مصر تريد رجل ثورة لا رجل دولة
مصر تريد رجل ثورة لا رجل دولة
علاء الدين العرابي
عضو رابطة الإسلام العالمية
يسوق المرشح الرئاسي عمرو موسى نفسه على أنه رجل دولة ، وهناك وسائل إعلامية تسوق الرجل ، في صورة استطلاعات لا يمكننا الحكم على حياديتها فضلا عن الحكم على جدواها في مجتمع يمارس الديمقراطية لأول مرة
ورغم الانتقادات الموجهة للسيد عمرو موسى والتي لاحقته في كثير من جولاته الانتخابية ، وكذلك كم الأسئلة المحرجة التي لم يستطع الإفلات منها بلباقة الدبلوماسي المحنك ، تلك الأسئلة التي ظلت تلاحقه وستظل لأنها أسئلة مشروعة ، فهي تترجم واقع كان فيه أحد أركان النظام السابق ومن أمثلتها : لماذا باركت ترشيح الرئيس المخلوع مبارك ومدحته ؟ 00 لماذا طلبت من الثوار إخلاء الميدان ؟00 والسؤال الأهم ما هي انجازاتك في الخارجية المصرية طيلة عشر سنوات وفي الجامعة العربية مثلها ؟
الواقع يشير إلى أن الرجل كان موظفا في الحالتين ، فمن المعروف أن وزراء مبارك كانوا موظفين عموميين ، ولم يكن من صلاحية أحدهم اتخاذ أي قرار ، فضلا على أن ينسب له انجازات ، هذا إن كان هناك انجازات أصلا
ولندع ذلك كله وندخل في صلب الموضوع ونسأل أنفسنا 00
هل مصر الآن في حاجة إلى رجل دولة ينتسب إلى نظام أفسد ودمر وسرق كل شيء في مصر ، أم هي في حاجة إلى رجل ثورة ؟
وهل قامت الثورة لتأتي للشعب المصري برجل من النظام الذي قامت عليه الثورة كي يحقق الاستقرار لمصر ؟ وهل مصر تحتاج إلى الاستقرار فقط ؟
لقد كنا في عهد الرئيس المخلوع في حالة استقرار ، ولكنه استقرار يشبه استقرار الماء الراكد في المستنقع كل ما فيه وحوله فاسد ، وكان ثمن هذا الاستقرار موت الإنسان المصري الذي لم يكن يساوي غير جرثومة مغمورة في هذا الماء الراكد ، وكان ثمنه فقر وظلم وقهر وتهميش ، وكان ثمنه بيع مقدرات شعب لصالح حفنة من البشر لا يصح أن ينتسبوا إلى الإنسانية
إن الشعب المصري يريد رجل ثورة بالمعنى الحقيقي ، ورجل الثورة له مواصفات منها : أن يكون ثوبه نظيفا لم يتلطخ بفساد النظام السابق ، ولم يشترك يوما فيه ، وأن تكون يده نظيفة لم تتلوث بمال الشعب ولم تتلطخ بدمائه ، وأن يكون له ماض مشرف في محاربة النظام الفاسد ، وأن يكون لديه روح وإرادة ثورية يستمدها من شعب قام بثورة وانتفض لحريته وكرامته ، وأن يكون لديه مشروع نهضة حقيقي ، وليس مجرد اجتهادات أو تصورات ، بشرط ألا يجافي المشروع الواقع ، ولا يفتقد إلى تجليات الحلم 00
فهل تتحقق هذه المواصفات في السيد عمرو موسى
إن تجارب الدول التي نهضت مؤخرا لم تتحقق نهضتها بقيادة رجل دولة بل تحقق نهضتها بقيادة رجل ثورة كان لديه حلم نظر نفسه له ، وناضل من أجله ، " فأوردغان" صاحب نهضة تركيا لم يكن رجل دولة حين تولى حكم تركيا وقادها نحو النهضة ، فلم يكن وزيرا سابقا ، وسجن من أجل قضية وطنه ، ولم يكن رئيس البرازيل وصاحب نهضتها " لولا دي سلفا " رجل دولة بل كان يوما ما عاملا وماسح أحذية ودخل السجن لمواقفه من الحكم العسكري
إنه من السهل أن يتحول رجل الثورة إلى رجل دولة إذا تحول القرار من قرار فردي إلى قرار مؤسسي ، ولكن من الصعب أن يتحول رجل دولة في نظام فاسد إلى رجل ثورة يحقق أهدافها.