كلمة في المعلّم

صالح محمّد جرّار/جنين فلسطين

[email protected]

الحمد  لله  الّذي  علّم  بالقلم ,  علّم  الإنسان  ما  لم  يعلم   !

سبحـانـك  الـلهـمّ  خـيـرَ   معـلّـمٍ      علّمت بالقلم  القرون  الأولى  !

أخرجتَ  هذا  العقلَ  من ظلماته       وهديته  النّور المبين  سبيلا   !

والصّلاة  والسّلام  على  خاتم  الرّسل ومعلّم  البشريّة ,  سيّدنا  محمّد , وعلى  آله  وصحبه  , ومن تبع هداه  إلى  يوم  الدّين  ,  وبعد ,

حقّاً  -  أيّها  الأحبّة – إنّ  رسالة  المعلّم  أسمى  رسالة  في  الوجود  ,وإنّ  مقامه  لأسمى  مقام , مهما  جحد  ذلك  الجاحدون  , ومهما ادّعى  المبطلون , وانتفش  الفارغون  !!

فطوبى  لمن  مارس  مهنة  التّعليم  برغبة  أكيدة , وأدّاها  بحقّها ما استطاع إلى ذلك  سبيلا  "  لا يكلّف  الله  نفساً  إلاّ وسعها , لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت"

إنّ  المعلّم – أيّها  الأعزّاء – هو  العنصر  الفعّال  في  عملية  التّعليم , فبقدر  ما  يتحلّى  من  إيمانٍ برسالته , وبقدر  ما  يحمل  من  علمٍ وفكر , وبقدر ما يحمل  من محبّة  لتلاميذه , وما أوتي من موهبة  وخبرةٍ , بقدر  ذلك  كلّه , يكون  نجاحه  وأثره  في أبنائه  وطلاّبه . ولا يخفى  عليكم  - أيّها  الأحبّةُ – أنّ  المعلّم  المخلص له  أخلاقٌ خاصّة, فليست مهنته  مجرّد  حشو  الرّؤوس  بالمعلومات , فلا بدّ  لصاحب  العلم  من الالتزام  بالقيم  الخلقيّة  الّتي  جعلته  أهلا لأن  يكون  خليفة  الأنبياء .

ومن أبرز  تلك  القيم  ما يأتي :

أولاً -  الشّعور  بالمسؤوليّة أمام  الله  تعالى , فكلّكم راعٍ , وكلّكم مسؤولٌ  عن  رعيّته .ثانياً -  الحرص  على  تربية  الطّلاب  كما  يأمر  إسلامنا  الحنيف.

ثالثاً –التّوجيه  المستمر , والتّذكير  الدّائم بنكبة  فلسطين , وتكالب  قوى  العدوان  والكفر والصّهيونيّة  العالميّة ومَن يدور  في  فلكها , أقول  التّذكير  الدّائم بتكالب  تلك  القوى  الشّرّيرة , وتآمرهم  على  الإسلام  وأهله وأرضه ومقدّساته  وقيمه  في شتّى  بقاع  الأرض  عامّة , وفي  فلسطين  خاصّة , وينبغي  الحرص على إذكاء  روح  الجهاد  في  سبيل  الله ,  وتحرير الأقصى  الأسير وفلسطين  الغالية , أرض  الآباء  والأجداد  ! 

فالمسجد  الأقصى  ينادي  أمّة     تركتْه  أهون  ما  يكون  مكانا   !!

رابعاً – الأمانة  العلميّة , والعمل  بمقتضى العلم .

خامساً -  الصّبر على تعب  التّعليم  ومشاكله .

سادساً -  الرّفق  بالمتعلِّم والحرص  عليه .

سابعاً – الحرص على توسيع  آفاقه  عامّةً , وفي  تخصصه خاصّة , وحثّ الطّلاب  على هذا الأمر .وإلى آخر  تلك  الفضائل  والقيم الّتي  يرضى  عنها  الله  ورسوله  والمؤمنون .

وأخيراً – والكلام  عن  المعلّم ومهنته  كلام  يطول -  وهناك  قضيّة مهمّة جدّاً  في  حياة  المعلّم  صانع  الأجيال , وهي  قضيّة إنصافه  ورعايته ورعاية  أسرته ماديّاً ومعنويّاً  وصحيّاً  أثناء  عمله , وبعد  تقاعده . فكم  من  معلّم فنِيَ  وهو  حيٌّ , وشاخ  وعجز , وما  في  يديه  ما  يدفع عنه  وطأة  الشّيخوخة , وما  يهوّن  عليه  آلامها  وعجزها , بل  يصير  في  خبر  كان , بعد  أن كان  من  أدوات  التّوكيد  في  فترة  شبابه  وعطائه  !!

والحمد  لله  الّذي ادّخر  لهذا  المعلّم , ولكلّ  مواطن  صالح  أجرَه , فيُوَفاه  يوم القيامة  بغير  حساب .

إنّ  المعلّم  أصل  كل  حضارةٍ     أفلا  يُقَدّرُ  جهدُهُ  ويُصان ؟ !

أعطى  شباب  الجيل  كلَّ  حياته    إنّ  الكريم  على  الزّمان  يُعانُ  !!

وقد  قلتُ  في  قصيدةٍ بمناسبة  احتفال أبواق التّهريج  بيوم  المعلّم :

يوم  المعلّم  يستثير  شجوني        بل  إنّه  يـومٌ   لـنـدب  دفـيـــــــنِ   !

أهـدَوا  إليه  تحيّةً  معـسولـةً         ومع  الـتّحـية  طعـنـة  السّكّـيــــنِ   !

هيّا  انظروه  مضرَّجاً بدمائه        وبَنـُوهُ  في ضـنـْكٍ  وجدب  سنينِ    !

والقائـمـون  يردّدون هـتافـهـم        يـحـيا  الـمعـلّـمُ , فاق  كلَّ  ظنون  !

يا ويلَهم قتلوهُ  جوعاً وانـبرَوا         يتظاهـرون  بدمعــة  الـمـحـزون  !

لو أنّهم صدقوا لأصدر شيخُهم         فتوى المُحِقِّ فـزال  يومُ  حزوني !

لكنّهم  بشموا , فأذهب  عـقـلَهم         ملءُ  البطون  ونهـمةُ  الـمأفـون  !

فإلامَ  يبقى  الجاحدون  لفضلـنا         يتحكّمــون  بنا  كـريـب  منــون ؟!

والفضل  يعرفه  ذووهُ , فمَن  لنا        بعـمـيـد  قـومٍ  فاضـلٍ  مأمـــونِ؟! 

فالـلهَ  نسألُ أن  يُعــِزَّ  ضعـيفـنا         ويُقـيمَ  دولةَ شرعِـنا  المـيـمـون !!