تعلم الديمقراطية بدون ((معلم))
د. هشام الشامي
[email protected]
خرج علينا وليد النظام التشبيحي و معلم الخارجية الأسدية اليوم بمؤتمر صحفي جديد ، للرد على قرار مجلس الجامعة العربية بشأن حل الأزمة السورية على الطريقة اليمنية ، و استغل المعلم الفرصة ليعطينا دروساً جديدة في صمود سوريا ضد مؤامرة (نصف كونية!!) ، و في استقلالية الفرار السوري و عدم خضوعه للخارج كائناً من كان ، و دروساً عن العروبة و الإسلام ، و عن الوطنية و القومية ، و عن الحرية و الحوار الوطني و تعدد الأحزاب و عن الإعلام الحر و الموضوعي و تشكيل الدستور المتجدد والإصلاح الشامل وأخيراً وليس آخراً عن الديمقراطية..
و قال المعلم ((بكل شفافية!!)) كعادته : علمناهم العروبة و الإسلام و سنعلمهم الديمقراطية
و نسي المعلم – و هو يعطينا دروساُ في العروبة و الإسلام و الديمقراطية - أن يحضر معه كعادته وسائل الإيضاح من صور و فيديوهات كتلك التي سجلت في طرابلس و كفرلاتا في لبنان و أخرى في إطلاق قروية النار ابتهاجا في عرس في ريف دمشق على أنها صور لعصابات مسلحة تعيث فساداً في ديار سوريا الأسد ، و التي عندما كشف أمرها و فضح كذبها ، و سأل الوليد بمؤتمر صحفي لاحق عنها , أقر بوقاحة فريدة و بدون أن يرف له جفن ( بعد ان وضع أصبعه في عينه) : أنها سيئة الإخراج ليس إلا 00
و حتى يبسط علينا المعلم تعلم دروسه الإضافية المجانية و تصبح في متناول الجميع و حرصاً على وقت السيد الوزير اقترح عليه طباعة تلك الدروس في كتيب صغير بعنوان (( تعلم الديمقراطية بدون معلم )) كتلك الكتب التي تعلم الإنكليزية و الفرنسية و الألمانية و غيرها بلا معلم
و أرجو ألا ينس المعلم الوسائل و الصور الإيضاحية التي تسهل علينا تعلم الديمقراطية على الطريقة الأسدية
و أنصحه أن يقدم لكتابه القيم هذا بملخص يبين كيف علمت سوريا الأسد العروبة و الإسلام للعرب المستعربة (حسب توصيف سيده الأسد الفيلسوف) و ذلك ليشجعنا و يحمسنا لنتعلم الديمقراطية على طريقته
و لا ينسى في القسم الخاص عن تعليم العروبة أن يوضح لنا كيف أن العروبة تكون بانبطاح سيده الأسد الابن على أعتاب الملالي في طهران ؟؟، وكأن فارس الشعوبية هي منبع و مصدر العروبة ، تماماُ كما فعل الأسد الأب عندما كان العربي الوحيد الذي اصطف مع إيران الفارسية ضد العراق العربية البعثية
و كذلك كيف تكون العروبة في إرسال جيشه العربي العقائدي ليدخل العراق تحت لواء الإمبريالية الأمريكية و التحالف الغربي في حرب الخليج الأولى ضد جيش البعث الصدامي؟؟
و كيف تكون العروبة بمحاصرة جيشه العقائدي لياسر عرفات و المنظمات الفلسطينية و المتحالفين معها في طرابلس من البر ، عندما كان جيش الصهاينة يحاصرهم من البحر و قصف طرابلس و مخيمات البارد و البداوي حتى إجبار عرفات و المنظمات على الانسحاب من لبنان إلى تونس بن علي على ظهر السفن الفرنسية
و كيف تكون العروبة بقصف جيشه العربي للمخيمات الفلسطينية في لبنان و قتل الآلاف من الفلسطينيين في تل الزعتر بعد حصار خانق و مديد أجبر أبناء المخيم على أكل أوراق الأشجار و شرب مياه المستنقعات
و كيف تكون العروبة بحماية حدود الصهاينة المحتلين للجولان على مدى عقود عديدة ، و منع حتى الطير من التحليق في سماء الجولان الذي ضمه الصهاينة إلى دولتهم المصطنعة بشكل نهائي بعد أن شهد فادتهم أن أأمن حدود لديهم هي حدود الجولان
أما في القسم الخاص عن تعليم سوريا الأسد للإسلام فهناك أمثلة كثيرة يمكن أن يستشهد بها السيد المعلم
فمن حصار المساجد إلى اقتحامها و تدنيس حرمتها و تمزيق المصاحف و الدوس عليها بالبساطير العسكرية ، إلى فصف المآذن و هدم بيوت الله فوق المصلين ،و إهانة العلماء و أئمة المساجد، إلى اعتقال و إعدام و تشريد الدعاة إلى منع الكتب الدعوية فهناك الكثير مما يستطيع أن يقوله المعلم في هذا المجال
و يستطيع كذلك أن يستشهد بنشر التشيع و دعمه و فتح الحسينيات و مزارات آل البيت الوهمية ، و السماح بحرية اللطم و السلخ و الجلد و إراقة الدماء الطائفية في مواكب الحسين الثأرية التي غزت عاصمة الأمويين و مسجد الوليد بن عبد الملك بكل حرية
و يستطيع أيضاً أن يستشهد بمواقف الأسد الأب كيف كان الوحيد بين الدول الإسلامية الذي دعم الغزو السوفيتي الشيوعي ضد الأفغان المسلمين المدافعين عن ديارهم و عقيدتهم ضد غزو مستعمر ظالم ، و كذلك كيف كان موقفه مخالفاً لكل المسلمين عندما وقف مع ذبح المسلمين في كوسوفو و الشيشان و في كل مكان ذبح و يذبح فيه المسلمون
و كيف لا ؟؟ و هو الذي كان يستبيح و يذبح المسلمين في حماة و حلب و جسر الشغور و تدمر و طرابلس و تل الزعتر و البارد و البداوي و برج البراجنة و كل مكان تصله يده الآثمة
أما عن الديمقراطية و هي بيت القصيد من الكتاب فلدى المعلم الكثير ليقوله و يسترسل فيه
فهناك أكثر من سبعة عشر فرع أمني ينتشرون في كل مدن و أرياف سوريا يحصون على الناس أنفاسهم و يصورون نظراتهم و يحللون استياءهم و امتعاضهم و يؤولون كلامهم و يسهرون على تطبيق الديمقراطية الأسدية المميزة و الفريدة
نعم إنها فريدة لأنها برائحة البارود الذي يقصف المدن و الأرياف السورية و بطعم دم السوريين الذين بعد أكثر من أربعين سنة من حكم الأسود خرجوا يطالبون بالحرية فاقتلعت أظافر أطفالهم الذين خطوا بأصابعهم البريئة على جدار الصمت و الخوف (حرية و بس) ، و سحبت مياه عيونهم بحفن أطباء طبيب العيون الطائفيين لأنهم تجرؤوا و نظروا شذرا في عيون جلاديهم و ديست رؤوسهم لأنهم رفعوها عالياً في السماء و هم يقولون : بعد اليوم ما في خوف
علم يامعلم الديمقراطية للعرب المستعربة كما علمها لنا جلادونا و سجانونا في أقبية السجون الأسدية ، تحت ضرب السياط و (الكرابيج) و لسع الكهرباء و صب المياه الساخنة و المثلجة بالتناوب على أجسادنا العارية ، و على الكرسي الألماني و داخل الدولاب الأسدي و أثناء شد أطراف الأيدي و الأقدام في حفلة النشبيح الطائفي الحاقد
علمهم الديمقراطية كيف تكون بتحويل جيش الوطن من حدود الوطن إلى بيوت العزل و الآمنين ليقصف البيوت و المستشفيات و المساجد و يقتل النساء و الأطفال و يروع الشيوخ و الحوامل ، و كيف تكون بقنص المتظاهرين و إهانتهم و الدوس على كرامتهم ، و بتجييش الطائفيين الحافدين ليخطفوا النساء و يغتصبوهم و يقطعوهم إرباً على مدى أكثر من عشرة شهور من ثورة الكرامة , تماماً كمجازر الأسد الأب (فالولد سر أبيه) في الثمانينات من القرن الماضي في حلب و تدمر و جسر الشغور و جبل الزاوية و التي توجت بتدمير و استباحة حماة من عصابات الأسد الطائفية في شباط 1982 و قتل أكثر من أربعين الف من الرجال و النساء و الشيوخ و الأطفال خلال أيام معدودة و ظن الأسد الأب يومها أنه دفن تحت أنقاض حماة حريتنا للأبد و بنى فوقها مملكة الخوف و الصمت
علمهم كيف تكون الديمقراطية بفتل آلاف المتظاهرين السلميين و اعتقال عشرات الآلاف و تهجير و تشريد آلاف اللاجئين في المخيمات داخل و خارج البلاد بتهمة خطيرة و هي التظاهر و المطالبة بالحرية
علمهم كيف تكون الديمقراطية بحكم الحزب الواحد بل العائلة المقدسة الواحدة و بدستور يفصل على المقاس و عند الطلب و بدقائق معدودة ، و مجلس شعب للتصفيق و التهريج و حكومة للتقديس و التمجيد ، و إعلام للكذب و التزوير و التحريض و التبرير ، و اقتصاد للخواص و الفاسدين و مصاصي دماء الشعب ، و مؤسسات دولة في خدمة الأسد الفرد الأحد
علمهم معنى الديمقراطية المميز عندما تكون في خدمة الشعار السامي الخالد: الأسد للأبد أو لا أحد . أو الثالوث التشبيحي المقدس : الله ، سوريا ، بشار و بس
و لا تنس أن تختم كنابك بما قلته عن العرب ( المستعربة ) و الذي لا ينطبق إلا على أمثالك من عبيد الأسد : (إذا لم تستح فأصنع ما شئت) ، و أيضاً بقولة الحق التي جرت على لسانك :(فاقد الشيء لا يعطيه) ، أما (الجبل الذي لا يهزه ريح) كما قلت فهو الشعب الثائر الشجاع الذي عض على جرحه و جربكم طويلا ً لكنه اليوم خرج عن صمته و أقسم ألا يعود إلا و معه حريته الغالية المسلوبة كاملة غير منقوصة
((فانتظر إنا منتظرون))
مركز الدراسات الإستراتيجية لدعم الثورة السورية