الدلالة الكبيرة لكل ما يتعرض له الإخوان اليوم
الدلالة الكبيرة لكل ما يتعرض له الإخوان اليوم
جمال زواري أحمد ـ الجزائر
إن التلويح بإعدام المرشد العام للإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع والأحكام الهزلية على الرئيس مرسي ومساعديه ومعه كل ما يتعرض له الإخوان، ما هو في الحقيقة إلا استمرار لمنهج الضغط العنيف على الإخوان من أطراف دولية وإقليمية بتنفيذ أيادي محلية مرتزقة، دلالته الكبيرة مفادها أن هذه الأطراف المسيرة للعبة ما يجري في المنطقة لديها قناعة راسخة ــ على ما يبدو أنها وصلت إليها مبكرا حتى قبل وصول الإخوان للحكم ــ بأن هذه الجماعة الكبيرة بقدراتها التنظيمية وبمنهجها الفكري والإصلاحي وبأهدافها وغاياتها وثوابتها، ونجاحها الاستيعابي دائما لعدد كبير من خيرة الكوادر والكفاءات خاصة الشابة منها، وفشل كل مشاريع تفكيكها وإحداث الوقيعة بين قيادتها وجسمها التنظيمي خاصة الجزء الشبابي منه، وعدم النجاح في دفعها إلى العنف وجرها إلى مستنقع المواجهة المسلحة، قلت أن هذه الأطراف جراء كل ذلك وغيره مقتنعة تمام القناعة أن الجماعة تشكل أكبر عقبة وأضخم حجرة في طريق المشاريع الدولية التي تتبناها وتعمل عليها هذه الأطراف والتي يراد بل يتم تنفيذها في المنطقة، وكل ما يجري من أحداث داخل في خطة تنفيذ هذه المشايع، لكن وجود الإخوان كجماعة بل أقول كتنظيم دولي تحديدا يفسد ويعطل ويعوق ذلك، لذلك فإن هذه الأطراف لا تنظر كثيرا لأخطاء الإخوان وقصورهم وتقصيرهم وفشلهم في الحكم أو نجاحهم، بقدر ما هو موقف مبدئي على ما يبدو، بل ينظرون للجماعة في حد ذاتها بطبيعتها وبقدراتها وإمكانياتها وتواجدها.
وفي تصوري لو قبلت الجماعة الأم تحديدا بالانخراط في لعبة التوازنات وتقاسم المنافع لتنفيذ المشاريع الدولية سالفة الذكر كما قبلته أغلب أنظمة المنطقة وعدد من الجماعات والتنظيمات خاصة الشيعية منها، لتم الترحيب بها وبدورها هذا من طرف هذه الأطراف أصحاب هذه المشاريع أكثر من غيرها، ولعل المتابع يلحظ أن الجميع ــ حتى من صنف الإخوان كجماعة إرهابية ويحاربها على ذلك ــ يعلم يقينا أن فكر الإخوان ومبادئهم وتوجههم وطبيعتهم الفكرية والتنظيمية هي معتدلة وتوافقية بعيدة كل البعد عن العنف والإرهاب، بمعنى آخر أن طبيعتها هذه لا تكفي لتبرير استهدافها بهذه الوحشية وهذا الضغط الكبير، لولا أن هناك مبرر أكبر لهذه الأطراف من كل ذلك، في حين تغض هذه الأطراف نفسها الطرف عن مجموعات شيعية مثلا متورطة فعلا في الإرهاب وتمارس ميدانيا الكثير من التطهير العرقي والمذهبي وتملك ترسانة من الأسلحة الثقيلة والخفيفة لا تملكها حتى دول وهي ليست دولة، لكن رغم ذلك لا يتم تصنيفها على أنها إرهابية ولا يتم الالتفات لتجاوزاتها مطلقا بل يتم التنسيق المباشر وغير المباشر معها، لسبب أصبح شبه يقيني لدينا الآن وهو أن هذه الجماعات قبلت الانخراط في لعبة هذه الأطراف صاحبة هذه المشاريع من ناحية، ومن ناحية أخرى أن لهذه الجماعات والتنظيمات جهة واحدة تتحكم فيها وفي قراراتها ومواقفها في الأخير هي إيران، من السهل التنسيق والتفاهم معها في إطار تنفيذ هذه المشاريع في المنطقة، لذلك لا خشية مطلقا حتى من ترسانة هذه الجماعات التسليحية ــ لذلك أدركنا يقينا الآن لماذا سكوت هذه الأطراف الدولية لسنين وما زال هذا الصمت مستمرا عن ترسانة حزب الله من السلاح ــ ، في حين يتم كل هذا الضغط على الإخوان رغم سلميتهم، لأنه في اعتقاد هذه الأطراف أنه لا يمكن أن يتم ضمان انخراط الإخوان بسهولة في هذه اللعبة لتنفيذ مشاريعهم تلك، لأنهم من ناحية لا جهة رسمية في المنطقة يمكنها أن تتدعي أنها تستطيع أن تتحكم فيهم وفي قرارهم وموقفهم أو يمكنها أن توجههم وتوظفهم بشكل سلس ودائم ومضمون، ومن ناحية أخرى أنهم يدركون أن الطبيعة الفكرية والتنظيمية للإخوان وأهدافهم وغاياتهم على مدار تاريخهم ــ والتي تعرفها هذه الأطراف جيداــ لا يمكنها مطلقا أن تسمح لهم بأن يقبلوا أن يقوموا بدور المحلل في المنطقة لمشاريع هذه الأطراف مع ضمان لهم بعض كعكتها، وهو الدور الذي تلعبه الآن بقذارة شديدة للأسف الشديد بعض الأنظمة والجماعات خاصة التي صدعت رؤوسنا لسنين بخطاب المقاومة والموت لأمريكا ولإسرائيل وغيرها من لغة الخشب التي فضحتها الأحداث.
هذا في اعتقادي هو الفيصل بين الإخوان وغيرهم، وهذه هي الدلالة الكبيرة لكل ما يتعرض له الإخوان من هجمة شرسة لا مثيل لها وضغط عنيف، ولا علاقة مطلقا لذلك بفشلهم أو نجاحهم، خطأهم أو صوابهم، يقظتهم أو غفلتهم.