الجزار هو من يمنع المنظمات المختصة والإعلام الحر من التوثيق

الجزار

هو من يمنع المنظمات المختصة والإعلام الحر

من التوثيق ؟!

زهير سالم*

[email protected]

لقد قبل العالم على مدار ما يقرب من خمس مائة يوم أن يتعايش مع قائمة يومية من عشرات الشهداء . ولقد قبل السيد كوفي عنان والمراقبون العاملون بأمره أن يسترسلوا مع مخطط بشار الأسد في إعلانه قبولا لفظيا للمبادرة الأممية دون أن يبدي أي توجه عملي لتنفيذ أي بند من بنودها بما في ذلك وكحد أدنى إيصال مواد الإغاثة الإنسانية إلى مستحقيها .. !!!! لعل السيد كوفي عنان يشرح للرأي العام على أي خلفية عجز حتى الآن عن إيصال قطرة الحليب إلى شفة الرضيع ؟!

ومنذ 25 / 5 / 2012 بدأ بشار الأسد وعصاباته عملية تصعيد رهيبة نفذ خلالها العديد من المجازر البشعة التي لا تقل وحشية وفظاعة عما جرى في الحولة . وفي كل مجزرة من هذه المجازر تتحول القوات الرسمية إلى قوات اقتحام تمهيدي فتقصف وتدمر بأسلحتها الثقيلة لتمهد الطريق لقواعد الأسد البشرية المتوحشة لكي تتقدم على الأرض فتقتحم البيوت على المدنيين العزل الآمنين فتقتل وتذبح الرجال والنساء والأطفال وتنتهك الأعراض وتمثل بالأجساد وتحرق الأخضر واليابس ثم تنسحب ..

يبدو أن العالم قد بدأ بالتعايش مع هذه المجازر على بشاعتها أيضا ، كما تعايش مع أعداد القتلى الذي ظل يتزايد يوما بعد يوم من قبل . بل ظل بعض القوى الدولية الشريكة للنظام في هذه الجرائم بما تقدمه من غطاء ودعم مباشر وغير مباشر يحاول أن يتنصل من المسئولية الأخلاقية والسياسية بترديد ادعاءات النظام الذي ما زال يخترع الأكاذيب حول العصابات المسلحة ويحملها مسئولية جرائمه المسلحة بنوع من الوقاحة والصلف والاستكبار يتجاوز كل حد ...

إنه يجب أن يكون واضحا أن بشار الأسد هو من يتحمل وعصاباته المسئولية الأخلاقية والجنائية والوطنية والسياسية عن كل المجازر التي تقع على أبناء شعبنا . كما يجب أن يجزم جميع العقلاء وبلا تردد أن بشار الأسد وعصاباته هم وحدهم من قام بهذه المجازر . وأن يسقطوا كل ادعاء يغاير هذه الحقيقة أو يحاول الالتفاف عليها  . لأن بشار الأسد وحده هو الذي ما يزال مصرا على استبعاد كل المنظمات الحقوقية الدولية القادرة على توثيق الجريمة والشهادة عليها وتحميل مسئوليتها لمرتكبيها الحقيقيين ، إن كان هناك مرتكبون غير بشار الأسد وعصابته ، إن المستفيد الأول من تغييب الشهود هو المجرم الذي لا يريد لأحد أن يشهد على جريمته ..

السؤال الذي سيظل مطروحا على العقلاء والمخلصين وعلى السفهاء والعملاء أيضا ما الذي يمنع بشار الأسد أن يسمح للمنظمات الإنسانية المختصة ، وللإعلام الحر أن يكونوا حاضرين لتوثيق جرائم يرتكبها معارضو بشار الأسد كما يقول ؟! وما الذي يدفع بشار الأسد وأجهزته الإجرامية أن تؤخر حضور المراقبين الدوليين إلى موقع الحدث في الحولة أو في القبير أو في كل المحافظات التي تجري فيها جرائم مروعة من طراز مجزرة الحولة ..؟!

إنه في ضوء الحقيقة السابقة  يصبح المرددون لدعاوى النظام أو المطالبون بتحقيقات صورية تحت إمرته شركاء في الجريمة يتحملون المسئولية الأخلاقية أمام شعوبهم وأمام التاريخ الدبلوماسي الذي سيسجل مواقفهم في سجل النازيين والفاشيين . إن الذين يؤمنون بالحق وبالحقيقة وبالعدل عليهم أن يقبلوا ابتداء بفتح الأبواب أمام كل الشهود العدول وما أكثرهم في هذا العالم الحر !!

إن على المجتمع الدولي أن يحذر من تداعيات الصمت على المجازر اليومية التي يرتكبها بشار الأسد وعصاباته ضد أبناء المجتمع السوري  . إن تجاهل الدم السوري أو التعامل معه بالطريقة التي يتابعها السوريون يوميا من قبل المجتمع الدولي والقوى الفاعلة فيه ستقود المشهد إلى حيث لا يريد أو يتوقع الكثيرون ..

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية