تأملات في المشهد السياسي قبيل انتخابات الرئاسة
تأملات في المشهد السياسي قبيل انتخابات الرئاسة
بدر محمد بدر
أوشك الشكل النهائي لسباق انتخابات الرئاسة في مصر على الاكتمال، ويبدوا واضحا من المشهد الحالي أن ثلاثة تيارات وقوى رئيسية تشارك في هذا السباق الوطني المميز، الذي تشهده مصر بعد أربعة أسابيع من الآن لأول مرة في تاريخها، ونستعد له جميعا بروح وطنية وحرية سياسية وإرادة ذاتية وأمل في المستقبل، لنستكمل معا مسيرة التحول الديمقراطي الذي انتزعناه بعد الثورة.
أولا التيار الإسلامي ويمثله ثلاثة من المرشحين الكبار، الذين يشتركون في تاريخ نضالي معروف، ويتمتعون بقدر عالي من التقدير والاحترام بين أبناء الشعب المصري، وهم: د. محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، ود. محمد سليم العوا المفكر الإسلامي المعروف، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المناضل السياسي المشهور، ثم التيار اليساري ويمثله الكاتب الصحفي الناصري حمدين صباحي، وأخيرا تيار الفلول ويمثله عمرو موسى وأحمد شفيق.
ويغيب عن السباق المهندس خيرت الشاطر، لكنه وجد من يخلفه ويحمل نفس المشروع وهو د. محمد مرسي، ويغيب أيضا أخي وصديقي الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، الذين تمت إزاحتهما بفعل فاعل، الذي أدى واجبه نحو دينه ووطنه على أكمل وجه، وبذل ما في وسعه ليبقى المشروع الإسلامي حاضرا في المشهد السياسي، وسوف يبقى الشعار العبقري الذي رفعه لحملته الانتخابية: "سنحيا كراما" عاليا أبدا في سماء الوطن، لأنه لامس النفوس والقلوب والمشاعر والآمال.
أنا أعلم أن الشيخ حازم ما فعل هذا حبا في رياسة أو طمعا في صدارة أو رغبة في سلطة، ولكنه تحمل واجبه بإخلاص وتضحية، حبا في ترسيخ المشروع الإسلامي على أرض مصر، الذي كان دوما أحد العاملين فيه ومن أجله، والآن بقي أن يحتسب جهده وجهد أتباعه لله سبحانه، وأن يوجه محبيه ومن وقفوا خلفه للانحياز إلى أحد هؤلاء الكبار، الذين ما زالوا في حلبة السباق يحملون الراية، ويضحون من أجل تنفيذ المشروع الإسلامي على الأرض، بما يحمله من خير.
أما التيارات العلمانية واليسارية والليبرالية فقد حرقت نفسها سياسيا، وخصمت الكثير من رصيدها ـ رغم ضعفه ـ في الشارع السياسي خلال العام الأخير، وفقدت ما تصور البعض فرصتها في البقاء، ناهيك عن المنافسة الديمقراطية الحرة، برفضها الواضح لإرادة الشعب في الانتخابات الأخيرة، وحملة الافتراءات التي لا تزال تشنها على الأغلبية البرلمانية، وبالتالي فإن حظوظها تكاد تكون معدومة في الانتخابات الرئاسية وهي نفس النتيجة التي ينتظرها أيضا تيار الفلول.
وربما يتخوف كثير من الشباب من تأثير هذه الأصوات العالية، وهذا التضليل الإعلامي الموجه صباح مساء، لتشويه صورة التيار الإسلامي بعامة، وحركة الإخوان المسلمين بصفة خاصة، ولكني بحكم الخبرة والتجربة لا أهتم كثيرا بذلك، لأن الشعب المصري قد يتأثر سريعا بالإلحاح وقلب الحقائق وحبك الأكاذيب، لكنه يتأمل ذلك كله بعد فترة قصيرة، ويقارنه بما يعلمه ويراه من وقائع وأحداث، ويناقش ويبحث ويفكر، حتى إذا وقف أمام الصندوق قرر ما يمليه عليه ضميره.
أيضا فإن الإخوان يجيدون الحركة الميدانية في المجتمع، ولديهم فيها سابق خبرة ودراية عالية، ترسخت وتطورت طوال أكثر من ستين عاما من المحن وحكم العسكر، وهي خبرة لا يملكها أي تيار سياسي آخر، وسوف تفتح تجمعات الإخوان المنتشرة في ربوع الوطن، حوارا ميدانيا واسعا مع الناس في كل مكان، وسوف تنجح هذه الحوارات المباشرة في إزالة هذا الغبار الذي خلفه التضليل الإعلامي المستمر، إضافة إلى مد جسور التفاهم مع مساحات جديدة من شعب مصر الحر.