السنة والشيعة والعلويون.. والثورات

السنة والشيعة والعلويون.. والثورات

علاء جاسم

لم ينجح النظام الحاكم في سورية طيلة الثلاثين سنة التي تلت احداث حماة لم ينجح في كسب محبة شعبه وروج لسنين طويلة مقولة انه ارتكب جرائمه ضد الشعب بسبب تطرف مجموعة اعتدت على الطائفة العلوية واضطرته الى استخدام القوة لايقافها وهذا مع العلم ان النظام لا يعترف ابتداءا انه قمع وقتل شعبه . على اية حال هذا النظام اخذ فرصته كاملة وكان بوسعه اصلاح الكثير ولكنه استخف بالشعب بل واستمر باجرامه الى ان جاء الربيع العربي فسقط من سقط من الانظمة  ومن ثم جاءت الانتخابات النزيهة في كثير من الدول وكشفت اتجاه الشعوب في هذه الدول ولكن النظام السوري لم يرتدع ولم يتعظ ولم يفهم .

فيا ترى ما هو السر في هذه الطبيعة الاجرامية لدى النظام : قبل ان نحدد السبب لا بد ان نقول ان هناك من الطائفة العلوية من يتوق لابادة العائلة الاسدية وفيها من يتمنى ان يتوقف القتل ضد الشعب وفيها من يريد عمل شيء ولكنه عاجز او خائف فلماذا يحصل كل ذلك ؟؟؟ انه  الالتزام الخلقي الذي افتقده  الكثير من العلويين وطبعا المسيحيين والدروز والاسماعيليين قبل الثورة وبعدها وجعلهم عاجزين عن مواجهة القتلة والتزم به اكثر السوريين السنة ليس لكون السنة هم المعتدى عليهم فقط وليس لرغبتهم في السلطة  ولكن لرفضهم مبدأ الظلم وهورفض يصدقه الفعل . وهناك من السنة طبعا من فقد ضميره ودينه وخلقه وهؤلاء قلة قليلة .

يقول البعض ان الظلم والاستبداد لا دين له فالمسلم يظلم والنصراني يظلم واليهودي يظلم والسني يظلم والشيعي يظلم لكن ..

 هل عندما يتسلط السنة تكون الامور مختلفة عنها عندما يتسلط غيرهم ؟ لو فرضنا ان السنة في البحرين متسلطين على الشيعة او ان سنة العراق كانوا متسلطين على الشيعة في عهد صدام ( وقد كان صدام متسلطا على السنة والشيعة ) هل معاناة الشيعة في البلدين وصلت لمعاناة السنة في العراق وسورية ؟؟!! 

ان افجر نظام سني لا يمكن ان يجرم بشعبه مثلما فعل ويفعل الاخرون .. فحاكما تونس ومصر وجدا في النهاية من يردعونهما ويقولان لهما نحن لن نذبح الشعب فرحلا وحتى حاكم اليمن بل ان القذافي نفسه واجه وزراء وسفراء ومدراء وعسكريين انشقوا عنه قبل تدخل الناتو اما نظام الهمج الاسدي فكان وضعه مختلفا وذلك بسبب سيطرة عقيدة وحقد وتربية الكفر عليه فلم يعبأ بالشعب ولا بالدماء . قد يقول البعض ان طبيعة سورية هي السبب لكنهم  بذلك يثبتون مقولة الخلاف الطائفي وينسون شعار الوحدة الوطنية الذي رفعه النظام  في تاريخه الباهر وفجأة الآن اصبح الشعب شعبين!!  لناخذ مثال الجزائر في نهاية الثمانينات حينما حصل الصدام بين الاسلاميين والنظام الذي ادى الى ضحايا تجاوزوا المئتي الف ولكن مع ذلك لم يستمر الحقد والاجرام ضد الشعب والاسلام مثلما حدث في سورية فكان ان قبل النظام الجزائري بعد ذلك بسنوات بوجود اسلاميين في الحكم والحكومة اي انه اوجد مجال للحرية وكذلك اتاتورك العلماني ونظامه الذي تقبل حكومة اربكان الاسلامي ومن ثم حكومات اردوجان فخلاصة ما اريد قوله ان مقولة الخلاف السياسي هي السبب في قضية العراق وسورية هي مقولة غير دقيقة لان الخلاف السياسي دافعه خلافات مذهبية واضحة وهي خلافات لم تحل بعقلانية وحكمة ممن هم الآن  في سدة الحكم  وهو ما يفسرعدم تقبل الشعبين لحكم مجموعات تتوارث الاجرام والاحقاد منذ 1400 سنة و تحارب الاسلام وتدعي انها تنتسب له فالثورة في سورية هي ليست ثورة حزب او جماعة وانما ثورة شعب اقتنع بفساد وعجز نظامه عن ان يحكمه حكما عادلا ورشيدا وهذا الشعب اصبح يرى انه يمتلك الرؤية والقدرة والارادة الصحيحة في الحكم والنهضة والرقي والتي تنبع من العقيدة الصحيحة للاسلام  والامر نفسه اصبح واضحا لدى العراقيين  .

ومع ذلك نتمنى الآن من يخرج من النظام السوري و يوقف الاجرام اتجاه الشعب ويحقن دماءه ويستجيب لنداء الضمير والعقل .