بناء التغيير
د. سماح هدايا
تظهر، واضحة، خلف خشبة مشهد الدم على الواقع السوري الثوري، مواقف كثيرة مثيرة للدهشة والاستغراب فيها غلو في الاستخفاف بالدم السوري والسعي الغبي لإجهاض ثورة الأحرار. لكن لا خوف منها؛ فطبيعيّة تلك المتناقضات التي تظهر، بحدّة، في الواقع السّوري في ظل التغيير الثوري؛ لأنّها تحرق الأسماء الكاذبة وتنظّف الواقع تمهيداً لانتصار الثورة.
الثورة تهزّ الواقع وتقلّبه وتغيّره ثم تغربله. لذلك فمن المتوقّع مواجهتها بوحشية مكثّفة من طرف النظام الذي قامت الثورة لإسقاطه بعد أن امتدّ إرهابه على عقود، وشمل ملايين البشر أرواحا وعقولا ومصائر. لذلك لا مسوّغ، لأن نفف عاجزين عن الثقة بالغد.... فالتّغيير هو حق تاريخي، لا يمكن إيقافه؛ فليس هناك قوة تقف في وجهه عندما يحين أوانه. وقد حان.
إيمان الإنسان بقوة التّغيير التّاريخيّة، خصوصا المتعلّقة بمصائر الأمم والشّعوب، لا يجعله مصدوما بحالات السّقوط المتوالية لكثير من الرموز السّياسيّة والثقافيّة والفكريّة والدينية والفنيّة التي كانت تمثّل، طويلا، جزءاً من مرحلة تاريخيّة سياسية اجتماعيّة، قي ظل النظام السوري الاستبدادي القمعي الإفسادي الذي احتكر كلّ شيء. ولن يعقد الاندهاش والاستغراب العقل واللسان أمام مشهد سقوط الرموز البراقة؛ س التماعها هو التماع الذهب الأصيل، بل هي مزيفة، تمارس أدواراً تزّوق النظام، وتحمل فكراً يريده النظام، ورؤية يرغب في تحقّقها. ولذلك جاءت مواقفها، مثلما أعدّ لها النظام، ودفاعا عما كسبته منه أو على هامشه؛فكثيرون ممن كانوا يتصدرون قائمة الكفاح ضد الظلم والطغيان، وكثيرون، ممن كانوا ينظمون أدب الحرية، أو يمارسون في السينما والدراما والمسرح فن البطولات؛ وكثيرون من رجال الفضيلة والأمر بالمعروف، هم المدافعون بشراسة ووقاحة عن جرائم النظام وشرعيته.س التماعها هو التماع الذهب الأصيل، بل هي مزيفة، تمارس أدواراً تزّوق النظام، وتحمل فكراً يريده النظام، ورؤية يرغب في تحقّقها. ولذلك جاءت مواقفها، مثلما أعدّ لها النظام، ودفاعا عما كسبته منه أو على هامشه؛فكثيرون ممن كانوا يتصدرون قائمة الكفاح ضد الظلم والطغيان، وكثيرون، ممن كانوا ينظمون أدب الحرية، أو يمارسون في السينما والدراما والمسرح فن البطولات؛ وكثيرون من رجال الفضيلة والأمر بالمعروف، هم المدافعون بشراسة ووقاحة عن جرائم النظام وشرعيتهفليس التماعها هو التماع الذهب الأصيل، بل هي مزيفة، تمارس أدواراً مختلفة في تجميل النظام، وتحمل فكراً يريده النظام، ورؤية يرغب في تحقّقها. ولذلك جاءت مواقفها، مثلما أعدّ لها النظام، ودفاعا عما كسبته منه أو على هامشه؛ فكثيرون ممن كانوا يتصدرون قائمة الكفاح ضد الظلم والطغيان، وكثيرون، ممن كانوا ينظمون أدب الحرية، أو يمارسون في السينما والدراما والمسرح فن البطولات؛ وكثيرون من رجال الفضيلة والأمر بالمعروف، هم المدافعون بشراسة ووقاحة عن جرائم النظام وشرعيته.
إنّ سقوط النظام السياسي هو، بالضّرورة، سقوط الأنظمة الثقافية والفكرية والدّينية والفنّية المرتبطة به، ومن ثَمّ سقوط رموزه التي تمثّل مرحلته وطبيعتها. كلّ ما عايشه الشعب في تلك المرحلة السّياسيّة المشؤومة داخل كثيرٍ من الشّاشات والفضائيّات والكتب والرّوايات والشّعارات والبيانات من بطولات "القباضايات" والمعارك الوطتيّة الافتراضية، ومن ترويج مفاهيم الإرهاب الإسلامي في الشارع السّوري، وإرهاب العقل
الديني، بعيدا عن الهموم الحقيقيّة للإنسان والجماعة على أرض الواقع والمجتمع.. يهدف التشكيك بالكيان التاريخي الواقعي للمجتمع، وإبعاد النظر عن رؤية الموضوع الأصل ومعالجته، وهو الإرهاب السياسي، الذي يمثل جذر كل أنواع الإرهاب والذّل في واقعنا ومسالك أفعالنا. كما يهدف إلى تهيئة الوضغ لإشاعة مناخ المؤامرة الإسلاميّة التي تحيط بالمجتمع السوري، من أجل محاربة الثورة والمقاومة بحجّة محاربة الإرهاب والسّلفيين المسلحين.
قد دعم النّظام السّياسي السّوري بشدّة، الدعوات الفوضويّة تحت موجات ما سمي، زوراً، بالحداثة والتّجريب الذاتي في مجالات الفن والأدب والفكر، لا بهدف تشجيع المعرفة والإبداع والثّقافة، بل، كما يظهر الواقع الآن، بهدف تشجيع التشنج الإثني الخطير وإشاعة الفكر الانعزالي التفتيتي في كلّ المواقع. وليس فسح المجال واسعاً أمام الفنون والآداب، في مجال فوضى الحريّة، يهدف إلى خلق مناخات الحريّة الحقيقيّة، بل يهدف التحريض على الفوضى، من أجل الوقوع في مصيدة معالجة الأمور السّطحيّة أو النّمطيّة والعبثية البعيدة عن الوعي المسؤول، خصوصاً فيما يتعلّق بقضايا الحريات الفرديّة وحرية النساء التي ظلت تختبىء في القشور لا في اللبّ، متوارية عن وعي المواطنة الحقيقيّة. وذلك من أجل كسر كثيرٍ من قواعد البناء المجتمعي. وقطعاً، يقع في الموقع، نفسه، تشجيع الفكر الدّيني المداهن الذي يبارك منظومة الاستبداد ورأسها المدّبر، ويبارك أفعال الاستبداد. بينما كانت، في الوقت نفسه، موضوعات الحريّة السياسيّة الوطنيّة، وحريّة الرّأي السّياسي، وموضوعات العدالة الاجتماعيّة والكرامة، مخنوقة وغائبة عن أرض الواقع.
وباختصار، فإنّ حالات الانحطاط التي سادت في النّظام السّوري والعربي تحت مظلّة الاستبداد والإفساد والتّضليل والتّجهيل، وتشويه الوعي الوطني والقيمي والجمالي بأشكال: الابتذال أو الوهم أو الفوضى أو اللاوعي المجتمعي الواقعي، في خارطة كمّ الأفواه الحرّة المعارضة الخارجة عن سرب جيوش النظام؛ هي التي أسّست بقوّة معنوية ومادية وسياسية لارتكاب المجازر في أرجاء سوريّا: في المدن والقرى والضواحي، وفي السّجون السياسيّة، بحقّ المعارضين والمنتفضين والثائرين والمطالبين بالحريّة والعدالة والمواطنة ودولة الحضارة والمدنيّة، وبحقّ الأطفال والشيوخ والمدنيين. ..
المتناقضات المتناحرة على الساحة السورية ضرورية ومهمة لأنها ستسهم بسقوط رموز مرحلة الاستبداد العنصرية. فهؤلاء كانوا في خدمة تلك المرحلة التاريخيّة، وكانوا، بوعي أو بلا وعي، جزءاً من أركانها القائمة. لكنّ التغيير هو الحق التاريخي ولن يتوقف قبل أن ينجز نتائجه الحقيقية المذهلة.