صباحية مباركة يا عروس
فكرة تدوين التاريخ الاجتماعي الشعبي
عرس أيام زمان
"صباحية مباركة يا عروس"
صالح خريسات
ربما تكون عادة وقوف الناس خلف الباب، منتظرين خروج العريس بالمنديل الأبيض، الذي يثبت عذرية العروس، قد انقرضت بفعل الزمان، وتبدل الأحوال.
فقد تخلى الناس عن هذه العادة، وصاروا يعودون صباح اليوم التالي، للتجمع في منزل والد العريس، يسألون عن الخبر. فيجتمع الرجال في مجلس الرجال، والنساء في مجلس النساء، وقلما يحدث الاختلاط بين الجنسين، وبخاصة في الأيام الأولى من الزواج، المعروفة ‘بـ " أيام المباركة " لحساسية الموضوع، الذي غالبا ما يكون، الزواج، والعلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة.
يقول الرجل للعريس : .. هاه ! كيف شايفها ؟! .. قمحة، ولا شعيرة ؟! .. أو يقول له :.. إن شاء الله طخيت الضبع ؟! .
ويفهم العريس مغزى الكلام، وتكون إجابته بحسب طبعه، ووضعه الاجتماعي والشخصي، بين الرجال. فإذا كان العريس صغير السن نسبياً، فلا شك انه سيخجل من الحديث في هذا الموضوع، و يكتفي بالتبسم. وإذا كان رجلا ناضجاً، فإنه لا يتردد في الإجابة بما يسعفه لسانه، كأن يقول: .. محسوبك زلمة قد حاله، ديك..لا تخاف عليه!! .
وقد لا يتحرج العريس، من الإجابة عن مثل هذه الأسئلة، إجابة صريحة ومباشرة، كأن يقول : .. الله وكيلك طول الليل سهران، خذ وعطي ، خذ وعطي، لمل طلع النهار.. ! .
وبغض النظر عن صيغة إجابة هذا الزوج، فإن قالب الإجابة وحده، يكفي لان يجعل مجلس الرجال، يضج بالضحك، فترى بعضهم يقهقه ويضرب الأرض بقدمه، وبعضهم الآخر، يضرب كفه على فخذه، بينما يكركر الآخرون في مقاعدهم، ثم تتعالى الصيحات، والنداءات، ويحاول كل رجل، أن يعلق على الموضوع، بما يزيد المجلس سروراً، وانبساطاً .
ومثل ذلك يحدث في مجلس النساء، ولكن بشيء من الحذر، خوفاً من أن يصل الكلام، إلى مسامع الرجال .
تقول المرأة للعروس : .. شفتي العسل ؟! هاظا هوه العسل ! أو تقول لها : مال عيونك مقبعات ؟! الظاهر إنك مش نايمه أمبارح ؟!
فتجيبها امرأة من الحضور : .. أي همه الزلام بخلوا المرة تعرف تنام ؟! الله يكون بعون المرة شو بتشوف ليلتها ؟!
فتنبري امرأة ثالثة : .. هاه كيف بدك لعاد ؟! هوه حاط دم قلبه، عشان يتفرج عليها ؟!
وتستمر تعليقات النساء، وتحاول كل امرأة، أن تقول ما عندها، بينما يصمت الجيل الجديد من الفتيات، يسمعن هذا الكلام، الذي نادراً ما يتناهى إلى مسامعهن.
ولا تجيب العروس عن شيء من ذلك، بل تلوذ بالصمت المطبق، وتكتفي بالتبسم لكل من تنظر إليها من النساء، وقد تنهض من المجلس متعذرة، ببعض الواجبات، خاصة إذا احتدم النقاش، وتعالت الأصوات بالضحك والتعليق .
ولاشك أن العروس، تسال من قبل أمها وحماتها، ويكون السؤال بطريقة غير مباشرة، إذ يشفقن عليها من الضعف والحياء، صبيحة يوم عرسها، فقد تسألها أمها عن المنديل الأبيض، و تقول لها :.. المنديل الأبيض، وقد تسألها حماتها، فتقول لها : .. كيف شايفه حالك اليوم ؟! فتجيب العروس : .. الحمد لله ! مليحة !
وهكذا ..!
المصطلحات الشعبية الواردة في المادة:
المنديل الأبيض: قطعة من القماش الأبيض، تستخدمه العروس ليلة الدخلة، فتضعه أسفل فرجها، ليمتص قطرات الدم، الذي يثبت عذريتها، وغالبا ما تحتفظ به لسنوات طويلة، اعتزازا منها بالحفاظ على شرفها
مجلس الرجال : أي مكان يجتمع فيه الرجال للتباحث في أمر ما، ويقابله مجلس النساء.
أيام المباركة: هي الأيام التي تلي كل فرح، وقد تستمر أسبوعا كاملا، حيث يتقاطر الرجال والنساء من أقارب العروسين، إلى منزل العريس، أو إلى منزل والده، لتقديم التهاني والمباركة.
هاه: للانتباه
كيف شايفها: كيف ترى الأمر، أو الحالة التي أنت بها.
قمحة ولا شعيرة: قمحة، حبة قمح، وشعيرة، حبة شعير.هذا مثل يضرب لمعرفة تقدير الشخص للأمر، فالقمح أغلى وأثمن .
طخيت الضبع: طخ، أطلق رصاصة من بندقيته. والمقصود هنا، هل كنت صيادا ماهرا، وأطلقت رصاصة صائبة؟
محسوبك: لفظة للتحبب بين الرجال، ويصد بها، صاحبك الذي هو على حسابك، ويأتي بالأفعال التي تسرك، فأنت تعتز به.
زلمة: لفظة شعبية يقص بها الرجل، وجمعها: زلام، أي رجال.
قد حاله: لفظة تعني القوة والمقدرة على إتيان الأفعال الجيدة.
يكركر: الكركرة، معروفة، وهي نوع من الضحك الشديد.
شفتي العسل: شاف، معناها: أبصر ورأى. وشفتي العسل: تساؤل بمعنى: هل رأيت العسل؟
مقبعات: لفظة يقصد بها انتفاخ جفون العيون، نتيجة السهر، أو الغضب.
هاظا هوه: معناها: هذا هو.
همه: هم.
الزلام: الرجال.
بخلوا: بمعنى يسمحوا.
المرة: المرأة
شو بتشوف ليلتها: ما تراه في ليلة دخلتها.
هاه :للتساؤل والاستغراب.
كيف بدك: كيف تريدي.
لعاد: من العادات .
حاط دم قلبه: حاط: معناها دافع. والمقصود هنا، أن العريس دافع مهر العروس من جيبه الخاص، ومن عرقه ودمه.
عشان: من أجل.
يتفرج: من الفرجة، وهي النظر إلى الأمور الغريبة، غير العادية.
مليحة: من الملاحة. بمعنى جيدة وبخير.