عشرون جرحاً وأربى
سمر مطير البستنجي
عشرون وأربى..!
وأنا القابعة في الدَرَكِ الأسفل من وجعي.. الملمُ في النهار ما تيسّر مني، وأنعى وفاء الشمس وهي تبعثرُني ألف انكسارٍ وانكسار، وترميني بشررٍ يقُدّ عينيَّ قدّا....واذا جنّ الليل تناولني بكثيرٍ من وصَبٍ ولم يُبقِ منّي سوى أنفاس ساجية لزِمت معبدها تؤدي فيه صلوات القيام في خشوعٍ.. وتراتيل صبرٍ أرهَقتني لولا أن "وبشّر الصابرينَ" تُسعفني.."والكاظمينَ الغيظَ "تُعينني على أحاديث نفسي والشيطان وما يُحيكون..
عشرون ظلماً وأربى..!
وطريقٌ طوييييل موحلٌ تغوص فيه أقدام الشتات حتى الأعماق يلتفّ حول خاصرتي.. عشرون..وأنا أهذي بالجرح حتى ظننت أني سأُدمنه، فاستحال همس الصِبا دندنةَ أنين.. والفرح أمنيات مستحيلات وحنين..حتى أني أشقيت التمنّي،وأجهدت أوصالَ ليتَ ،وكلما فررت من إحداهُنّ تكبلتني عسى.
فيا مُنشئ الوجود من عَدمٍ !
مُدّني بسلسبيل البقاء.. ودعني أنعمُ بالحياة بالصبا وأُنسي .. فلقد أطبقَتْ عليّ الحياة الأخشبين، فمن سيقاسمُني الحِمل والجرح والتأسّي..من سيقاسمُني الجرح يا ربّاه ويأسي..وعلى من سيتكئُ ضَعفي وحِسّي؟
عشرون وجعاً وأربى..!
ودندنات الجراح تهتف مبتهجة بضعفي أن أرانيَ أعصرُ ألماً ودما..وأنّ وشميَ لا يمحوه طبٌّ ولا رُقية..وأن لن تستطيع معيَ صَبرا...
عشرون..!وأنا أصارع الظلم وجرحي... حتى خارت قوايَ وأوشكتُ على السقوط من علٍ، وبقيت أقاوم حتى أُسريَ بي في ذات شتاءٍ عبر سَنا برقٍ جموحٍ تحفّه طبول الرعد انتصاراً على إرادتي الى منفىً قصيّ ،واحتفالات التردّي في أوج اشتعالها.. حتى بلغ مني الوصبُ مبلغه ،وقُدّ صبريَ قدّا.. فعقدت العزم على الصمود، وقررتُ الوقوف على أمري فتبوّأتُ مقعدي من اليقين..وارتدّ اليّ وعيي قريرا..وصَدحتُ ببسملة البداية ودعوة الختام .. أن كُفرا بالمستحيلات ووهني..وان ما عُدّتُ أرجو العفو منكَ يا وجعي... وأن اشتدّي يا جراح ،وليفرِ اشتدادُكِ سلاسل الضعف التي تشدّني نحو الأسفل..وأن سأظلّ أعتنق المقاومة حتى تؤتي أُكلها ..وإلاّ فخوض حياض الموت بشجاعة أرجى من معايشة البطيء..
فيا كاسيَ العظام بعد النشور لحما..!
بك أصول وأجول..فحل بيني وبين توجّسي...وارزقني بشرى تخرجني من عنق زجاجتي بيضاء من غير سوء.. فأنا لم أُفلح في أن أكون قدّيسة أقامت والدنيا عهدا أن تَستنّ الُنُسُكَ عابدة زاهدة..فحنين الصبا يُراهنني أنّ الرّهبنة لديّ ضرب من الجنون..فرغبة العشق تراودني ، وأحلامي تتجاوز مناكب الجوزاء .. وسنواتي تهرب مني فما عاد هناك متسع لوجع آخر يُشغلني..
يا من لا تضيعُ ودائِعه:
لكَ أسلمتُ أمري... فلا تكلني الى وجعي طرفة عين .. وسلّمني من كيدٍ لا يَخفى..ومن جرحٍ لا يَشفى .. ولا تُسلم لمن لا يخشاكَ أمري..
فلقد غدوت من ظلمهم ووهني وفقير حظّي على شَفا حفرة من جَزعي..فارزقني قوة أُقِم بها صُلبي... فلقد غاص الجرح عميقاً حتى تجاوز اللحم والدم واجتهد نشراً بالعظام..
فأعنّي عليهم..على نفسي وأمري.. فإني لِما أنزلتَ إليّ من خيرٍ فقير..
وبوّئنيْ من ضَمائِرهِم مقعدا..
ولتسألنّهُم أجمعين في ديار الحق عنّي ..
لتسألنّهم عن الجرح أجمعين وظلمي...
لتسألنهم عن الجرح أجمعين...
ولتسئلُنّ عن الجرح أجمعين...