معاهد (أبو علي) بوتين لتحفيظ القرآن الكريم
معاهد (أبو علي) بوتين لتحفيظ القرآن الكريم
د
. حمزة رستناوي(1)
كان حافظ الأسد بصفته صانع و مالك سوريا (الحديثة) - كما كان يُقدّم في الخطاب الرسمي للنظام - المصدر الأوحد للمعنى و الشرعيّة في (سوريا الأسد).
فلا ضير أن تكون مسلما متديّنا و لكن تحت عباءة و بما يتلاءم مع شرعيّة النظام الاستبدادي .
و لا ضير أن تكون مسلما (حداثيّا )و لكن تحت عباءة و بما يتلاءم مع شرعية السلطة الاستبداديّة. و كذلك أن تكون مسلما صوفيا أو شيعيّا أو أتكون مسيحيّا متديّنا أو ماركسيّا أو ناصريّا أو علمانيّا أو قوميّا سوريّا أو أي شيء تريده ..الخ و لكن فقط تحت عباءة الولاء للأسد , وأن تكون مُسجّلا ً في أملاكه (سوريّا الأسد).
انطلاقا من هذه السياسة التي خطّها الاسد الاب و سار على منوالها الاسد الابن : انتشرت معاهد الاسد لتحفيظ القرآن الكريم في جميع المحافظات السوريّة , و تم تشجيع الرفاق البعثيين على الدراسة في كلّية الشريعة الاسلامية في دمشق في شروط مع الأفضلية على غيرهم , و تم السماح بمعاهد دينية خاصة كمعهد الفتح في دمشق " الشيخ حسام الدين فرفور" ..و كذلك قام الاسد الابن كجزء من رشوة جماهير المتديّنين في سوريا عقب انطلاق الثورة السورية بإطلاق قناة "سوريا الشام " و برعاية الشيخ البوطي.
(2)
إذا انطلقنا من مقولة أنّ الدين الحيوي - وضمنا الاسلام – هو في جوهره تكريس للقيم الاخلاقية و العدل , فإن سلوكيات النظام السوري في افتتاح معاهد الاسد لتحفيظ القرآن و انشاء القنوات الدينية , و مثابرة الاسد على حضور الاحتفالات الدينية ليست أكثر من استغلال للدين في خدمة الاستبداد.
(3)
يتشارك النظامان السوري و الروسي بصفة الاستبداد , و إن كان الاسد الاب و الابن قد قطعا شوطا كبيرا في استعباد الشعب السوري و احتلال أرضه , فإن فلاديمير بوتين يسير في ذات الطريق و يسعى للتضييق على المعارضة و تقليص مساحة الحريات السياسية , و هذا ما يفسّر ربّما جزئيا عدم اكتراث بوتن بضحايا الممارسات الوحشية للنظام السوري , و المضي في دعمه, و كلا النظامين – كأي نظام استبدادي - يسعيان لتوظيف الدين لخدمة الاستبداد السياسي.
(4)
يشكّل المسلمون حوالي 20 %من سكان الاتحاد الروسي و قد أعلن الأسبوع الماضي عن افتتاح قناة دينية تبثّ من موسكو , و هكذا أمر لا يتم في دولة مثل روسيا دون موافقة السلطة و الرئيس بوتين , و هذا قد يزيد أسهمه بين المسلمين الروس. و إذا قُدِّر لفلاديمير بوتين الاستمرار في ترسيخ ركائز الاستبداد في روسيا على الطريقة الاسدية , فعلينا ترقّب افتتاح معاهد بوتن لتحفيظ القرآن الكريم في جمهوريات و حواضر الاتحاد الروسي ذات الحضور الاسلامي . و لا ضير من افتتاح معاهد بوتن لتحفيظ الكتاب المقدّس بجانبها أيضا , فقد حظي بوتين بدعم من الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي فاز بها ,كما حصل الأسدين على مباركة الكنائس السورية الرسمية , و قد قام بوتين بملاحقات قضائية لمعارضيه و منتقديه كالحكم بالسجن على ثلاث فتيات روسيات قدّمن أغنية مناهضة له , علما أنّه استخدم نجوم الغناء في روسيا للترويج لحملته الانتخابية , مثلا يمكن قراءة هذا الرابط على سبيل المثال:
http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews/2012/08/120816_pussy_riot_verdict.shtml
(5)
على اعتبار أن اسم "بوتين " قد أصبح مُسمّى لعدد من السوريين مع اندلاع الثورة السوريّة , و عقب الموقف الروسيّ في دعم السلطة الاسدية . فإنّ هذا الاسم غدا حيوانا أليفا في ذاكرة السوريين , و لكي تكتمل عرى التعاون و الشراكة الاستراتيجية بين النظامين و الشعبين الصديقين الروسي و السوري فلا عجب أن يسير الزعيم (بوتين) على خطى الاسد , و يستفيد من تجاربه السابقة في افتتاح معاهد ( أبو علي) بوتين لتحفيظ القرآن الكريم .
و بالتأكيد عندئذ سيبادله الاسد الابن التحيّة بأحسن منها , و يفتتح معاهد (أبو علي) بوتن لتحفيظ القرآن الكريم - فرع سوريا , و سيحلم الاسد الابن بدولة حدودها من الفرات إلى البحر , على غرار دويلة جيرانه التي وعد الله – على ذمّة العهد القديم - بها شعب اسرائيل ما بين النهر و البحر.