المعركة الإيرانية على الأرض السورية

حول تصريح القائد الأعلى للحرس الثوري

زهير سالم*

[email protected]

كان تصريح القائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني محمد علي الجعفري عن وجود مستشارين إيرانيين يساعدون على إدارة الحكم في كل من سورية ولبنان بمثابة تفجيرلقنبلة سياسية ، ما كان لتردداتها أن تمر لولا التواطؤ الدولي على تسليم هذين القطرين لإيران كما سلموا لها العراق من قبل .

ويمثل تصريح الجعفري اعترافا ذا أبعاد خطيرة تخرق القانون الدولي ،  وتمس سيادة دولتين عضوين في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وتؤكد إشراف إيران عمليا على حرب الإبادة التي تشنها عصابات الأسد على الشعب السوري ، واشتراكها فيها ، كما تؤكد الدور الإيراني في إشاعة الفتنة في المجتمع اللبناني لضرب أبناء لبنان بعضهم ببعض .

لقد اضطرب الساسة الإيرانيون في رقع الخرق الذي أحدثه التصريح الفج فسارع بعض إلى نفيه أصلا ، وآخرون إلى إعادة تفسيره واتهام الآخرين بتحريفه وسوء توظيفه . وحين طالب السيد ميشيل سليمان رئيس الجمهورية اللبناني تفسيرا من السفير الإيراني في بيروت ( غضنفر ركن أبادي ) ، أبدى السيد السفير عذرا أقبح من الذنب ، حين قال إن تصريح القائد الأعلى كان يخص سورية دون لبنان . ومع ذلك فقد لاذ بشار الأسد الذي ذبح أربعين الف سوري ربعهم من الأطفال والنساء دفاعا عن ( السيادة السورية ) بالصمت . ولم يجد الدبلوماسيون الإيرانيون أنفسهم بحاجة إلى تفسير أو تبرير ما قاله ( القائد الأعلى ) عن سورية . فوجود المندوب السامي الإيراني الذي يحكم سورية مكان رئيسها المنهار نفسيا والذي لا يذوق النوم إلا غرارا لا يمس السيادة السورية بل يدعمها ويعززها ، وقد أصبح هذا الأمر حقيقة واقعة لا ينازع فيها أحد .

ويبقى السؤال المهم عن السر الذي دفع القائد العسكري الثوري إلى كشف ما ينبغي أن يبقى مستورا بإطلاق هذا التصريح الغبي الذي يحرج حكومته ويحرج الراكعين بصمت في عتبات حوزتها ؟! يؤكد القارئون للسياسة الإيرانية أن الركلة الطائشة لم تكن طائشة بالمعنى الدقيق ؛ فهي مع ما تحمله من استهتار صاحبها بما كان يطلق عليه ( القيادة السورية ) ؛ فإن صاحبها أراد أن يبعد الكرة عن مرمى البرنامج النووي الإيراني لينقل الصراع بعيدا إلى الأرض السورية اللبنانية . وأن صاحبها  كمصارع ثيران بارع أراد أن يعلق الستارة الحمراء بعيدا عن الأرض الإيرانية ، لينقل الصراع على الملف النووي الإيراني بعيدا . لقد جاءت الركلة بعد تصريح نتنياهو  أن ستة أشهر تفصل العالم عن تفجير القنبلة النووية الإيرانية . وهو توقيت يحمل في طياته تهديدا واضحا لا يخفى .

من حق السوريين بل من واجبهم أن يؤكدوا استنكارهم  المطلق لتصريحات القائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني . ورفضهم  لهذا العدوان الصريح والسافر على سيادة وطنهم واستقلال قرارهم الوطني .

وأن يؤكدوا أن إيران شريك أساسي في حرب الإبادة التي تشن على الشعب السوري الأعزل . وأن يحملوا قيادة إيران السياسية والعسكرية المسئولية القانونية والأخلاقية عن جميع جرائم الحرب التي تدار على الشعب السوري بإشراف وتنفيذ إيراني مباشر كما صرح السيد الجعفري.

من حق السوريين بل من واجبهم أن يدينوا  كل المبادرات البائسة التي تحاول إشراك النظام الإيراني الضالع في دماء أطفال سورية كشريك إقليمي في حل ما درج البعض على تسميته ( بالأزمة السورية )؛  تهربا منهم من تحمل مسئولياتهم الإسلامية والقومية في الاعتراف بالثورة السورية الوطنية واستحقاقات نصرتها .

إن المطلوب من مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة والجامعة العربية التعامل مع تصريحات الجعفري بما تستحق من اهتمام وبما يترتب عليها من مخاطر ومفاسد ووضع حد للتدخل الإيراني في الشأن السوري . كنا ننتظر أن نسمع تعليقا حقيقيا على تصريح الجعفري من الأمين العام للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ووزراء الخارجية للدول العربية والإسلامية التي تعلن اهتمامها بالشأن السوري.

وسيمضي الشعب السوري في معركة تحرره حتى يسقط كل أشكال الوصاية التي تكشفت أبعادها منذ زمن بعيد ..

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ...

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية