عوامل نجاح أو فشل المشروعات
م. أسامة الطنطاوي
قال تعالى في محكم تنزيله:
"إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا"...
كثيرا ما تراودنا أفكار في القيام بعمل مشاريع جديدة و مبتكرة وكل امالنا ان تنجح سواء كانت على المستوى الشخصي أو الجماعي، وسواء كانت خيرية أو إغاثية غير ربحية أو كانت مشاريع تجارية أو صناعية هدفها الترابح و الفائدة المادية ، ولكن لربما تأتي الرياح بما لا تشهي السفن ، فما هو السبب وراء ذلك الإخفاق وكيف يمكننا تفاديه مستقبلا؟
و لاشك بأن هناك مجموعة من الاسباب التي تؤدي الي نجاح اي مشروع او فشله اي ان العوامل التي تؤدي لنجاح المشروع هي ذاتها اذا لم تراعي في التخطيط للمشروع سوف تكون هي محور فشله ومن هذه العوامل:
- التفكير بمنطقية في المشروع بمعني ان المشروع مطابق للخبرات الفنية والادارية التي يمتلكها صاحب الفكرة أو المشروع، لان عدم الخبرة الفنية والادارية للمشروع سوف تؤدي تنفيذ وعمل اشياء غير مدروسة قد تؤدي الي خسائر وفشل يعصف بالمشروع.
- وضع بدائل لحل اي مشاكل قد تظهر اثناء تنفيذ المشروع مثال وجود احتياطي نقدي وسيولة مالية اثناء العمل بالمشروع لمقابلة اي مواقف طارئة وغيره من المشكلات الاخرى . .
- الخبرة العملية في اختيار العاملين والشركاء فاذا ما تم اختيار الاكفاء من العاملين والشركاء سوف تنجح سفينة العمل في العبور لبر الامان .
- يجب دراسة المشروعات المشابهة واخذ باسباب نجاح او فشل الاخرين ففي حالة النجاح ما هو النجاح الذي تحقق . وما هي درجات التقدم ؟ هل من الممكن ان ندعم هذا النجاح باكثر مما تحقق في المشروعات السابقة واذا كان هناك فشل فلماذا حدث؟ وكيف نتفادى اسباب الفشل؟
- الاستزادة بالعلم وعالم المعرفة عن كل ما هو جديد لان كل لحظة يظهر الجديد والبدائل الحديثة فاذا لم يوضع ذلك في الاعتبار سوف تفشل الكثير من المشروعات العظيمة.
- تكوين منظمات وتكتلات تحمي المشاريع وترعاها ، لاننا في زمن التكتلات والأستقطاب لإعطاء المزيد من الفرص للتنافس في الاسواق بقوة بشرط الانضمام لتكتلات يوجد لديها عناصر النجاح والخبرة والابتعاد عن كل ما هو من سماته الفشل.
- المشروع غير القائم على دراسات فنية واقتصادية ودراسات علمية وواقعية للجدوى من انشاءه و القيام به ، فإنه سيكون عرضة للفشل لانتهاء زمن العشوائية في العمل.
- اذا لم يتم التخطيط المتعقل للمستقبل والتنبؤ بكل ما هوجديد وما هو متوقع وعمل حساب له سوف تتعرض المشروعات لهزات عنيفة وخسائر فادحة قد تسبب ايقافه في المستقبل. كما إن الاحتيار الجيد لمكان وتوقيت البدء بالمشروع يعد من اهم العوامل للنجاح والإزدهار.
- الاحتفاظ الدائم للسجلات بحيث يمكن الحصول على كل المعلومات عن المشروع من بدايته حتي تاريخه ومن الممكن ان ندرس من خلال السجلات نقاط الضعف والوهن لمعالجتها ونقاط القوة لندعمها لضمان استمرار المشروع و المتابعة الدقيقة للعمل و التعرف على كل مستجدات ومتطلبات العمل لحظة بلحظة.
- الاستعانة بالخبراء والابتعاد عن المجاملات في العمل يضمن لك النجاح و يجب الأهتمام بالتدريب الذاتي وتدريب العاملين في المشروع على فكر وفلسفة تنمية الموارد البشرية ، لان الشكل والمظهر العام للمشروع لا يقلان عن الجوهر ، وكلما كان الاتصال جيد داخل المشروع بين العاملين والادارة وبين العاملين بعضهم مع البعض وبين المشروع وخارجه سوف يكون هناك استثمار ناجح لجميع امكانيات المشروع. وكذلك تبسيط اجراءات العمل وعدم التعقيد لضمان نجاح المشروع واستمراريته.
- يجب تدعيم التمويل وعمل حساب التوسعات في المشروع وعدم التوسع الا بعد دراسات متأنية لضمان النجاح في المشروع ويجب صيان الاصول الثابتة وتقدير الاصول المتغيرة لعمل حسابات ختامية كدليل للتقدم الحادث للتعرف علي القدرات المالية والتدفق المالي للمشروع.
- عدم الافراط في خروج منتجات باجل حتى لا ينمو الدين المعدوم لدي الاخرين مما يكثر من الخسائر ويضخمها. و الاستخدام الدقيق والهادف لراس المال و عدم الدخول في مغامرات غير محسوبة في العمل.
- عدم الاقتراض بدون دراسات واضحة لبيان اهمية هذه القروض من عدمها حتي لا تتراكم الديون . و العمل على اجتذاب الخبرة في التصنيع والتثمين للسلع والخدمات والتسويق لها وغيرها من الانشطة الاخرى والانتاج على قدر المنصرف من الناتج حتي لا يحدث ركود في تسويق المنتجات.
- اذا وجدت ظروف اقتصادية غير مناسبة فيجب التقليص من حجم التعاملات حتي لا يتعرض المشروع لخسائر غير محتملة. والعمل على الأخذ بنظر الأعتبار لأي ركود اقتصادي أو توقع انكماشات الاسواق قبل وقوعها لان لها مؤشرات قد تظهر في الاسواق. كما أن دراسة أذواق واحتياجات المستهلك والسوق بصفة مستمرة تعتبر ضرورة ملحة حتى لا تتعرض المنتجات لركود وخسائر. والاحتفاظ بهامش من الارباح لضمان استمرار المشروع وديمومته ، وصرف النفقات المطلوبة في الوقت المناسب .
- كما إن تمييز وتطوير المنتجات و المخرجات من المشروع عن منتجات الغير بميزات وإضافات ذات قيمة نسبية سواء كان في الشكل والمظهر والجوهر والجودة تكسب القبول و الرضا في الاسواق من الغير من المنافسين الأخرين.
و أخيرا فان االالتزام بآداب وتعاليم ديننا الحنيف في الحض على
اتقان العمل وأن يكون
العاملُ مخلِصاً في عمله لله فيما بينه وبين الله ،
قال
تعالى : (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين )).
وأن يكون
العملُ مبنيّاً على أساس الإيمان والعقيدة الصحيحة ؛
لأن
العمل كالسقف ، والعقيدة كالأساس ،
حيث قال
تعالى : (( من عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ ))
، فجعل الإيمان قيداً في ذلك .
وما أحوجنا اليوم إلى المشاريع ذات المنفعة التي تطال عموم المسلمين و تلبي احتياجاتهم و متطلباتهم المستجدة ، و تساهم في إعمار ديارهم و الإرتقاء بنمط حياتهم و مجتمعاتهم بعيدا عن المصالح الضيقة والربح السريع الذي يفتقد الى الاستمرارية والاستدامة والعطاء .