الكرة الدمشقية في اللعبة الدولية على بطولات الثورة الشعبية

نبيل شبيب

الكرة الدمشقية في اللعبة الدولية

على بطولات الثورة الشعبية

ورسالة من حرائر وبنات حيّ الميدان

نبيل شبيب

الكلام للأهل داخل الوطن.. لا سيما في دمشق..

والأهلُ في الوطن لا سيما داخل دمشق لا يستطيعون القراءة، فهم مشغولون بجراحاتهم الثخينة وقد أصبح القصف الأسدي المتواصل ليلا ونهارا في مختلف أنحاء المدينة -وفي مدن ومحافظات أخرى- لا سيما في القابون التي نقل بعض أهلنا في دمشق أن أحوالها أشبه بأحوال بابا عمرو، يوم وجهت العصابات الأسدية إليها أقصى درجات الهجوم الغادر الفاجر، وفي حيّ الميدان.. أعرق أحياء أقدم مدينة في التاريخ.

الكلام للأهل داخل الوطن عمّا يدور خارج الوطن، وقد تعددت مسارحه ما بين موسكو ونيويورك، وبكين واسطنبول، ولندن والقاهرة.. ومن يتابعه بتفاصيله يمكن أن يضيع، لولا أنه أمكن حفظه عن ظهر قلب، فهو يكرّر بألفاظ جديدة مضامين قديمة، كانت تدور قبل شهور، وما زالت تدور حتى اليوم، والحصيلة هي هي لم تتبدّل:

- موسكو وبكين (وطهران مع ذيلها.. في ذيلهما) تريدان أن تجعلا من قضية القتل في سورية معبرا لموقع دولي يشارك في صنع القرار وفي الهيمنة هنا أو هناك..

- العواصم الغربية تتخذ من موسكو وبكين ذريعة كيلا تصنع شبيه ما سبق أن صنعته مرارا لأسباب أقل بكثير مما تشهده سورية هذه الأيام، ولكن أقل بكثير مما كانت تقتضيه المصالح والمطامع الذاتية لتلك العواصم..

- العواصم العربية -أو بعضها- سبق أن سلّمت صناعة القرار للعواصم الدولية، ومنها ما يتحرّك بتقديم القليل من الدعم الضروري للكتائب الحرة داخل الوطن لتتمكن من أداء واجبها -هذا هو الأصل- أو في حدود ما لا يكفي لأداء الواجب -بغض النظر عن الأسباب- أي لا يؤدّي إلى حسم نهائي لمجرى الأحداث (التي يسمونها معارك) وإلى إسقاط بقايا العصابات الفاجرة المتسلّطة..

- المتحدثون تحت عناوين سياسية (معارضة) خارج الوطن يولون وجوههم وأدبارهم إلى عاصمة بعد أخرى من العواصم الدولية والعربية، ويحملون تحت إبطهم أو على ألسنتهم ما كانوا يحملونه منذ شهور وشهور، وكأنهم يصرّون على عدم تبديله إلى أن تنتهي أحداث الثورة إلى انتصار ذاتي، فيحصلون على نصيب من كعكة الانتصار الذاتي..

. . .

با أهلنا داخل الوطن.. أنتم أعلم من أي صاحب قلم أو لسان يقول لكم من خارج الوطن: لا نصير لكم إلا الله، ولا يمكن أن تعتمدوا إلا على أنفسكم، ولا يوجد أحد يدعمكم من خارج حدود وطنكم.. إلا قلّة من المخلصين بإمكانات محدودة، وإن كان مفعولها كبيرا فور وصولها إلى أيديكم، بفضل صمودكم وثباتكم..

يا أهلنا داخل الوطن.. لقد أدركتم ذلك وهو ما تنطق به حناجركم وتشهد عليه بطولاتكم وتضحياتكم، وبقدر ما يزداد المجرم الهمجي شراسة في قمعه تزداد قدراتكم على تركيعه والقضاء عليه من خلال تلاقي ضرباتكم ما بين دير الزور ودرعا، ودمشق وحلب، واللاذقية وحمص، وحماة وإدلب.. وبقدر ما تتمكنون (وأنتم قادرون على ذلك فقد صنعتم معجزات عديدة في مسار الثورة) من التعاون والتنسيق..

يا أهلنا داخل الوطن.. يا من سارعتم إلى نجدة بعضكم بعضا ما بين المحافظات والمدن، وتسارعون هذه الأيام (كما كان في مدن عديدة من قبل) إلى نجدة بعضكم بعضا في أحياء دمشق وريفها.. ستنتصرون معا، بقدر ما ينجد بعضكم بعضا، من مدنيين ومسلّحين، من عمال وتجار، من موظفين وطلبة، من رجال ونساء، من فتية وشيبة.. وقد لا يملك لكم المخلصون خارج الوطن سوى الدعاء.. والكلام.. وبعض الفعاليات.. وبعض المعونات.. ولكن معكم قوّة الله جلّ جلاله، ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز..

. . .

لم يكن أحد يتصوّر لحظة اندلاع الثورة قبل 17 شهرا أنّها ستصل إلى ما وصلت إليه الآن..

ولم يكن أحد يتصوّر لحظة اندلاع الأحداث الأخيرة في دمشق.. أنها ستتواصل وتتصاعد في الأيام التالية.. على النحو الذي نشهده.. وقد اضطرت العصابات الهمجية إلى استخدام كلّ ما بقي لديها من قوّة لإخماد ثورة يستحيل إخمادها، فهي بين خيارين: النصر.. أو النصر، ويدرك المجرمون الآثمون ذلك ولهذا يزدادون إثما يوما بعد يوم، جنونا وانتقاما، ويلجؤون إلى السلاح الجوي.. فيرصدون كيف يتحرّر منه الرافضون أن يكونوا أداة قتل لبني وطنهم، مثلما صنع ذلك من قبل كثير من الأحرار، من سلاح المشاة وسلاح الدبابات وسلاح المدرعات وبعض أجهزة المخابرات القمعية.. بل باتوا من شدّة يأسهم يلجؤون إلى تحويل الأسلحة الثقيلة من الجبهة (جبهة تحرير الجولان!!) ليضربوا بها اللاجئين من الجولان إلى الجبل الأسود، الثائرين مع إخوانهم في قلب دمشق..

لقد كتبوا على أنفسهم أن يخوضوا معركة بقاء أو فناء، ولا نهاية لهم سوى الفناء.

كتبوا على أنفسهم الإجرام الهمجي لكسر إرادة الشعب.. وسينكسر الإجرام الهمجي وتنتصر إرادة الشعب.

حصيلة مسار الثورة هو النصر.. ولا شيء سوى النصر مهما بلغت التضحيات فقد أصبحت البطولات (الأسطورية كما يقال) بحجم التضحيات.. وأكبر من القمع الهمجي.

لا قلق على الثورة وانتصارها، رغم اللعبة الدولية، ورغم تفاوت القوى بين السفاح والضحية، ولكن القلق الأكبر على مصير أولئك الذين يجب أن يؤدوا واجبهم في هذه المرحلة الحاسمة من مسار الثورة..

فيا أيها العلماء الصادقون المخلصون.. أنتم (قادة) الثورة بقدر ما تعبر مواقفكم عن موقع القيادة -الآن- تعبيرا قويا صريحا وفاعلا..

ويا أيها المفكرون والكتاب (وسواهم من النخب!..) لن تكونوا على طريق الثورة دون أن توظفوا طاقاتكم -الآن- من أجل نصرة الثورة..

ويا أيها التجار ورجال الأعمال.. يا أيها النقابيون والأطباء والموظفون.. يا أيها المغتربون ممن أخرجتكم أحداث الثورة من الوطن.. وممن تعيشون في المغتربات منذ سنين وسنين حتى صار لكم أولاد وأحفاد لم يروا أرض الوطن حتى اليوم..

أنتم جميعا الخاسرون.. خاسرون بقدر تردّدكم عن التحرك وتحريك من تستطيعون.. ومنكم ثلّة من الفائزين الكاسبين، بفضل دماء الشهداء ومعاناة الأحياء في الوطن.. شريطة أن تنصروهم حق النصرة..

لقد أصبحت العصابات الهمجية المتسلّطة على الوطن وأهله كتلة لا يمكن التمييز بين أجسادها وهياكل الدبابات والطائرات والمدفعية والرشاشات وقضبان الزنازن والمعتقلات.. فلا تكونوا جزءا لا يتجزّأ من لعبة دولية تدور حول نفسها، وتعدّ الشهداء والمذابح.. وتدين المجرم أو تدافع عنه، وفي الحالتين لا تعمل على إسقاطه كما ينبغي.. فهل تعملون؟..

إليكم أنتم تتوجه بنات حي الميدان في دمشق (كما هو الحال مع سواهنّ) بهذه الكلمات (الموجّهة في الأصل إلى الثوار وكأنّ اليأس من سواهم بلغ مداه!)..  وقد وصلت صباح الأربعاء 18/7/2012م.. فما أنتم فاعلون.. ولئن لم تجيبوهنّ بما هنّ جديرات به.. فبم تجيبون ربّ العالمين يوم تقفون بين يديه، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم؟!..

تقول الرسالة:

(إلى ثوارنا وشبابنا الأبطال: نحن بنات الميدان نناشدكم بالله ألا تؤتى أعراضنا من قبلكم، فإن أي معصية أو تخاذل أو تراجع أو أي تهاون منكم في حمايتنا والذود عن شرفنا وعرضنا ستكون عاقبته وخيمة علينا من قبل شبيحة الوحش الظالم وأعوانه المتعطشين لدمائنا وأعراضنا....... لذلك أنتم بعد الله حصننا وحمايتنا..... ونقول لكم بكل عزم وإصرار وإرادة إننا معكم.... ندعو لكم.... ودموعنا تذرف وأصواتنا تضجّ إلى الله بالدعاء لكم بالنصر والتمكين والحفظ.... وأن يمدّكم الله بأسباب النصر من عنده ويقطع دابر الكافرين.... نصركم الله.... حفظكم الله.... آواكم الله.... أيّدكم الله.. ونفوّض أمورنا إلى الله.... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته....... حرائر وبنات الميدان).