لستُ وحدي أفتديها
لستُ وحدي أفتديها
سالم الزائدي
اللغـة وعـاء الفكر..غذاءٌ للبشرية..مزرعـة العطــاء بلا حدود..تحــدي وإرادة..تاريخ عريق ومستقبل مضيء
اللغة العربية الرابط الأساسي بين الشعوب العربية والإسلامية، هي العمق الاستراتيجي لحضارتنا وهويتنا، هي من أقدم اللغات في العالم وجوداً، وأحدثها إمكانية، وأكثرها أصالة، عبرت عن كثير من المعارف والعلوم والآداب والفكر والفلسفة.
لكن ماذا يحدث ؟ في الأمس تعرضت اللغة العربية وعبر تاريخها الطويل لكثير من محاولات التهميش والاستخفاف والطمس من قبل المستعمر، واليوم تعمل العولمة التي تجتاح البلاد العربية وغيرها من شعوب العالم على ترسيخ اللغات الأجنبية بغية التفاعل مع العلوم والتكنولوجيا على حساب اللغات المحلية.
كما ساهم بعض المستشرقين وغيرهم في التهوين من شأن اللغة العربية واعتبارها لغة أدب وفكر وشعر، وليست لغة علم وهذا غير حقيقي، فعندما نتطلع إلى اللغات الأوروبية وما نقلته في العلم، سنجد الكثير من الكلمات ذات أصل عربي سواء فى الكيمياء أو فى علم النجوم أو علوم الطب أو الرياضيات،كما ساهمت مجموعة آخرى ممن أسمي أفرادها بتلاميذ الغرب في النيل من اللغة العربية حيث أخذوا يهاجمون العربية لأسباب كثيرة ..إما بسبب عدم معرفتهم باللغة أو تحدثهم بلغات أخرى أو لأن محصولهم من اللغة العربية ضعيف. إذن كيف تتهم العربية بالقصور!!
ظهرت العديد من المدارس في البلدان العربية تعتمد مناهج ولغات أجنبية في التدريس مما ساهم في تهميش اللغة العربية لدى جيل فتي ناشىء يبرع في استخدام التكنولوجيا ويتكلم لغة العصر ويعتبر العربية أقل شأناً.
هناك مشكلة أخرى يجب الاهتمام بها ونلفت النظر إلى أهميتها وهي الصحافة والإعلام المرئى والمسموع الذي يساهم بشكل كبير فى انتشار اللهجة الدارجة " العامية "ويؤدي دورا ً كبيرا ًفى الهبوط بمستوى اللغة.
وبالتالي على وسائل الإعلام والمشرفين عليها سواء خاصة أو حكومية أن يدركوا خطورة هذا الأمر وأن يتداركوه .
كما لابد من الانتباه إلى أن هناك أشخاصا ًيسيئـون إلى اللغة عن عمد و يحاربونها لأسباب قد تكون ايديولوجية إجتماعية أو عقائدية. كما لا يسعنا إلا أن ننوه إلى وجود مؤسسات تمول برامج ترفيهيــــــــة وإجتماعية تسعى لتغريب الناس وتزييف الحقائق والسيطرة على الأذهان مما يساهم في بناء أجيال مشوشة يسهل التلاعب بها.
ونذّكر أنه أصبح واجباً علينا من باب الحفاظ على هويتنا أن نولي لغتنا العربية أقصى اهتمامنا مستفيدين من التطور التكنولوجي ووسائل التواصل الحديثة، وزيادة الاهتمام باللغة العربية في مراحل التعليم الأساسي، وداخل المعاهد والجامعات.
ويمكننا زيادة التركيز ومتابعة:
1- العمل على وعي وإيمان الناس بلغتهم الأم وإيمان المثقفين بها وكذلك اهتمام أجهزة الإعلام المختلفة من صحافة وتلفزيون وإذاعة بها والتركيز عليها ونسف كل الصور النمطية عنها.
2- العمل على تقوية وترسيخ اللغة العربية..والبدء بتعليم أطفالنا لغة سليمة ولا ننسى وجود مصادر غنية وتكنولوجيا رائعة تسهل هذه العملية وتجعل من تعلم العربية أمراً ممتعاً ،وحيث أنه يوجد لدينا اتحاد المجامع اللغوية العربية، فما ينقصنا هو الاستعانة بهذه المجامع وإعطاءها سلطة ودوراً أكبر في المحافظة على اللغة العربية وتطويرها.
3- إتخاذ قرار سياسي لكل دولة بأن يكون لـمجمع اللغة العربية سلطة إلزامية على المدارس، المعاهد والجامعات، الهيئات والوزارات وأجهزة الإعلام المختلفة بالتنفيذ.من أجل المحافظة على اللغة العربية من الاندثار والعناية بها وتطويرها ونموها ومسايرتها للعصر واستعمالها فى مناحي الحياة العامة والخاصة. ونشير بالمثال إلى مجمع اللغة الفرنسية " الأكاديمى فرانسيه " الذي له السلطة الكاملة لتغيير أي مصطلح أو كلمة مستخدمة لا تخدم اللغة الفرنسية الأم، وله صفة إلزام الهيئات الرسمية والصحف والمعاهد بما يقره هذا المجمع.
4- تفعيل ودعم مراكز البحث العلمي والجامعات والمنتديات لتقوم بدور أكبر في تسليط الضوء على دور العربية وصلتها بباقي لغات العالم وتطويرها بما يخدم الحداثة والعلم.
وختامه مسك من الانصاف أن نشكر علماء وأساتذة اللغة العربية على جهدهم المتواصل ، ونحمد لهم صبرهم ونشيد بكثير مما قدموه، ونكبر حماسة العديد منهم بل عشقهم لأهمية اللغة وقيمتها وتاريخها وحضارتها..أملاً أن يسهم هذا المقال فى إزالة بعض من الغبش الذي غطى صورة الصلة الوثيقة بيننا وبين اللغة العربية الفصحى لغة القرآن الكريم. ونقول:
أنا لغةُ الأعراب من كل أمةٍ أنا لغة الآداب من سابق الدهر
أنا لغةٌ قد شرف الله قدرها بها أنزل القرآن في ليلة القدر
فقلت لها أهلاً وسهلاً مرحباً عليك سلام الله يا لغة الذكر