نهج التفاعل مع مكوّنات الثورة والمعارضة.. والواقع ..
نهج التفاعل مع مكوّنات الثورة والمعارضة..
والواقع ..
عقاب يحيى
من أشهر طوال، بل منذ أكثر من عامين وعدد من أعضاء الإئتلاف يطرحون ضرورة توسيع قاعدة المشاركة السياسية مع القوى المعارضة الأخرى، ومعظم الحراك الثوري والمسلح ، والمدني.. مع تأكيد متنام على أن اعتراف أزيد من 120 دولة بالإئتلاف ممثلاً للشعب السوري هو معطى مهم، لكنه لن يكون مجسّداً، ومعبّراً عن الحقيقة، والفاعلية ما لم يترجّم الإئتلاف ذلك في عمله، وخطواته، وعلاقته بالأرض ..
ـ لقد حالت عديد الأسباب الذاتية، والموضوعية . تلك الخاصة بتركيبة الإئتلاف وما حمل من مثقلات، وتفرّعات أدّت إلى انهماكه بصراعات ذاتية، واستنزافية، وتكتلية، كان الجانب الانتخابي والتحاصصي الأبرز فيها..مما أبعده عن إنجاز المسائل الرئيسة التي تخصّ جوهر مهامه، وصياغة برنامج العمل، وتجسيد الرؤية السياسية، والبدء الواقعي بعملية إصلاح ومأسسة وتفعيل تضعه في الموقع المأمول، وتجعله قادراً على بناء ميزان للقوى يمكن من خلاله ولوج أي عملية سياسية حقيقية بمقدرة انتزاع الحدّ الطبيعي من حقوق الشعب السوري، وفي مقدمها : البدء الجدّي بعملية الانتقال الديمقراطي، وإنهاء نظام الفساد والاستبداد والفئوية، ووضع رأس النظام وكبار رموز الإجرام خارج تلك العملية ..
ـ وتراكبت مع هذه الأوضاع، بل وتداخلت درجة التأثير الكبير مجموعة التحولات في المواقف الدولية المتصفة بالتنصّل من جلّ الوعود المقدّمة، وانشغال الإدارة الأمريكية بقضايا تبدو جانبية وبعيدة عن اهتمام الثوار السوريين، إن كان في قصة محاربة الإرهاب، او في موقع الملف الإيراني وما ينتج عنه من اتفاقات ومساومات وترضيات غالباً ما ستكون على حساب سورية وثورتها، وباتجاه نوع من تغيير متنام في الموقف من رأس النظام، بله والنظام كله..وبما أوقع الإئتلاف بمزيد الإرباك المانع لقدرة التجاوز، والإمساك بالقضايا الرئيسة، وباستعادة القرار الوطني، وإيقاف الصراعات العبثية، والمجيّرة لهذه الجهة أو تلك..
ـ ومع كل ذلك.. فإن القناعة والتطورات كانتا تدفعان نحو ضرورة فتح الحوار مع القوى المعارضة بلا استثناء.. على قاعدة الإخلاص للوصول إلى توافقات عامة، واضحة، وتكريس ذلك في وثائق مكتوبة تطوّر نهج مؤتمر القاهرة للمعارضة وما أنتج، وتفتح الطريق لإمكانية عقد مؤتمر وطني جامع يمثل محطة مهمة، وواجبة في وضع الواقع السوري على طاولة نقاشه، ورسم خارطة طريق للمخرج..
ـ وبالوقت الذي لاقت هذه الأطروحات قبولاً وتشجيعاً من أطراف معارضة مختلفة.. فإن البعض اعتبرها دلالات خيبة وفشل وضعف.. أؤولئك المشبعين بالعقل الكيدي، الأحادي والاستحوازي والذين يرون في مجمل التحولات الدولية، وفي أوضاع الإئتلاف فرصة للصيد، وضرب عدة عصافير، ومن ثم القفز نحو أمر كان ديدنهم في إيجاد أطر بديلة.. مما أفسح في المجال لالتهاب العقل العصابي، ولوقوع عديد الإئتلافيين بردّ الفعل دفاعاً عمّا يعتبرونه إنجازاً مهماً للثورة السورية لا يجب التفريط به مهما كانت سلبياته، ونقاط ضعفه ...
ـ من جهة أخرى تبدو اللوحة أكثر درامية عند الانتقال من الرغبات الطيّبة، والكلام الإيجابي عن ضرورات اللقاء، والتوافق.. حين تظهر الفجوة ـ الموضوعية ـ كبيرة، وتتسع في النظرة إلى جوهر الحل السياسي وسقوفه، حيث نلامس درجة الإفصاح رأيين، أو نهجين.. الأول يعتبر أن الحل السياسي هو الطريق الوحيد، والسبيل الذي لا بديل عنه لوضع حدّ للماساة السورية المفتوحة والمرشّحة لمزيد التفاعلات، والاحتمالات.. فيزجّ بأكوام من الكلام عن الواقعية، وواقع الناس في الداخل ومعاناتهم، وعن تماسك النظام، وتوجهات المجتمع الدولي ليصل إلى خلاصة " الاقتحام" حتى لو كان على الطريقة الروسية، وبالتنازل المغمغم بقبول الحوار المباشر مع النظام وترك أمر مصير، ومستقبل رأسه وكبار رموزه لقادم التطورات..
الثاني : يعتبر أن وثائق جنيف، خاصة جنيف 1 والبنود الست التي نصّ عليها، وبضمان الشرعية الدولية لتشكيل جسم انتقالي مطلق الصلاحيات يبدأ بتنهيج، وزمن متفق عليه في عملية الانتقال إلى نظام آخر ينهي الحالي وفقاً لجميع البنود الواردة، والخاصة بأجهزة الأمن، والجيش، والحكم، والعدالة الانتقالية.. وطل ذلك لا بدّ ان يكون بعيداً عن مشاركة رأس النظام وكبار رموزه.. لأسباب متداخلة جرى الكثير من التفصيل في موجباتها ....
ـ مع ذلك.. وبالرغم من هذه الفجوة الكبيرة، والمؤثرة، والتي ستقف عائقاً فعلياً أمام الوصول إلى تفاهمات تفصيلية، فإنه يمكن تجميع قوى المعارضة ـ جلّها الفاعل ـ وممثلي الحراك المدني والعسكري والثوري حول خارطة طريق عريضة تسمح لعدد من الوسائل، والمناقلات أن تجد مرتسماتها فيها، بعيداً عن الاتهام ولغة الرشق والتخوين.. وهو أمر ضروري، ومستمر، وعلىالإئتلاف، باعتباره الجسم المعارض الأكبر أن يكون الحامل المهم له، وأن يسعى إلى تحقيقه مع بقية القوى المتلاقية حول جوهر المشتركات المحققة لأهداف الثورة ..أما محاولات التجاوز، والاستحواز فستزيد أوضاع التشتت أوراماً جديدة، واقذف بواقع المعارضة نحو مزيد البعثرة والاحتراب النزيفي .