الفارس التاسع عشر

كاظم فنجان الحمامي

الفارس التاسع عشر

كاظم فنجان الحمامي

[email protected]

لا علاقة لموضوعنا هذا بالفيلم الهوليودي المثير الفارس الثالث عشر (The 13th warrior), الذي قام بدور البطولة فيه الفنان الأندلسي انطونيو بانديراس,

وكان من أفضل أعماله التمثيلية, التي تناولت (بمصداقية) شخصية الفارس العربي (أحمد بن فضلان), بنبله وشجاعته وذكائه وصلابته وشهامته, على عكس ما فعله مجلس الفرسان التسعة عشر في مصر بعد سقوط نظام مبارك, والذين لم يكونوا بالمستوى الذي يؤهلهم لتمثيل الشعب المصري الصابر المكافح, حتى افتضح أمرهم بممارساتهم العبثية, وقراراتهم الارتجالية, التي أسهمت في تعطيل إجراءات نقل السلطة, وإشعال النيران والفتن, واختلاق الأزمات في حوض النيل, وبدا واضحا إن الفارس التاسع عشر, الذي يقود الآن مجلس (العشرين ناقص واحد), لن يسلم السلطة بهذه البساطة للقوى الديمقراطية المرشحة للفوز بعد الانتخابات, فالفارس التاسع عشر وجماعته لن يفرطوا بالمكتسبات, التي انهالت عليهم عقب انهيار حكم مبارك, وليس أدل على ذلك من تلك الألغام الكثيرة, التي غرسوها في الطريق المؤدي إلى الخلاص من رواسب النظام السابق, ما ينذر بتدهور الأوضاع هناك, وانحرافها نحو إنتاج نظام هلامي هجين, مؤلف من قادة الجيش المصري, وبقايا النظام السابق, والقوى الراديكالية المتطرفة, وسيكون البطش والقوة من ابرز ملامح النظام الجديد, وغاب عن أذهان مجلس الجنرالات التسعة عشر إن الشعب المصري, الذي قال كلمته في ميدان التحرير, ووقف بوجه أخبث الأنظمة العربية, وقدم التضحيات الكبيرة للخلاص من الظلم, لن يسمح بتكرار المأساة, ولن يرضى بغير الانعتاق من الذل, ولن يقف مكتوف الأيدي مهما تعاظمت قوى الشر بملامحها الزئبقية المراوغة, وليس هنالك أدنى شك بان المواجهات المصيرية المرتقبة باتت وشيكة الوقوع, وان العقول المتحجرة التي ماانفكت تفكر باستغلال الظروف وإعادة عقارب الساعة إلى ما كانت عليه قبل الإطاحة بالنظام سوف تحصد الخيبة والفشل الذريع, ولن تفيدها كل محاولات التعطيل والمساومة كي تكون هي الوصية, فلا وصاية لأحد على الشعب المصري, ولا مجال لقبول الفرسان التسعة عشر كامتداد لعهود المماليك والفرنسيين والانجليز, وسيقول الشعب كلمته مرة أخرى, وينهض من جديد ليرسم مفردات إستراتيجيته الجديدة للمرحلة القادمة, ويؤسسها على القواعد الحضارية الناضجة. .

 لم تنبثق المعارضة المصرية من مكاتب الأحزاب العلنية, ولا من أوكار الأحزاب السرية, ولم تخرج من جلباب الأخوان, ولا من أجندات الصبيان, وإنما خرجت بصورتها العفوية, وانطلقت من براكين الغليان الشعبي المتفجر بالغضب, ومن حناجر القلوب المتفاعلة مع ما وصلت إليه الظروف القاسية, فولدت الثورة في الشوارع والميادين والساحات العامة, وهي التي ستعيد إلى مصر توازنها ومكانتها التاريخية وسط الكيانات العربية, التي تتطلع منذ زمن بعيد إلى عودة مصر لمركزها الريادي, وموقعها الحضاري, ولا مكان بعد الآن للفرسان التسعة عشر. .

ومن لم يصدق فليستمع لمصطفى سعيد وهو ينشد بصوته الشجي قصيدة الشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي

منصورة يا مصر مش بجميلة العسكر

إحنا اللي روّحنا بدري بس مش أكتر

">

">

واستمعوا إليه وهو ينشد للشاعر تميم البرغوثي أيضا

يا مصر هانت وبانت كلها كم يوم

نهارنا نادي ونهار النذل مش باين

الدولة مفضلش بيها غير شوية شوم

لو مش مصدق تعالى ع الميدان عاين

">

">