هذه السيدة : ماذا تريد؟!
هذه السيدة : ماذا تريد؟!
أ.د. حلمي محمد القاعود
قادني البحث في جوجل إلى صفحة هذه السيدة على الفيس بوك التي عنوانها : لم يعد صمتي مجرد استسلام بل هو بركان (..) ، فوجدت صورة لامرأة تستخدم حذاءها ( صندل) في ضرب رجل ! لم أفهم سر نشر هذه الصورة في صفحة تلك السيدة ، ولكني أحسست أن هناك حالة من العنف تملأ مفردات الصفحة وعناصرها بدءا من الانحياز للمخلوع وآخر رئيس لوزرائه ، وليس انتهاء بالهجوم على الرئيس مرسي والإخوان المسلمين والشريعة الإسلامية !
لاحظت في تصريحات هذه السيدة التي تداولتها الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية أنها تحمل بغضا شديدا للإسلام دون سبب واضح ، اللهم إلا إذا كان ذلك ردا للجميل (؟) حيث أتاح لها الإسلام أن تتزوج شخصا مسلما كانت زميلته في كلية الطب وأن تنجب منه وتبقى على دينها ، بل وتزوج أحد ولديها من ابنة شقيقها غير المسلم بعد وساطة أحد رموز مبارك مع الكنيسة ، ثم إن المسلمين تفاعلوا مع بعض الدراما التي تكتبها انطلاقا من تسامحهم مع الآخر بلا حدود ..
تفاجئنا السيدة أنه لم يكن هناك ظلم فى عهد المخلوع وأن حرية الرأي والتعبير كانت مكفولة للجميع، كما أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة والاستفتاء على الدستور الأخير كانا أكثر تزويراً من انتخابات مجلس الشعب 2010 التي كانت الشعلة الرئيسية للثورة(؟!) .
وقالت: "البلد كان فيها انضباط والفوضى حصلت لما الشرطة انضربت وكنت متوقعة أن لما مرسى يأتي يعود الانضباط ولكن للأسف لم يحدث هذا". وأضافت " فى حوارها مع برنامج 90 دقيقة الذي يذاع على قناة المحور، مؤكدة أن هناك من يريدون إضعاف البلد وتعجيزها، مشيرة إلى أن صلاحيات الرئيس محمد مرسى ضعف تلك التي كان يمتلكها مبارك.
وتحدثت عن الحركة الوطنية التي تشارك فيها مع الفريق أحمد شفيق المرشح السابق للرئاسة والسياسي محمد أبو حامد ؛ داعية كل من يرغب فى التحول إلى دولة قانون ليبرالية متحررة إلى الانضمام لهذه الحركة .
ورفضت السيدة فكرة ''الجهر بالدين'' فمن يدين بالمسيحية أو الإسلام لا يجب أن يقول في كل مناسبة ''أنا مسيحي أو أنا مسلم'' فكل منا يجب أن يحتفظ بديانته كذلك الملحدين(؟) عليهم ألا يجهروا بمعتقدهم خاصة في الوقت الحالي الذي يشهد''أخونة للدولة'' اخترقت حتى الكتاب المدرسي، مشيرة إلى أن الكتب المدرسية التي طبعت هذا العام في مطابع خاصة كتب عليها'' الإنسان كائن اجتماعي ولا بد أن يعيش في جماعة دينية''،مؤكدة أن المقصود بالجماعة بالطبع هم الإخوان (؟!) .وأكدت حضرتها أن هناك ما يسمى بـ''الإسلام المصري'' و''المسيحية المصرية''،وعندما دخلت الديانتين (؟!) إلى مصر اختلطوا (؟!) بالعادات المصرية،قائلة:'' نرى في كل محافظة مقامات أولياء وأماكن للقديسين، كما أن القداس المصري خليط في تكوينه بين اللغة الفرعونية القديمة والألحان القبطية، فهذه هي مصر وهذا هو الإسلام الوسطي ''.
وكشفت أن هناك تزويرا تم بالفعل ويجب التحقيق فيه، كما أن أمريكا أرسلت أموالا للإخوان لدعمهم في الانتخابات السابقة، مشددة أن مرسي أسوأ من الرئيس السابق مبارك. وتساءلت عن سبب وجود رموز النظام السابق في سجن طرة، مطالبة القضاء بتوضيح سبب اعتقال رموز النظام السابق، مشيرة إلى أن الفساد في مصر لم يكن كبيرا. وهاجمت، خلال تواجدها بقناة المحور، التيار الإسلامي، واصفة إياه بأنه العدو الأول لكل القوى المدنية، وأنه سيكون سبب خراب مصر بأفكاره الرجعية المدعومة من الخارج.
هذا ملخص ما صرحت به السيدة التي تفتح لها الصحف والقنوات مساحات ورقية وزمنية طويلة لتدعي أشياء غير حقيقية ، وتخالف الواقع وتعلن بلا مواربة أن عهد المخلوع لم يكن فيه ظلم ، وأن حرية الرأي والتعبير كانت مكفولة للجميع ! من المؤكد أنها وقومها لم يصبهم ظلم في عهد المخلوع بل كانوا ظالمين ، وأتيحت لهم حرية الرأي والتعبير كما لم تتح لأحد آخر ولو كانت الأغلبية الساحقة ، فالشعب المظلوم عرف المعتقلات التي ضمت عشرات الألوف الذين قضوا زهرة شبابهم بلا محاكمات ولا مساءلة ، وعرف مئات الشهداء الذين قضوا تحت التعذيب ، ومئات الشهداء الذين قتلوا بالرصاص الحي في ثورة يناير ، وآلاف المفقودين الذين قيل إنهم فروا من المعتقلات أو اختفوا ولم يعرف مصيرهم حتى اليوم ، ولو احترق قلب هذه السيدة مثل آلاف الأمهات على أحد ولديها لأدركت أن هناك ظلما محسوسا في عهد سيدها المخلوع .
ويعلم القاصي والداني أن حرية الرأي والتعبير كانت مكفولة فقط لأنصار النظام ومعارضته الكرتونية ، أما المعارضة الحقيقية فقد كانت وراء القضبان ، وأن الصحف القومية والحزبية بل والخاصة كانت حكرا على كتاب الحظيرة ومثقفي النظام وخصوم الإسلام الذين وجد فيهم النظام المستبد الفاشي سلاحا يحميه ويقدمه إلى الغرب بوصفه التابع الأمين الذي يقوم على رعاية التغريب في أحط صوره وأكثرها ابتذالا. ونحن مع السيدة في أن هناك من يريدون إضعاف البلد وتعجيزها، ولكنها لم تبين لنا من هم ؟ وأظنها لا تستطيع أن تقول إنهم هي وسيدها القابع في طره وزعيم حزبها الهارب ، والعصابات التي كانت تجلد الشعب الأسير وتبكي الآن على ما فقدته من نفوذ ، وما كانت تنهبه من أموال الشعب المظلوم ، أما صلاحيات الرئيس محمد مرسى التي هي ضعف ما كان يمتلكه مبارك ، فهذا صحيح ، مع ملاحظة أنه لم يطلب هذه الصلاحيات ، ولكنها آلت إليه من الإعلان المكمل ، ولم يستخدمها إلا فيما يعود على الوطن بالخير ، وسيسلمها بعد إقرار الدستور ، أما سيدها المخلوع فقد تجاوز كل صلاحياته ، وجعل الوطن ملكا له لا ينازعه فيه أحد ، وتحول من خلال امتلاك الوطن ثلاثين عاما إلى الفرعون الإله الذي لا يسأل عما يفعل ، مع أنه كان من العاجزين الفاشلين الذين عدهم العدو كنزا استراتيجيا غير مسبوق !
بقية حديث هذه السيدة عن الانضباط والإسلام المصري والجهر بالدين فلا يستحق التعليق ، وإن كان ينبغي أن تعلم أن مصر كلها مسلمة بالعقيدة أو الحضارة والثقافة .