جمعة الوفاء للانتفاضة الكردية...
جمعة الوفاء للانتفاضة الكردية...
وحدة وطنية حقيقية تتشكل
إبراهيم درويش
القيادي في جبهة العمل الوطني لكرد سورية
من يبدي تخوفاً من مستقبل مجهول يتهدد سورية بعد سقوط نظام أسد نرى أن تخوفه في غير محله، بل بالعكس نرى أن بقاء هذا النظام يهدد جدياً مستقبل سورية أرضاً وشعباً، حاضراً ومستقبلاً، بل إن نظام آل أسد يعيش على تناقضات المنطقة ومشكلاتها من جهة، وتغذية النعرات الطائفية والعرقية في سورية نفسها، وضرب المكونات السورية وتجييشها ضد بعضها بعضاً من جهة أخرى.
وفي مواجهة هذه السياسة التدميرية كان التحرك الشعبي في سورية بين فترة وأخرى،فضلاً عن محاولات انقلاب لم تكلل بالنجاح، على طريق إعادة الحق إلى نصابه. من هنا ننظر إلى أحداث أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات من القرن الماضي في سورية، وكذلك الانتفاضة الكردية قبل نحو ثمانية أعوام في سورية، على أنها حلقات في سلسلة ثورية نضالية شريفة خاضتها أطراف سورية وطنية ساءتها وتسوؤها الممارسات الدكتاتورية الطائفية الإرهابية والسياسات التمييزية والإقصائية تجاه قطاعات واسعة من الشعب السوري من جانب النظام الأسدي. ثم جاءت الثورة السورية المباركة الشاملة، التي أكملت عامها الأول وتدخل عامها الثاني، وهي أشد عنفواناً وقوة واتساعاً وتصميماً على تحقيق أهدافها، والتي انخرط فيها الشعب السوري بكل أطيافه ومكوناته في جميع مناطقه، بعدما طفح الكيل واكتوى الجميع بنار هذه العصابة الفاسدة المفسدة المارقة، الخارجة على كل القيم والمبادىء الشريفة.
ومن هنا نقرأ تسمية هذه الجمعة(9آذار 2012م) بجمعة الوفاء للانتفاضة الكردية، وقبل ذلك جمعة"آزادي"، وجمعة "عفواً حماة سامحينا"، وجمعة" صالح العلي"...إلخ... إننا نقرأ في هذه التسميات وعياً سورياً جديداً يتشكل، هذا الوعي الذي أبرز معالمه التعرف على مكونات الشعب السوري، وتحسس مشكلاتها ومعاناتها، وتقدير ظروفها وأوضاعها، والانطلاق من ذلك إلى بناء وحدة وطنية حقيقية، يشعر فيها الجميع بالأمن والأمان والسلم والسلام، والحرية والكرامة والمساواة في الحقوق والواجبات والأمل بالغد الأفضل المشرق.
جمعة الوفاء للانتفاضة الكردية، شعار يرفعه اليوم الشعب السوري بأغلبيته العربية، فضلاً عن الكرد وغيرهم، تقديراً منهم لنضال المكون الكردي السوري في انتفاضته قبل ثمانية أعوام، وتقريراً واعترافاً بالحقوق والمطالب الكردية العادلة التي من أجلها كانت الانتفاضة الكردية التي انطلقت في 12آذار 2004م.
إن الشعب السوري بدأ في بناء وحدة وطنية قوية متينة بين مكوناته، وصار يضع الأساس المكين المتين لهذه الوحدة، بعدما اكتشف زيف ادعاءات نظام آل أسد وكذبه ولعبه على حبل التناقضات ودق إسفين التخريب للعلاقات الاجتماعية بين هذه المكونات، وبالتالي بدأ عهد هذا النظام المجرم بالأفول والانحدار إلى هاوية سحيقة لا قرار لها ولا خروج منها. تلك سنّة الله في الذين ظلموا، ولن تجد لسنّته تبديلاً.