خضر والشّعب ضدّ الاعتقال الإداري!

خضر والشّعب ضدّ الاعتقال الإداري!

صلاح حميدة

[email protected]

بدايةً لا يمكن أن يمر أيّ إنسان مرور الكرام على ظاهرة خضر عدنان، ولا يمكن أن لا يعتبر هذا الشّخص إلا قائداً بحق من قادة ورموز الشّعب الفلسطيني العظام، فهو من القلائل الّذين سطّروا بتضحياتهم نهايات مراحل وبدايات أخرى، وثبّتوا وقائع وعملوا على محاولة حلحلة لغيرها، وفي الوقت الّذي كان فيه بعض  القادة يؤثرون السّلامة تقدّم أمثال خضر لخوض معركة مصيريّة مع الاحتلال.

يعتبر الاعتقال الاداري من أسوأ أنواع الاعتقال، فالدّاخل مفقود والخارج مولود في هذا الاعتقال، والأسير لا يعرف إلا تاريخ اعتقاله في هذه الحالة، ويستخدم هذا النّوع من الاعتقال ضدّ نخب معيّنة من الأسرى الفلسطينيين، ويهدف لتحطيمهم وأسرهم ومنعهم من العمل السّياسي الفاعل، فأغلب المعتقلين الإداريين هم من النّخب والعقول المفكّرة والقيادات الفاعلة في السّاحة الفلسطينيّة، وتتصاعد وتيرة هذا الاعتقال في فترات سياسية ونضاليّة حرجة في تاريخ الصّراع مع الاحتلال.

وتتمّ عمليّة التّدمير للمعتقل ولعائلته ومحبّيه من خلال التّمديد المتواصل للاعتقال دونما نهاية، وبإيعاز مباشر من المخابرات الإسرائيليّة، ويتمّ تمديد الاعتقال للأسير إمّا يوم الإفراج عنه أو قبلها بأيّام قليلة، أو بعد الإفراج عنه وإيصاله لبوابة السّجن أو إلى الحاجز العسكري ثمّ يعاد اعتقاله مرّة أخرى ويعاد إلى السّجن قبل أن يرى أهله، ولأيّ إنسان أن يتصوّر الأذى النّفسي الّذي يقع على أهل الأسير - والأسير نفسه - في هذه الحالة.

خاض خضر عدنان معركة حياة أو موت مع الاعتقال الإداري، ومن الواضح أنّه كسب رهان الإرادة، و وبالتّأكيد هذا الإنجاز سيعطي مؤشّرات واضحة لكل المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال، وسيضيف دفعاً معنويّاً لكل مناصري حرّيّة الأسرى الفلسطينيين – وخصوصاً الإداريين- لتصعيد نشاطهم لإنهاء هذا الملف بشكل تام، وخاصّة إخواننا الفلسطيين من الدّاخل الفلسطيني الّذين لم يقصّروا في العمل في العمل لإنهاء هذا الملف منذ سنوات طويلة، وبذلوا جهوداً جبّارة في هذا المجال.

لإنجاز خضر عدنان أهميّة نوعية لصالح صراع الإرادات مع الاحتلال هذه الأيّام، وخاصّة فيما يتعلّق بالهجمة الشّرسة على المسجد الأقصى والمقدّسات الاسلاميّة والمسيحيّة، وموجة هدم المنازل ومصادرة الأراضي وإبادة المزروعات وبناء المستوطنات وتوسيعها، وقد بيّنت الهبّة الإعلاميّة والشّعبيّة المتصاعدة مع قضيّته أنّ الشّعب الفلسطيني لم يفقد عزيمته وإرادته لتحدّي الاحتلال و نيل الحرّيّة، بل يحتاج الشّعب للإلهام والإرادة والقيادة التي تستطيع التقاط الفرصة التاريخية لصنع المستقبل الواعد لشعبها، لكسر قيود الاعتقال الإداري الّذي يعاني منه منذ الاحتلال عام 1948م والّذي تمّ التّوقيع على ورقته بدخول الشّعب الفلسطيني في نفق أوسلو، ويتمّ تمديد هذا الاعتقال مع كل جولة مفاوضات جديدة، وهذا كلّه يتمّ تحت رهبة قطع المدد عن البطون، فهل يفعلها الشّعب الفلسطيني ويربط الأحزمة ويعلن الإضراب عن المساعدات الخارجيّة إن كان ثمن هذا حرّيّة وكرامة واستقلال القرار السّياسي الفلسطيني؟. فعنوان المعركة مع الاحتلال ووحدة الشّعب الفلسطيني تمرّان من خلال عقدة أوسلو والمساعدات الخارجيّة التي تأتينا كثمن لاستمرار اعتقالنا وقضيّتنا إداريّاً، فقرار إطلاق سراح خضر عدنان جاء بهدف منع تحوّل ظاهرة خضر الفرديّة إلى حالة عامّة، وإبقائها حالة فرديّة عابرة في تاريخ القضيّة، فهل يخيّب الفلسطينيّون آمال الاحتلال وحلفاءه ويطلقوا بركان الحرّيّة؟.