طريقنا للنهضة
محمود القلعاوي /مصر
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
شقاق لا نهاية له ، تباعد وتدابر وتشاحن وتباغض وتنافر، ترى البعض يعطي ظهره للآخر لا يسمع منه ولا يريد أن يراه ، اختلافات وخلافات ، البعض يريد أن يكون دون نظر إلى غيره ، مع أننا تعلمنا فى صغرنا أن " الاتحاد قوة والتفرق ضعف " ، وصدق ربنا فى قوله :- " إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ " ، وصدق صلى الله عليه وسلم : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يَشُدُّ بعضُه بعضاً – وشبك بين أصابعه " متفق عليه. .. يا سادة وحدتنا طريق نهضتنا
وكما كتب أ . هيثم جواد الحداد :- " إن من أهم عوامل قوة أمة من الأمم ، الاتحاد ، بالاتحاد تنال الأمم مجدها، وتصل إلى مبتغاها، وتعيش حياة آمنة مطمئنة، بالاتحاد، تكون الأمة مرهوبة الجانب، مهيبة الحمى، عزيزة السلطان " .
___________________________________________________
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة خلاف الأمة في العبادات :- " وهذا الأصل العظيم وهو الاعتصام بحبل الله جميعاً، وأن لا نتفرق، هو من أعظم أصول الإسلام، ومما عظمت وصية الله تعالى به في كتابه، ومما عظم ذمه لمن تركه من أهل الكتاب وغيرهم، ومما عظمت به وصية النبي في مواطن عامة أو خاصة، مثل قوله: " عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة " صحيح بن ماجة .
___________________________________________________
إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم :- وهنا يقول فضيلة الشيخ حامد البيتاوي - خطيب المسجد الأقصى المبارك :- " العرب قبل الإسلام لم تكن له دولة و لا وحدة و لا قوة ، بل كانوا قبائل متفرقة متقاتلة ضعيفة كما وصفهم الله عز وجل : " و اذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم " ، ودليل ضعفهم و فرقتهم أن قبائل العرب لم تستطع صد جيش أبرهة الأشرم الذي جاء ليهدم الكعبة المشرفة لكن الله عز وجل أهلك أبرهة وجيشه بالطير الأبابيل ، ولكن لما اعتنق العرب و غيرهم الإسلام توحدوا جميعا لأول مرة ، قال تعالى : " و ألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم ... " ، وما من فترة زمنية توحد فيها المسلمون إلا وعزوا وسادوا و نصرهم الله عز وجل " ..
___________________________________________________
ودعونا نستحضر التاريخ لنرى كيف أن الفرقة طريق الزوال ، يقول أ . هيثم جواد الحداد :- إن التاريخ يشهد أن من أهم أسباب سقوط الدول على اختلاف عقائدها ومللها التفرق والاختلاف، سقطت الخلافة العباسية بعد أن تفرقت الدول الإسلامية في ذلك الوقت، فنشأت الدولة البويهية، والمماليك، ودويلات الشام، ولم يبق للخلافة العباسية إلا مزع متفرقة متناثرة من العالم الإسلامي، فلما زحف المغول إلى بغداد لم يقف في وجه زحفهم غير أهل بغداد فقط، فأعملوا فيهم القتل حتى قتلوا أكثر من ثمانمائة ألف نسمة، كما قال غير واحد من المؤرخين.
وسقطت الدولة الإسلامية في الأندلس بعد أن أصبحت دويلات متفرقة متناحرة، لا همّ لأحدهم سوى التلقب بألقاب الملك والسلطان حتى ولو كان على بقعة لا تجاوز حظيرة خراف.
___________________________________________________
وكتب أ. يحيى بن موسى الزهراني :- إن الإسلام يدعو أهله إلى الألفة والمحبة والمودة ، وتقوية الأواصر ، والتفاني من أجل خدمة المسلم لأخيه المسلم ، والتواضع لله ولعباده ، فمن تواضع لله رفعه ، ومن تعاظم على الله وضعه ، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يحقره ، بل كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه ، هكذا جاء على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم ، ويقول ربكم تبارك وتعالى : " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا "
· عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين .