وادخلوا الباب سجدا

م. أسامة عبد الحفيظ السيد

الفيوم – مصر

السادة النواب : اعضاء مجلس الشعب  السلام عليكم ورحمة الله

وانتم على بعد امتار معدودات وساعات محدادات من دخول اول مجلس نيابى بعد ثورة 25 يناير المجيدة اذكركم بقوله تعالى :{وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجّدا وقولوا حطّة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين فبدّل الّذين ظلموا قولا غيرالّذي قيل لهم فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزا من السّماء بما كانوا يفسقون}البقرة 58 :59

السجود : هنا الخشوع والخضوع لله وامره واستشعار عظمتمه وجلاله ونعمه وإفضاله

والحطة :  المراد الدعاء بإن تحط عنهم خطايا التقصير وكفر النعم

وتبديل القول بغيره : عبارة عن المخالفة والعصيان لما أمروا  به

وتخصيص الرجز الذى نزل على الظالمين ليفيد انهم جميعا لم يخالفوا بل بعضهم وهم الذين استحقوا عقاب الرجز كما اشار القرآن (أنتهى بتصرف من تفسير المنار )

وإذا كان هذا الامر الالهى لبنى اسرائيل بإن يدخلوا الباب سجّدا لما اسماه القرآن القرية - وهى بيت المقدس غالبا  - بعد خروجهم من مصر التى اذاقهم فيها فرعون وآله سوء العذاب فهو هو ذات ما نقوله اليوم ونؤكده ونشدد عليه ونأحذ عليه كافة العهود والمواثيق لجميع السادة الذين انعم الله عليهم بدخول مجلس الشعب ومجالس النقابات المهنية وغيرها منتخبين بعد حرمان من دخولها ظل اعوام وعقود بظلم وطغيان للنظام البائد حرمت فيه كل هذه المواقع من التجديد والاختيار الحقيقى الحر النزيه

ودخول ابواب هذه المواقع سجّدا - باستشعارالخشوع والخضوع لله وامره وعظمتمه وجلاله ونعمه وإفضاله - ليس بدعا منا ندعيه اليوم وإنما هوهو ذات ما رأى عليه المسلمون النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وهو يتواضع لله حتى رأوه يوم ذاك ورأسه قد انحنى على رحله وبدا عليه التواضع الجم حتى كادت لحيته تمس واسطة راحلته خشوعاً وترقرقت في عينيه الدموع تواضعاً لله وشكراً والمشهد هنا قريب جد قريب فى صورة من صوره وبشرى من بشرياته

ولذا نقول ونؤكد ونشدد أدخلوا ابواب هذه المواقع سجّدا لربكم خاشعين خاضعين لعظمتمه وجلاله ونعمه وإفضاله شاكرين ذاكرين حامدين بعدما حرمت هذه الابواب من صادقى ومخلصى الركع السجود بمكر الماكرين وظلم الظالمين عقود وعقود

واياكم أن تدخلوا هذه الابواب بكثرتكم معحبين وبمكانتكم ومكنتكم متكبرين وبغمط الحق بطرين اشرين فتسقطوا من عين الله فيكلكم الى انفسكم ولن تغنى عنكم شيئا ونعوذ به تعالى ان يحل عليكم غضبه وسخطه فيصيبكم - اعاذكم الله -  ما اصاب الذين من قبلكم من عذاب الخزى والخذلان فى الدنيا قبل الآخرة 

ومعاذ الله ان نفول لاحد فى مثل هذا الموطن - فكلوا منها حيث شئتم رغدا - والا فهو اكل السحت وأكل اموال وآمال وتطلعات وثقة الناس بالباطل كما فعل أرباب النظام السابق فابادهم الله ولم يبق منهم احد

وإنما نقول أنفقوها وأبذلوها وأعطوها واجعلوها كلها لا بعضها مغرما وامانه ورسالة لا مطمعا ولا مغنما ولاغاية وتعففوا وتورعوا وتساموا عن شهواتها واهوائها وبهرجها وزخرفها وزينتها ولا تقربوا مكروهاتها وشبهاتها وحرامها واجعلوها لربكم وشعبكم وامتكم تفلحوا وتنجزوا وتوجزوا

اجعلوا من ساعاتها وايامها ايام بر لقومكم ووفاء كما علمنا وعلمكم وعلم على بن أبي طالب النبي صلى الله عليه وسلم عندما رأى علي بن أبي طالب رضي الله عنه مفتاح الكعبة بيد النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، اجمع لنا الحجابة مع السقاية، فقال عليه الصلاة والسلام: »أين عثمان بن طلحة؟

 فلما جاء عثمان قال له: يا ابن طلحة، هاكَ مفتاحك، اليوم يوم بر ووفاء.

واجعلوا من ساعاتها وايامها أيام رأفة بقومكم ومرحمة فقد طال بهم عهد العسف والعنت وبعدت عليهم الشقة فخرجوا ثبات وجميعا خفافا وثقالا يحدوهم الامل أن تكونوا لهم عونا وأن تضعوا عنهم إصرهم والاغلال التى كانت عليهم فكونوا بهم رحماء وفى السعى لحاجتهم عند الله اجراء وبيتوا واصبحوا على قضاياهم وقضايا امتكم وشعبكم علماء امناء شرفاء رعاة (فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته )

 واياكم ألا ترعوها حق رعايتها فكلكم مسئول حفظ أم ضيع ؟

واياكم أن تبدّلوا قولاغيرالّذي لقومكم وانصاركم قلتموه ووعدا غير الذى على انفسكم لهم قطعتموه فتسلكوا سبيلا غيرسبيلكم - اعاذكم الله واعزكم  - كسبيل الذى إذا تولى سعى فى الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم وإذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان فقد ضاقت الارض على شعبكم وامتكم بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم من هؤلاء وامثالهم واذنابهم واشياعهم وظنوا فيكم خيرا قكونوا عند حسن ظنهم حتى لا يرجعوا بعدكم وبكم ومعكم نادمين حاسرين يحملون اسفهم وحزنهم فى قلوبهم وعلى ظهورهم يقولون بلسان حالهم ومقالهم ياحسرتنا على اختيارنا وانفسنا واهلنا وامتنا وطننا !!

 واياكم أن تقابلوا ثقة قومكم بكم خداعا وتوقيرهم لكم تحقيرا وإئتمانهم لكم خيانة وإعزازهم لكم إهانة وصلتهم بكم قطيعة وإحسانهم لكم إساءة ونعمتهم - بعد الله  - بكم كفرانا فتبوؤا بالخسران والخذلان

 سارعوا سارعوا اقبلوا اقبلوا لتكونوا فى مقدمة شعبكم وابناء وطنكم تدفعون للحرية ثمنها وللعزة تكاليفها وللامانة الكبرى فديتها تجدوا فيهم خيرعون وأفضل نصير لتخرج الامة بكم ومعكم من المزله والهوان والظلم والاستبداد الى العزة والكرامة والحرية والعدالة فإن أبيتم  - لاقدر الله - فعما قريب ستتخطفكم الطير وتهوى بكم الريح فى مكان سحيق بنفس الصندوق الديمقراطى الشفاف والوعى الشعبى الدفاق ولا يلومن أحد الا نفسه

وعليكم بالدعاء واللجوء الى الله صاحب المدد والعون والتوفيق والتسديد أن يحط عنكم خطاياكم ويضع عنكم اوزاركم لتكونوا من المحسنين فتحطم اغلالكم وتنتصروا على نفوسكم واهوائكم فتكونوا لاماناتكم وعهدكم راعون وبشهاداتكم قائمون وبثقة شعبكم وامتكم أهل جديرون وعندها يفرح المؤمنون ويسعد بكم المواطنون

وكما قال النابغة الذبيانى فى نفس المعنى :

سيبلغ عذرا أو نجاحا من امرئ                 الى ربه رب البرية راكع

إذا فهو إدراك النجاح أو العذر وسبيله ركوع وسجود ودائما وابدا {وادخلوا الباب سجّدا... }

 فهل انتم فاعلون ؟ قولوا نعم إن شاء الله رب العالمين.