نعم سوريّة، إنها معركة الأحزاب الثانية!
صدى الثورة: نِعَم
كم وكم منّينا أنفسنا طوال الشهور التي سبقت الشهر التاسع أن يكون هو موعد ولادتها، الحرّية، وما نيلها بأمنياتنا، بل بأفعالنا، وها نحن نقترب من دخول الشهر الأخير قبل إتمام السّنة!
إن سوريّة لن تنجب طفلاً حمله وفصاله ثلاثون شهرًا، سورية ستنجب ثلاثة، حريّة، كرامة وعدالة اجتماعية، ثم ما تبع ذلك من بركاتٍ وعطايا، سوريّة التي صبرت على الظلم والذلّ أكثر من أربعين عامًا لن تبالي بكم ستصبر لتستعيد ما سُلب منها، وليست السّنة في مقياس العمر إلا نقطة!
التخريب دومًا أسهل من الإصلاح، هذا ما على الجميع أن يوقنه، وما خُرّب في خمسين عامًا لن يتم إصلاحه في عامين وثلاثة، ولكن ابتداء الإصلاح عن طريق "ثورة" سوف يختصر كثيرًا من الطريق، وهذا من بركات الثورة.
إن الثورة السوريّة التي فاجأت الجميع، حتى نحن –أفراد الشعب السوري- جميعنا أو كثيرًا منّا، فاجأت فيمن فاجأت القوى الكبرى على مستوى العالم، حينها اهتزّت كما اهتزّ كرسيّ من حسب نفسه ملك الكرسيّ. ثمّ صمتت، ثمّ رأت أن تتكلّم، فهي إما نطقت كفرًا أو إيمانًا باطنه كفر، خياران لا ثالث لهما! فمنذ استيقظت "القوى الكبرى" من هول الصدمة بدأت تعدّ الخطط واحدة تلو الأخرى، فكان الصمت إلى أن رأت أن الصمت سيكشف أقنعتها أمام شعوبها وشعوب العالم، ثم تكلمت فكان كلامها كـ"التنفيسة" للناس و"رفع العتب"، فما فعلت شيئًا، وما تظن أنها ضحكت به علينا لا يسمن ولا يغني من جوع ونحن جميعًا نوقن هذا، وها هي الدول "العظمى" توصي بعضها فهذه تشدّ وتلك ترخي، كما تفعل إن أرادت أن تدين إسرائيل، هاتان هما العصابتان اللتان لا تدانان، والسبب لا يجهله ذو عقل! ثم كانت مهزلة المراقبين والمُهلة إثر المُهلة، التمديد ثم التجميد!
حزب اللات الذي اغترّ به كثيرٌ من العرب والمسلمين ومنهم الشعب السوريّ بعد حربه (التمثيلية) الأخيرة مع إسرائيل، فصار الناس يلصقون صور حسن نصر الشيطان على واجهات محلاتهم وعلى سياراتهم، وصار "غيفارا" المسلمين!! ثمّ ما تبع ذلك من انجرار البعض للخروج عن المذهب السنّي إلى الشيعيّ!
أمّا الآن فمجلس الأمن، المتآمر الآخر، روسيا من تحت وفوق الطاولة، بمباركتهم الخفيّة تدعم النظام السوريّ، أما البقيّة فيدعمونه من تحت الطاولة فقط، ولو أرادوا فعل شيء للشعب المظلوم لفعلوه، فلا روسيا ولا غيرها يقف في وجههم!!
اللف والدوران، الدّجل والكذب سيستمر من القريب والبعيد، فالكل مشترك بالمؤامرة، كما هي معركة الأحزاب في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، حين تكالبت الأقوام واتّحدت ضد المسلمين، تلك التي لم يسلم بها المسلمون أيضًا حتى من مؤامرات داخل المدينة، ولكنّ الله فرّقها وأذهب ريحها، وعادت أدراجها كأن لم تكن، وأخرج الله منها المسلمين أشدّ وأقوى.
فيا أبناء سورية، لا تأملوا شيئًا من أحد إلا من الجيش الحر بعد الله، فالعالم المتشدّق بخوفه على مستقبل الأقليات لا ولن يرعَ اليوم وغدًا ولم يرعَ في ماضٍ في الأكثريّة إلّا ولا ذمّة. ثورتنا فعلت ما لم تفعله ثورة من قبل، الثورة عرّت كلّ الوجوه، أزالت الأقنعة فأظهرت كلّ فريق بوجهه الحقيقيّ فلم تعد الوجوه القبيحة تخفى حتى على الطّفل! اصبروا وصابروا واتقوا الله أهلَ سوريّة، أنتم بوابة المسلمين نحو الغد المشرق، وما تقدمونه من تضحيات لن يذهب هدرًا، فالله لا يسهو ولا ينسى ولا يخذل من صبر وآمن وصدَق ما عاهد الله عليه، استمروا يا أهل سوريّة ، ولتنظروا غدًا ثمرة البذور التي تبذرونها، وإن غدًا لناظره قريب.