ثورةٌ على الظلم
ثورةٌ على الظلم
البراء كحيل
لأجل أن تتحقق النُصرة , وتنجح الثورة .....
لتعلم أيّها العزيز أنّ الظلم لا يكون فقط من الحاكم المتجبّر المتكبّر ولو كان الظلمُ محصوراً بشخصه العفن لكان تحقيق النصر سهلاً لا يحتاج إلى جهدٍ عظيم ..!!
ولكنّ الظلم يشمل كافة جوانب الحياة التي نعيشها ونعايشها ...
فالرجلُ في بيته حينما يعتدي على زوجته ويهضمها حقوقها ويُميّز ولداً عن آخر ويَحْرمُ البناتِ أو بعضاً من أبنائه من الميراث فهو ظالمٌ بل في أعلى مراتب الظلم ..
والأستاذُ في مدرسته أو جامعته حينما يهضم الطلاب حقوقهم ويُميّز فيما بينهم ويرفعُ الإمّعة منهم ويُخفض الذكي اللبيب , ويُخالف في نتائج الإمتحان فهو ظالمٌ بل في أعلى مراتب الظلم ..
والمديرُ في مصنعه والمسؤول في شركته حينما يعتدي على حقوق الموظفين ولا يُعطي كلّ ذي حقّ حقّه ويستغلُ عوز أولئك المساكين وحاجتهم إلى لقمة العيش فهو ظالمٌ بل في أعلى مراتب الظلم ..
والإمامُ العالمُ حينما يلوي عنقَ أحكام الدين لكي يوافق هوى الحاكم الطاغية ويُحلل له الظلمَ ويُحرّم القيام في وجهه والنهوض عليه فهو ظالمٌ بل في أعلى مراتب الظلم ....
والطبيبُ في عيادته حينما يصف دواءً لمريض مسكينٍ من غير علمٍ فيقتله بدل أن يشفيه , وحينما يُطالب الفقير المحتاج بأجرٍ عظيمٍ لإجراء عملية لطفله المريض من غير رحمةٍ ولا شفقة فهو ظالمٌ بل في أعلى مراتب الظلم ...
والتاجرُ صاحبُ المال حينما يحتكر المواد التي يحتاجها النّاس لمعاشهم ويستغل حاجتهم إليها فيرفع سعرها فيُرهق النّاسَ ويُضيّقَ عليهم فهو ظالمٌ بل في أعلى مراتب الظلم ...
ولو أردنا أنْ نتكلم عنْ جوانب الظلم في حياتنا لما وسعنا كتابٌ عظيم , وهذا الظلم الذي تحدّثنا عنه هو من يجب أن نقوم عليه بثورة أيضاً , فنهدّ بنيانه ونزعزع أركانه ونُكسر جدرانه ونحطّم أعمدته ونُزيل أفكاره من بيننا , وعندما ينصلح الزوج مع عائلته والمعلّم مع طلابه وربّ العمل مع موظفيه والإمام مع مستفتيه والطبيب مع مريضه والتاجر مع زبونه حينها ينصلح المجتمع بأكمله وتُصبح البلاد كتلك المدينة الفاضلة التي لا يُظلم فيها أحدٌ بل يحكمها العدل وتسودها الحرية وحقوقُ الجميعِ فيها مصانة محفوظة "الزوجة والأولاد والطلاب والموظفون والمستفتون والمرضى والزبائن و...." كلّ هؤلاء حقوقهم محفوظة لا يمكن لكائنٍ من كان أن يعتدي عليها وعندئذٍ يمكنك أن تقول: أنّ ثورتنا قد تحققت وعندما تصل إلى تلك المرتبة من العدل وانتفاء الظلم لا يُمكن أن تجد في تلك المدينة الفاضلة حاكماً ظالماً معتدٍ على حقوق العباد .
فيا أيها المكرّم ... لا تظنن أن سقوط الحاكم الظالم الطاغية هو سقوطٌ للظلم وإقامةٌ لدولة العدل بل إنّ الظلم الذي يستشري في المجتمع مِنَ الظلم في العائلة إلى الظلم في المجتمع المُصّغر مع تقدّمه إلى المجتمع الأكبر كلّ هذا يؤدي إلى ولادة الحاكم الظالم الذي يعتدي على حقوق الخلق ..
والرسالة هنا .. أنّه علينا أن نرفع الظلم عمّن ملكت أيدينا أمورهم ونقيم العدل فيهم حتى لا يبتلينا الله بحاكمٍ ظالمٍ طاغية "كما تكونوا يولّى عليكم" " و "إنّ الله لينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة" ..
لنجعلها ثورةً على كلّ جوانب الظلم في حياتنا ولنرفع شعار "العدالة" في كلّ تعاملاتنا فقد قال صلّى الله عليه وسلّم " كُلّكم راعٍ وكُلّكم مسؤولٌ عن رعيته ..."