رب اغفر لي ولأخي

م. أسامة عبد الحفيظ السيد

م. أسامة عبد الحفيظ السيد

الفيوم – مصر

الذين هم عن سبق اصراروعزيمة خططوا وأداروا ونقذوا والذين شاركوا وتنافسوا وتسابقوا ثم تدابروا وأعرضوا واختلفوا ثم تدافعوا وتشابكوا وتصارعوا وربما قليلا تناحروا وتعاركوا وتشاجروا فى العملية الانتخابية التى اوشكت على الانقضاء والتى خاضتها الامة بعد ثورة 25 يناير المجيدة سواء كانوا أدريين او مرشحين او داعين داعمين مناصرين أو مراقبين متابعين  محايدين أو حتى ناخبين مختارين مفضلين هم بلا شك زمرة من خيرة ابناء هذا الوطن الفاعلين النابهين الذين هم لواجبهم الوطنى الانتاخبى طبقا لرؤياهم وفهمهم وقناعتهم وغيرتهم وحبهم لوطنهم مؤدين حريصين فجزاهم الله خيرا

ولذا لهم أولا علينا جميعا  ما يليق بهم من شكر وتقدير وإعزاز وأعتزاز هم به جديرون وله أهل فهم الاس الاهم لاجراء ونجاح وإتمام العملية الانتخابية على الوجه الاكمل الذى اسعدنا جميعا

ولهم  ثانيا علينا جميعا  أن ندعوهم ليبتعدوا عن الشقاق بتجنب وتوقع وتخوف وحذرمن ظهور اسبابه وسلوك سبيله وان يعمدوا الى صلاح ذات البين ( واصلحوا ذات بينكم ) بالسعى الحثيث لاستجلاء واستبيان فرضيته وضرورته  وبالعمل الدائب لتوقى ما يفضى الى التنازع والتقاطع  والتغاير والتدابر والجدال والمراء لتفادى العداوة والبغضاء بين ابناء وشركاء الوطن الواحد الذى يجب اذا تداعى منه عضو ان يتداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى

 ولهم ثالثا علينا جميعا  أن ندعوهم أن يكونوا كلهم مع الاخر كموسى وهارون عليهما ونبينا الصلاة والسلام كما ذكر القرآن { وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي ۖ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ۖ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ۚ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ ۖ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }١٥٠ : ١٥١الاعراف

فمما لاشك فيه أن جو الانتخابات وما يصاحبه من نجاح وإخفاق وشد وجذب وأخذ وعطاء يرجع اهله بعده غاضبين ثائرين يلوم بعضهم نفسه و يلوم بعضهم بعضا وقد يلوم الاخرين  مما يترك فى النفوس قدرا من المرارة والاسى قد يؤدى الى الشحناء والبغضاء وقد يتطور الى الحقد والغل ثم الحسد والانتقاص والانتفام  ولذا الدعوة اليوم قبل الغد واجبة على كل العقلاء والنبلاء ليكونوا كهارون ( قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) 

ولسنا  - والحمد لله  - فى موطن عداوة بل موطن تنافس شريف لخدمة الوطن والمواطنين ولذا فالمعنى  فَلَا تُشْمِتْ المنافسين بخلافنا بعد إخفاقنا وتفككنا بعد جمعنا وشقاقنا بعد الفتنا وإتفاقنا ..الخ  ولا تخوننى وتجرحنى وتمتهننى فتجعلنى لك من الشانئين المعارضين بعدما كنت من المحبين الموالين المناصرين

ثم يكونوا جميعا فى الاخير كموسى ( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ ۖ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) هكذا فى جو من الود والسماحة والحب والاخوة رب اغفر لى ولاخوانى من جميع المنافسين والمعارضين و الشانئين وادخلنا فى رحمتك فهى الفوز والنجاح والهناء فى الدنيا والاخرة وانت خير الراحمين

 فمما لاشك فيه أن آصرة الأخوة في الله والوطن هى التى جمعت وتجمع أبناء الإمة في كل العصور ، وعليها اعتمد رسول الله في إقامة الدولة ورفع الراية بعد تأسيس العقيدة والإيمان  فالمجتمع الإسلامي - عقيدة وحضارة - مجتمع مترابط متحاب بروح الله ، ترفرف عليه بشائر المحبة ، وتضئ ربوعه أنوار الصفاء والإخاء وهو اخص ما تحتاجه مصرنا العزيزة بعد الثورة والانتخابات كما كانت اثنائها ايد واحدة

وهذا الذي فعله النبي  حين استقر بالمدينة فأقام مجتمعا فريدا مثاليا  آخي فيه  النبي بين المهاجرين والأنصار ووادع فيه اليهود وأقرهم على دينهم وأموالهم واثبته فى كتاب المؤخاه انه ( وإنه من تبعنا من اليهود فإن له النصر والاسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم ..... وان يهود بنى عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم ومواليهم وانفسهم  ... الخ ) ولم ينقض عهده معهم الا بعدما حاربوه وعادوه و ناصب الكل الحب و المودة والإخاء فانصهرت أرواحهم في بوتقة واحدة ، حتى كان الأخ يقول لأخيه يا أنا ، وأعطوا أمثلة نادرة في الأخوة ، كانوا يحبون بعضهم بعضا إلي درجة الانصهار ، وكانوا يعطفون علي بعضهم بعضا إلي درجة الإيثار فقول الرسول : ( المؤمن ألف مألوف ، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف ) احمد والطبراني والحاكم . وأدنى درجات الأخوة هي : ( سلامة الصدر ) : فلا تحمل لأخيك ضغنا ولا حقدا ولا حسدا ، فإذا شاب القلب شئ منها فلا أخوة ولا إيمان ولا دين .. وفي هذا يروى عن الزبير بن العوام قول رسول الله  :(دب بينكم داء الأمم قبلكم : الحسد والبغضاء ، هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ، وإنما تحلق الدين ) أحمد والترمذي

واخيرا هى دعوة موجهة الى جميع ابناء الوطن وابناء الحركة الاسلامية فى القلب منه واولى الناس بها ويجب ان يسابقوا الكل اليها

فأخوة الإسلام ما أجملها ...!! وأخوة الدين ما أفضلها ...!! وأخوة العقيدة ما أحسنها ...!!

وأخوة الوطن والكفاح والحضارة والهم الواحد المشترك ما أوجبها والزمها لقوم يعقلون !!

ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولاتجعل فى قلوبنا غلا للذين امنوا  اللهم آمين والحمد لله رب العالمين.