الرسوم.. خلف مسيرة الشجعان
علاء الدين العرابي
عضو رابطة الإسلام العالمية
لست أدري لماذا ورد على خاطري قول المتنبي :
الرأي قبل شجاعة الشجعان ... هو أول وهي المحل الثاني
وأنا أتابع قضية المجلة الفرنسية صاحبة الرسوم المسيئة
هل لأن حرية الرأي أصبحت كلمة سيئة السمعة ، لأنها طالت كل المقدسات حتى وصلت الأنبياء ؟ أم أن الرأي الذي كان قصده المتنبي غير الرأي الذي تبنته المجلة الفرنسية ؟
أم لأن شجاعة الشجعان ، وأخلاق الفرسان لم يعد لها مكان في هذا العالم ؟
المسيرة التي دعت إليها فرنسا عقب مقتل صحفيي " شارلي ايبدو " تلخص المشهد السياسي العالمي
قادة أوربا في مقدمة المسيرة ، ومعهم أكبر إرهابي في العالم (نتنياهو) ، وبينهم مندوبين عن دول إسلامية ، ووراءهم جمهور يدعي حرية الرأي ، ويصر على رفع الرسوم المسيئة لرسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم ، هؤلاء جميعا أرادوا أن يرسلوا رسائل للعالم
قادة أوربا في المقدمة أرادوا أن يرسلوا الرسائل التالية :
الأولى : بصفتنا أسياد العالم .. نحن الذين نملك قوة السلاح ، وبأيدينا مفاتيح كل شيء .. المال والاقتصاد ، التكنولوجيا ، الثقافة ، الحضارة .. دماءنا أغلى دماء .. قتل واحد منا يساوي قتل مئة ألف من غيرنا أو يزيد
نحن الذين اخترعنا مصطلح الإرهاب ، ومن ثم نحن الذين نملك براءة الاختراع ، لا يفسره إلا نحن
الإسلام هو الإرهاب ، ولكن حتى نخدع العالم ، نعلن أن من يرفع من المسلمين شعار ( الحرية ) ، أو يرفع شعار ( لنا الحق في الحياة كغيرنا ) فهو الإرهابي الحقيقي
الثانية : بصفتنا قضاة العالم .. فنحن الذين نملك محكمة العدل الدولية ، ومحكمة الجنايات ، ومعنا مجلس الأمن ، وبأيدينا مفاتيح الأمم المتحدة .. حكمنا بما يلي :
أن ما حدث في فرنسا هو عين الإرهاب ..
وقررنا أيضا ما يلي :
التغاضي عن مذابح المسلمين في إفريقيا الوسطى ، وقررنا نزع سلاح المسلمين ( السيليكا ) ، وتسليح المسيحيين ( الانتي بالاكا ) لذبحهم ، وقررنا مشروعية وقوف فرنسا مع الميليشيات المسيحية هناك ومباركة ذبح المسلمين ..
التغاضي عن المجازر التي تحدث للمسلمين في بورما بولاية ( أركان ) على أيدي البوزيين ..
استباحة دماء المسلمين المدنيين في كل الأرض ، واعتبارها ماءا (لا قيمة لها ولا قصاص فيها ) .. في فلسطين .. في سوريا .. في العراق .. في ليبيا .. في مصر .. في اليمن ..
من أقوال الهادي البشير صلى الله عليه وسلم :
" يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل يا رسول الله وما الوهن قال حب الدنيا وكراهية الموت "
رسائل قادة المسلمون :
نحن الأتباع في المنظومة العالمية ، لا حول لنا ولا قوة , ونحن مسيرون ولسنا مخيرون ، نحن العبيد وهم الأسياد ، نحن كائنات صوتية إعلامية ، لا نملك مشروعا لأمتنا 00
مشروعنا الوحيد هو تثبيت الملك ..
نوالى الغرب وهم على غير ملتنا ، ونوالي اليهود وهم أعداؤنا .. إذا نادوا قلنا سمعا وطاعة ، وإذا أشاروا لنا بإصبع السبابة هرولنا إليهم .. نتبعهم في كل اتجاه ..
نحن أحفاد ملوك الطوائف في الأندلس الذين سلمنا مفاتيح الفردوس طواعية ..
من أقوال الهادي البشير صلى الله عليه وسلم :
"لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه ,قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ "
رسائل دعاة الحرية :
نحن الغرب الذين نرسم صورة الحرية ، لا تنسوا أننا أصحاب تمثال الحرية الذي صنعناه لنا ، لا لغيرنا ، والذي يرمز إلى الديمقراطية التي تحل لنا ولا تحل لغيرنا ..
تذكروا أن تلك السيدة – في التمثال - التي تفك قيود الاستبداد في بلادنا ، لكنها ترسل تلك القيود بعيدا إلى بلاد أخرى نريد أن نقيدها
لنا أن نسيء لكل المقدسات لأن حريتنا تسمح بذلك .. ولكننا لا نجرؤ أن نشكك في الهولوكست .. فهذا خط أحمر
لنا أن ننشر ثقافة الدعارة والعري ، وزواج المثلين ، والشذوذ .. ونجعلها ثقافة عامة لشعوب الأرض ، حتى تلك الشعوب التي لا زالت تحترم دينها وأخلاقها وترفض تلك الثقافة ..
لنا أن نملي على العالم تصورنا للكون والحياة ..
لنا أن نجبرهم على إتباع حضارتنا التي تعلي كل ما هو مادي ، وتبخس كل ما هو إنساني ..
الحرية نحن الذين نرسم حدودها ، حتى لو أضرت بالآخرين ..
من أقوال الهادي البشير صلى الله عليه وسلم :
"مثل القائم على حدود الله، والواقع فيها، كمثل قومٍ استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها، وأصاب بعضهم أسفلها، فكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مَرُّوا على من فوقهم فآذوهم، فقالوا: لو أنا خَرَقْنا فى نصيبنا خرقاَ ولم نؤذِ مَنْ فوقَنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاَ، وإن أخذوا على أيديهم نَجَوْا ونَجَوْا جميعاً "
هذه هي حدود الحرية التي رسمها معلم الإنسانية صلى الله عليه وسلم ، وهي رسالة صريحة إلى العالم : أن الحرية تسقط إذا أضرت بالآخرين.