رفعت السعيد -2
رفعت السعيد -2
أ.د. حلمي محمد القاعود
ذكرت بعض الأخبار يوم الاثنين23/4/2012 م ، أنه سيقام في اليوم التالي بجامعة أثينا حفل تقليد الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع " توتو " درجة الدكتوراه الفخرية، والسعيد وفقا للخبر هو ثالث مصري يحصل على الدكتوراه الفخرية من هذه الجامعة، فقد سبقه بالحصول عليها كل من أحمد لطفي السيد وطه حسين، وقد نص مرسوم منح هذه الدرجة العلمية الرفيعة – كما يقول الخبر - على أن الدكتور رفعت السعيد قد استحقها لجهده الفكري والعلمي المتواصل فى الدفاع عن الديمقراطية والليبرالية وحرية الاعتقاد وعمله المستمر لتحقيق الوحدة الوطنية فى وطنه مصر. أ . هـ .
الخبر فيه شقان الأول شخصي ، والآخر عام . الأول يعني صاحبه وله أن يقيم الأفراح والليالي الملاح لأن جامعة يونانية كرمته وقدمت له درجة فخرية يتيه بها على الدنيا في مصر المكلومة الحزينة على أبنائها الذين تسيل دماؤهم في الشوارع بين حين وآخر ولا يعرف أحد رسميا من الذي قتلهم ، ويؤخذون من المساجد والشوارع إلى حيث جهنم الحمراء لدى حكامنا الجدد !
أما الآخر ؛ فهو الذي يعني المجتمع المصري ليقوّم هذا التكريم ويضعه في مكانه الصحيح ، فأحمد لطفي السيد كان رافضا للإسلام والعروبة ، وكان محبا للإنجليز الغزاة ، ومواليا لثقافتهم العنصرية الاستعمارية التي تعلى من شأن الأوربي وتقلل من شأن المسلم في أي مكان . ويذكر التاريخ للرجل أنه رفض أن تساعد مصر العربية المسلمة شعب ليبيا العربي المسلم في مقاومته للاستعمار الإيطالي المجرم الذي كان يقتل أهلها ويستبيح دماءهم ويستولي على ثرواتهم ومقدراتهم . أما طه حسين ، فهو الرجل الذي دعا إلى اللحاق بالثقافة الغربية ، والتماهي معها بخيرها وشرها ،وله مواقف عديدة ضد ثقافة بلاده ، وكان كاتب السلطة الأول في العصر الحديث ، وأول من أسند مصر إلى الحاكم : مصر الفاروق في عهد الملكية ، ومصر عبد الناصر في عهد الانقلاب العسكري ، ولم يأخذ موقفا حقيقيا ضد السلطة الاستعمارية أو المحلية المستبدة !
من الطبيعي أن يحصل رفعت السعيد على الدرجة الفخرية من جامعة أثينا فهو ضد الثقافة الوطنية ، أي الإسلامية ، وهو منحاز للغرب العنصري ، وبالطبع فالجامعة اليونانية أو الإغريقية ليست مؤهلة للحكم على جهده العلمي ، فهي لا تقرأ بالعربية كما أعتقد ، ولم تتابع منهجه العلمي الذي أصابه العوار كما أوضح منصور أبو شافعي في كتابه الذي أشرت إليه في المقال السابق ، أما د فاعه عن الديمقراطية والليبرالية وحرية الاعتقاد وعمله المستمر لتحقيق الوحدة الوطنية فى وطنه مصر ، فهي آخر ما يصح أن ينسب إلى رفعت السعيد . لو قيل إنه يدافع عن حرية الشيوعيين وخصوم الإسلام وحريتهم وديمقراطيتهم لكان ذلك أقرب إلى الصواب ، ولكنه للأسف لا يؤمن بالحرية ولا الديمقراطية ولا الليبرالية ولا حرية الاعتقاد ولا الوحدة الوطنية بالمفهوم العام ..
لقد كان رفعت السعيد مواليا للنظام المستبد الفاشي برئاسة حسني مبارك ، الذي عينه في مجلس الشورى ، وقربه إليه وجعله يتصدر المشهد إعلاميا وثقافيا وسياسيا ، وأغدق عليه مقابل نشر ترهاته وأضاليله ومنحه ما لا يستحق من أموال الشعب المصري نظير مساندته للاستبداد وسحقه للإسلام ومطاردته للمسلمين ، ثم إن الرجل كان ضد الحركة السياسية الشعبية التي رفضت الحكم العرفي الظالم وممارساته المعادية للحرية والديمقراطية والوحدة الوطنية .
وأود أن أشير إلى أن رفعت السعيد كان منحازا بطريقة فجة للتمرد الطائفي الذي قاده رئيس الكنيسة الأرثوذكسية ، ضد الدولة وضد الإسلام وضد الوحدة الوطنية ، وكان مقربا من البطريرك ، وكان يتبني دائما وجهة نظر الكنيسة في الحوادث التي كان يصنعها المتمردون الطائفيون ، ولم يكن في يوم من الأيام عنصر توحيد أو تجميع ، ذلك أن موقفه من الإسلام هو موقف الشيوعية الرافضة للدين ، وترى الدين صناعة بشرية ، وليست وحيا إلهيا !
إن موقف رفعت السعيد من الديمقراطية والحرية والوحدة الوطنية يضعه تحت طائلة العقاب ، وليس الثواب ، وما بالك برجل يرى الديمقراطية حكرا على الأقلية ، وليست حقا للأغلبية ؟ إنه يعتقد أن الأغلبية حين تمارس صلاحيتها الديمقراطية ، وفقا لمفهومها الغربي – بلاش الشرقي – فإن ذلك يعني القبض على عنق الوطن ! كما جاء في تصريحه الذي نقلته جريدة الشروق 3/5/2012 م ، الذي قال فيه : إن جماعة الإخوان المسلمين تتملكها رغبة القبض على عنق الوطن، ووضع دستور على ''مقاسها'' ومقاس حلفائها من حزب النور السلفي.
وأضاف ''السعيد'' خلال اتصال هاتفي ببرنامج ''الحياة اليوم'' المذاع على فضائية ''الحياة''، مساء اليوم الجمعة : إن تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور ليس له علاقة بأغلبية البرلمان بل يمثل الوطن كله، مطالباً بضمانات تمنع سيطرة تيار سياسي معين لوضع الدستور.
وفي تصريح آخر نشره موقع مصراوي 27/4/2012 م ، أوضح رئيس حزب التجمع، أن الإخوان من اليوم الأول يريدون نفقاً يصل إلى ما يرضيهم فقط في تشكيل الدستور بمجموعة من الأفراد تم اختيارهم مسبقاً، لكن ذلك لن يرضي القوى السياسية الأخرى !
رفعت السعيد يرى أن الأغلبية التي جاء بها صندوق الانتخابات لا يجوز لها أن تضع الدستور ، ولا يكون لها رأي في تشكيل اللجنة التأسيسية لوضعه ، ولكنها يجب أن تلجأ إلى أمثاله من المرفوضين شعبيا والراسبين في الانتخابات التشريعية ليفرضوا رأيهم المعادي للإسلام والمسلمين في دستور يحكم شعبا مسلما بالعقيدة والحضارة !
والمفارقة العجيبة أن رفعت السعيد يتحدث كثيرا عن الديمقراطية وهو يحارب الديمقراطية . اقرأ مثلا تصريحاته في برنامج إعلامي ، وقد نشرها موقع مصراوي 10/4/2012 م ، تعليقا على ترشح عمر سليمان مدير المخابرات المصرية السابق . قال الموقع :
صرح الدكتور رفعت السعيد ، رئيس حزب التجمع ، في برنامج الحقيقة مع الإعلامي وائل الإبراشي أن الإخوان المسلمين يقودوا (كذا !) مصر إلي ثورة أخرى ، و ذلك ردا علي تصريح الشاطر بأن الإخوان سيقودون ثورة في حاله نجاح عمر سليمان في الانتخابات .
أضاف السعيد إن المصريين ردوا بالديمقراطية وعلي كل المصريين أن يردوا بالديمقراطية (؟) ، وأكد السعيد أن الإخوان المسلمين يريدون مصر كدولة إسلامية لا ديمقراطية ، وأشار إلى أن القانون الذي يحاول البعض طرحه بالعزل السياسي لكل من عينه الرئيس في منصب سياسي خطأ فادح مؤكدا أن الكثير من القضاة تم تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية .
وتأمل تفسيره لقانون عزل الفلول من أنصار النظام المستبد البائد وفقا لما نشره اليوم السابع 20/4/2012:
قال الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي: إن قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي يطالب بعزل رموز النظام السابق من الترشح لرئاسة الجمهورية، به خلل دستوري وفق ما أجمع عليه العديد من الفقهاء الدستوريين، وليس الهدف منه هو عزل الفلول، وإنما إفساح المجال لمرشح التيارات الإسلامية للفوز بانتخابات الرئاسة المقبلة، رغم أن الحزب لا يدعم رموز النظام السابق !
وفي إشارة إلى رفضه للإسلام الذي يكني عنه بالماضي ،أوضح رئيس حزب التجمع، أن التاريخ هو بناء للمستقبل وليس استعادة للماضي، ولذا لابد أن يمثل كل طوائف الشعب فى اللجنة المقبلة المكلفة بوضع الدستور، بعد حل الجمعية التأسيسية التي كان يغلب عليها التيار الإسلامي بشكل واضح، مؤكدا أن تلك التيارات استغلت الأغلبية البرلمانية وهيمنت على الجمعية التأسيسية بصورة مغايرة تماما لمفهوم الدستور.
ويبدو من تصريحات رفعت السعيد أنه ينظر إلى المسلمين في مصر بوصفهم جالية محدودة العدد أو عابرة للوطن لن تقيم فيه طويلا ، ولذا يعلن انزعاجه من الأغلبية البرلمانية الإسلامية .
ترى متى يؤمن السعيد بالديمقراطية والحرية وحق الشعب المصري في حرية الاعتقاد والإعلان عن عقيدته الإسلامية ؟