صناعة الهيبة
أحمد زيزان
من الأمراض النفسية الخطيرة عند البشر التكبّر، والتكبّر: هو شعور النفس بالاستعلاء على الآخرين، وإشعارهم بالامتياز على الأقران، وهذا يتسبب إلى خلق العديد من المشاكل، فهم يحاولون صناعة الهيبة أمام الناس حيث يشعرون بأنفسهم أنهم أقل من غيرهم بكثير من الأمور.
والله سبحانه وتعالى حرم هذه الصفة .. عن عِيَاضِ بنِ حِمَارٍ رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: « إِن اللَّه أَوحَى إِليَّ أَنْ تَواضَعُوا حتى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلى أَحدٍ، ولا يَبغِيَ أَحَدٌ على أَحَدٍ » رواه مسلم.
وقال الله تعالى عن التكبر ﴿ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ * لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ﴾ [النحل: 22- 23]. .. نرى في هذه الآية خطورة التكبر وعدم التواضع .. لكن للأســــف الشديــد يغفل العديد من الناس عنها وأيضاً قال تعالى ﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ [لقمان: 18 - 19].
ما أجمل دين الإسلام الذي يحثّنا على أمور ترفع من شأن الإنسان، وتزيد من وقاره، وترفع من قدره .. حيث أن أوامر الإسلام حين نطبقها ننال حبّ الناس، ونكبر في أعينهم، ويسود الحب بين الجميع .. وتقلّ المشاكل والقيل والقال.
وقفة تفكر وتأمل:
لو خرجنا إلى الفضاء الخارجي .. وابتعدنا كثيراً كثيراً .. حينها نرى ضخامة وعظمة الكون .. فنرى النجوم والكواكب العملاقة وفوق العملاقة إن هذه الكواكب تعيش ملايين السنين .. ترى إبداعاً وإتقاناً في الخلق ما أعظمك يا الله .. بعد ذلك لو عدنا إلى الكرة الأرضية الصغيرة مقارنة بالكواكب المحيطة بها .. ونرى بعدها أنفسنا .. فرغم صغر حجمنا مقارنة بالعالم الخارجي، فنشاهد المشكلات وتكبّر الناس بعضهم على بعض ومشاجرات وخلافات، وننسى أننا مخلوقين من طين أيضاً.
لو تخيلنا أن هذه الكواكب بشر .. ألا يحق لها أن تتكبّر علينا ؟؟!! ومع ذلك فإن جميع المخلوقات التي خلقها الله تسبح الله ليلاً ونهاراً، وهي مسخّرة لنا، رغم صغر حجمنا .
فالكثير من الناس ينتابهم شعور أن أقرانهم يمتازون عليهم بالشهادات الدراسية والمال على سبيل المثال، وبالتالي تتولد بداخلهم نوع من أنواع الغيرة، فيبدأ هذا الشخص بصناعة الهيبة لنفسه .. فتراه يتكلم باستعلاء، ويتفاخر بأبسط الأشياء التي يمتلكها، وإذا به تصبح عادة في سلوكه الإنساني ويصبح من طبعه التكبّر..
حينها يدخل في دائرة الخطر الرباني الذي نهانا عنه الله سبحانه وتعالى.. ألا وهو الكبر وتصعير الخدّ للناس..
اللهم عافنا من هذه الآفة، وارفع درجاتنا، وزدنا علماً، يا أرحم الراحمين.