريم .
ثورتنا بدأت سلمية وهي سلمية وستستمر سلمية حتى نهايتها والنظام المتوحش وحده هو الذي أجبر الناس على حمل السلاح ..
2 – هذا أحد الجوانب المهمة أيها الإخوة ، هو دعم جيشنا الحر الذي يتصدى قدر طاقته ، ويشهد الله أنه ما من إنسان في سورية يرضى بأن تدمر بنية الجيش الذي ينتسب إلى السلطة ؛ لأنه الجيش الذي بناه الشعب ، هذا الجيش أيها الإخوة بني بأموالنا وعرقنا ودمائنا ، ويعز علينا أن يهان أي جزء منه ، وأنا أعرف في داخله الكثيرين من الضباط الشرفاء ، ومن العناصر الشجعان الذين ينتظرون اللحظة المناسبة ليلتحقوا بأبناء أمتهم ويشاركوا في رفع الظلم والطغيان عنها .
جيشنا الحر يضم مجموعات عسكرية كثيرة نوصيها جميعاً بتقوى الله سبحانه وتعالى في هذه الأمة . هذه المجموعات واجبها حماية الشعب ، واجبها أن تحافظ على وحدة التراب والشعب السوري ، واجبها أن تحمي كل مكوناته ، واجبها ألا تسمح للفساد ، للنهب ، للسرقة لأن تمتد في أي مكان … والتي نأمل انتظام سلكها في مجلس قيادة عسكرية موحد ، ينظم صفوفها، ويقودها بتأن وحكمة وموضوعية ودقة إلى تحرير البلاد من هذا الظلم المخيم عليها .
3 – الجانب الثالث: الجانب الإغاثي ، الشعب السوري أيها الإخوة له سنتان إلا أشهرا وهو تحت الحصار والقصف والتنكيل والتدمير ، هو لا يطلب صدقة من أحد ، هو يطلب حقوقه من المجتمع الدولي الذي نام قليلا واستيقظ الآن ، ونحن نرحب بكل من يستيقظ ، ونقول له : أدرِكْ وأدّ دورك وواجبك تجاه هذا الشعب قبل أن يفوت الأوان
لن ننسى أبدا الأطفال الثلاثة الذين ماتوا من البرد ، ولن ننسى أحدا في الداخل ولا في الخارج ، لن ننسى أماً ولا أرملة ولا شيخا كبيرا ولا مجاهدا ولا طفلا ولا أختا ولا أخا ، ولا أسيرا ولا معتقلا ولا مطاردا ولا مهاجرا ، لن ننسى أولئك الناس الطيبين الذين لا يريدون في الحياة إلا الحياة الطيبة المسالمة ، فجرّهم النظام جرا إلى هذا الوضع المأساوي غير المسبوق .. أيها الإخوة كل الناس في قلوبنا ولكن كما ترون المهمة ثقيلة والعبء ثقيل ، ولا بد أن نتساعد يدا بيد من أجل إنقاذ هذا البلد .
اعتمدوا أولا على ثقتكم بالله سبحانه وتعالى ، ثم على شعبكم ، وبعد ذلك نرحب بكل مساعدة من الدول المانحة من أجل خدمة قضية شعبنا ، ليس عارا ولا عيبا أن يتلقى شعبنا السوري استحقاقاته الدولية . أنا أقول لكل السوريين في العالم : أنشئوا صناديق لإغاثة سورية وإعادة إعمار سورية ، ليكن هناك صندوق في كل بيت اسمه لبيك يا سورية ، ولنضع من مصروف أولادنا وثمن حليبهم فيه .
ما ينتظر سورية شيء كبير ، وما نريده لسورية شيء عظيم ، ولا بد أن نتضافر جميعاً في صناعته ، وبارك الله بكم جميعاً .
ثقوا أيها الإخوة أن إخوانكم لن يبيعوا أوطانهم ، وأن إخوانكم حريصون على هذا البلد ، ويشهد الله أنني لا أعلم بوجود أي اجتماعات سرية غير الذي اتفقنا عليه ، وغير الذي نذكره للناس على الملأ ، وأي جهة تحاول أن تقايض على هذا البلد فنحن لها إن شاء الله بالمرصاد …
أيها الإخوة أحب العمل إلى الله أدْوَمُه وإن قلّ ، وإن حركة التاريخ إنما تصنعها آلاف الجهود الصغيرة التي لا نلقي لها بالا ، كل واحد منا له دوره ، هناك مجموعات كثيرة تعمل على صعيد واحد لتتلاقَ هذه المجموعات لتضعْ خططا للمستقبل ، لتضعْ خطة وخططا كثيرة للإدارة المدنية ، لتنظيم السير في منطقتها ، لضبط الأمور ، لبناء أفران ، لنقل الخبز ، لتقديم الطحين ، للتواصل ، للإغاثة ، للإسعاف للنجدة ، وأنا أعلم توحش النظام الذي كان يقتل الأطباء لمجرد أنهم كانوا يُغيثون الناس .. كان الحصول على إبرة الكزاز أخطر من الحصول على إبرة المورفين تحت أيدي هذا النظام الفاجر ، كان نقل أكياس من القطن – وكلكم يعلم ذلك أيها الإخوة – كان هذا الأمر أخطر من نقل السلاح ، كانوا يدمرون البنية التحتية للبلد عن عمد وإصرار ..
هناك أمور كثيرة تفعلونها ، حتى الشاعر والفنان عليه أن يبدأ بكتابة قصائد النصر، وعلى المخرج المبدع أن يبدأ كتابة سيناريو انتصار هذا الشعب العظيم ، وإبراز شجاعته وبطولته وصبره لكل العالم .
وليعرف الناس أن هذا الشعب قد ضحى بكل ما يملك من أجل حريته ، ولن يبيعها ولن يتراجع عنها مهما حصل …
وهذا النظام سيرحل ، والله العظيم سوف يرحل ، ولكن أطلب منكم أمرين لا تنسوهما أبدا ، هذان هما من مفاتيح النصر ، أولهما الثقة بالله سبحانه وتعالى ، واللجوء إليه ، وتحت ذلك أن تحبوا بعضكم ، هذان الشرطان إذا اجتمعا أيها الإخوة فثقوا أن النصر قريب ..
تضامنوا تكاتفوا توحدوا ، أحبوا بعضكم ، ليؤثر كل منكم أخاه ، لتؤثر كل مجموعة عسكرية إخوانها ، لينجد كل واحد منكم أخاه .. أنا أعرف الظروف التي تعيشونها ، ولكن تذكروا أننا من الأمة التي كانت تموت من أجل أن تهب باقيها الحياة, هذه هي أمتنا ، وهذا هو شعبنا.
نحن كلنا أيها الإخوة في كل سورية بكل مكوناته ، بكل أفراده وطوائفه وملله ونحله .. عشنا فسيفساء عظيمة ، أعطت الحضارة لونا عجيبا ، لونا رائعا ، لونا لم تبدع الحضارة مثله إلا في قليل من تاريخها الطويل .. هذا المكون أيها الإخوة لن نفقده بمعيتكم ، وسنتابع الطريق من أجله.
أحبوا بعضكم ، تعاونوا في الخير ، كونوا يدا واحدة … وسأخبركم عن أمر آخر ربما تكون هناك مفاجآت ، خطط سياسية لقوى نعرفها أو لا نعرفها ، دواؤها بسيط ، كونوا يدا واحدة عسكريين ومدنيين ، مسلمين ومسيحيين ، علويين ودروزاً ، عربا وأكرادا ، إسماعيليين وآشوريين .. هذا النسيج كله يا أيها الإخوة يعيش في مكون ظلله الإسلام بمعناه الحضاري الواسع وأعطاه لونا فريدا ، وأعطته كل المكونات طعما قلّ نظيره في الأمم .
نحن شعب واحد ، ووحدة التراب والشعب السوري خط أحمر لا يجوز لواحد منا أن يفرط به ..
تذكروا أنه في بدايات القرن العشرين محاولات عديدة لتقسيم سوريا، ورفضها كل الشعب السوري ونزل إلى الشارع بمئات الآلاف ، فتصدى لها وأفشلها ، وإذا جرت أي محاولة لخدش وحدة التراب أوالشعب السوري ، فعلى الشعب كله أن ينزل إلى الشوارع ، وأن يرفض كل مخطط لتقسيمه جاء من أي جهة كانت .
أيها الإخوة ، هذا الشعب العظيم مضى في سيره ، مضى في طريقه ، ولا يجوز أن تضيع أثمان انتصاراته سدى .
أوجه التحية له ، لهذا الشعب العظيم ، لكل فرد فيه ، من إخواننا في حوران العظيمة ، إلى كل قرية في إدلب وحلب ، إلى إخواننا في الجزيرة وفي دير الزور ، وفي الميادين وفي البوكمال ، إلى ريف دمشق المنكوب ، إلى حمص البطولة والجهاد ، إلى حماة الصابرة ، إلى أهلنا في الساحل ، إلى كل جزء من هذا الوطن الحبيب ..
هذا الشعب يستحق ثمن حريته ، فقد دفعها كاملة …
أحيّي كل فرد فيه ..
أحيي المرأة السورية الصابرة المرابطة الكريمة الحرة ..
أحيي أخواتنا الأسيرات ..
أحيي إخواننا في السجون وإخواننا في المنافي والمَهاجر ، وإخواننا في كل مكان ، الذين يحملون همّ الأمة في قلوبهم ..
أحيي كل مكونات الشعب السوري ..
أحيي إخواننا الأكراد الذين كانوا معنا في الطريق ، والذين بدأ النظام بافتراسهم عام 2003 ..
أحيي كل إخواننا الذين تعرضوا للظلم ، وحملوا همّ الأمة في قلوبهم ..
واعلموا أن نصر الله قريب ، وأن هذه الأمة ستنتصر على الظلم والهوان والذل ، وبمعونتكم ويدكم الواحدة أيها الإخوة سنبني سورية مرة ثانية
أستودعكم الله .. والسلام عليكم ورحمة الله