الإسلاميون والمد ألاكتساحي
الشيخ خالد مهنا *
بعد نضال دام 83عاما أصبح أمام الإخوان المسلمين في مصر فرصة تاريخية ذهبية طالما حلموا بها لفرض تغيير الواقع والنهوض بمصر والأمة بعد عقود من الصراع مع السلطة المستبدة البائدة .. وفور الاعلان عن النتائج الاولية بدأت ترتفع وتعلو أصوات كثيرة متخوّفة من الفوز الذي يحقّقه الإسلاميون في انتخابات أكثر من بلد عربي، وهي أصوات مصدرها ألسنة مثقّفين وأقلام كتّاب، وليست أصوات الناس العاديين التي لا تسمع على أية حال.
انها تأتي من هؤلاء الذين لطالما صرخوا ليل نهار بأنهم "يناضلون" في سبيل الديمقراطية والحريات، فلماذا يرفضون أن توصل هذه الآليات إسلاميين إلى السلطة، وينبرون تهويلاً وتخويفاً منهم؟والمنطق يقول إننا عندما نحتكم إلى صناديق الاقتراع وتجرى العملية على نحو نزيه وبلا تزوير، فيجب والطبيعي أن نقبل بالنتيجة حتى لو لم تكن على هوانا. والحقيقة أن هذه ليست التجربة الوحيدة التي عبّرت عن هذا التناقض، فقد سبقتها تجربة الجزائر عندما فاز الإسلاميون وجرى قلب الطاولة عليهم لتكون النتيجة ما رأيناه، بل وأشد هولاً من الذي هوّلوا منه لو تسلّم إسلاميون السلطة. ولدينا تجربة الانتخابات الفلسطينية التي أجمع العالم على نزاهتها ثم حاصروها ووأدوا التجربة بسبب فوز حركة "حماس".
إن من حق الإسلاميين، سواء كانوا من الإخوان المسلمين أو من السلفيين أو من يتوسّطهم، أن يتسلموا السلطة إذا منحتهم غالبية الشعب المصري ثقتها، ولأن التاريخ لا يقف والأيام دول، لنضع القادة الجدد تحت المجهر ونرصد سلوكهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولنرى كيف سيحلون مشاكل المجتمع ويلتزمون مواقفهم المعلنة بدءاً من رغيف العيش وانتهاء بمعاهدة "كامب ديفيد" وغيرها من قضايا الصراع العربي "الإسرائيلي" والعلاقات مع حماة "إسرائيل" في المعسكر الإمبريالي. وفي ظل مبدأ تداول السلطة والرقابة اللاحقة من شعب واع وأصيل، ستتم محاكمة السلطة الجديدة، فإن أحسنت تستمر في الحكم وإن أخفقت أو فشلت سيخرجها الناس أنفسهم الذين وضعوها في السلطة.
أن هذا المد الاكتساحي الذي يحققه الإسلاميون مردّه غياب وعجز سواهم من القوميين والعلمانيين والقوى اليسارية في إثبات حضورهم وإقناع الناس ببرامجهم، إن وجدت أصلاً، ومردّه أيضاً تشرذم هذه القوى مع حملها العناوين ذاتها، ما يجعل قادتها بنظر الناس مزايدين وفرسان كلام وانتهازيين. وعندما تتواجد هذه القوى وتأتلف ولا تبعثر أصوات مؤيّديها، وعندما تندمج في هموم الناس وتثبت أنها المعبّر الحقيقي عن هذه الهموم، فإنها عندئذ تستطيع أن تجذب شرائح أوسع من المهمّشين والناس الذين لا يفضّلون حكم الإسلاميين كعدم تفضيلهم حكم الحداثيين الجدد الذين لا تهمّهم العروبة وتحرير الأرض واستعادة الحقوق المغتصبة بقدر ما يهمّهم إرضاء دوائر الغرب وإثبات دخولهم تحت أضواء "الحداثة" من بوابة الحريات والتنظيرات الحقوقية التي لا تعدو كونها، لدى كثيرين منهم، كلام حق يراد به باطل..
بدايات الغيث قطرة
بدايات هذا الغيث المنهمر الذي لاحت اولى تباشيره من تونس الخضراء وبدايات ظهور حقبة جديدة على الساحة المصرية يذكرنا بما روى النسائي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «أمتي كالمطر لا يُدرى أوله خير أم آخره» وهذا التشبيه له واقع متجدد نراه ونسمعه ونعيشه، وهو أن خيرية هذه الأمة لا تنفصل عنها ولا تنعدم، وهذا الأمر يرجع لكون عقيدة هذه الأمة هي الدافع المحرك والبوصلة الموجهة لهذه الحركة...
لقد كان تميز أول الأمة بعقيدتها الدافعة، وكذلك الأمر بالنسبة للخلف، فقد تميزوا عن غيرهم من الأمم بهذه العقيدة، ولم يكن أمر السلف فلتة من فلتات التاريخ حين اجتاحوا الجزيرة العربية والعراق وبلاد الشام وفارس، وقضوا على إمبرطوريتي فارس والروم بأقل من عشرين عاماً، فلا يقولن قائل إن هذه الفلتة لن تتكرر، وإن المسلمين اليوم لن يستطيعوا بناء ما انهدم.
إن وجود الدافع الدائم ميزة لهذه العقيدة وليس أمراً منفصلاً عنها يخضع للظروف والأحوال أو المواقف، بل هو أسها ولا تكون إلا به، بعكس غيرها من العقائد أو الدعوات أو الأفكار، فإنها إن ملكت دافعاً فإنه يكون دافعاً آنياً يخضع للظروف والأحوال والرجال، ومثال ذلك الدافع الذي جعل التتار يجتاحون العالم حتى وصلوا إلى تخوم مصر، ثم ما لبثوا حين قتل قائدهم ومات ملكهم إن سكنت ريحهم وفتّ في عضدهم .
لقد كان توحد المشاعر والأحاسيس النابع من العقيدة عند المسلمين هو أحد أركان مكامن القوة الدافعة لهذه العقيدة، وقد برز هذا الأمر جلياً في كل قضية وظرف تمر به الأمة الإسلامية، أو يقع على قطر من أقطار المسلمين، ومتى يقع هذا الظرف تظهر هذه الطاقة الكامنة بالقوة النابعة من فهم هذه العقيدة، إذ إنه كلما فهم المسلمون الإسلام كان هذا الظهور أقوى وأبلغ..
إن الأمة الإسلامية التي تحمل هذه العقيدة واجب عليها أن تدرك وتعي ما تملك من قوة مؤثرة وفاعلة، فكما أنه لا يجوز للمسلم أن يحقر نفسه فكذلك الأمة، وإن قدرتها على التغيير قوة لا تقهر لا من قبل حاكم أو فرعون ولا من نظام مستبد، وإن المعس الذي عانته منذ سقوط دولة الخلافة ما هو إلا مرحلة في سيرها نحو النهضة الفكرية المنشودة، فالمهر غال والعروس الجنة، وكذلك مرحلة الاستعمار والاستقلال وما نتج عنهما من الدمار والخراب على كل الصعد، فلم تزدد الأمة إلا صلابة وتمسكاً بعقيدتها لبناء دولتها، بعكس الأمم الأخرى التي سرعان ما كفرت وتنكرت لمبادئها وعقيدتها بين عشية وضحاها، وأصبحت أثراً بعد عين في غضون ساعات.
إن المتتبع للأحداث في العالم العربي وتسلسل وقوعها ابتداء من تونس ليرى ويدرك أن ما حصل قد كان مرشحاً للحدوث فيها وفي غيرها بنفس القدر، إذ إن الإفقار والتجويع والإذلال إنما هي عوامل تجعل أي إنسان يثور على هذا الوضع ليغيره، فكيف يكون هذا الأمر عند خير أمة أخرجت للناس؟ فكان هذا الاحتقان عند الأمة الإسلامية المستند لوعيها السياسي من مشرقها إلى مغربها هو هو، وان الحرارة عند الأمة في كل مكان هي نفس الحرارة، وإن الشوق للإسلام هو نفسه في كل قطر، و لكن تونس هي التي علقت الجرس إيذاناً بكسر حاجز الخوف من الغاشم فكسرته.....
إن ما حدث في انتخابات مصر وتونس والمغرب النزيهة، وسواء أَوَصلنا إلى ما نريد أم لم نصل، فإنه نصر للفكرة، وأثبت مقولتنا بأن السند الطبيعي للحكم إنما يكمن في الأمة، والجيش سندها، وليس معاداة الجيش أو الاستقواء بالخارج، وإن طريقتنا التي استلهمناها من سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) القائمة على الصراع الفكري والكفاح السياسي هي التي تتغذى بها الأمة لتصل إلى التغيير الحقيقي.
وصدق الله العظيم حين قال: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ) [الرعد 17]....
هذه الغيثية لا الغثائية تجعلنا اليوم ننشد بعزة:
يا أمّة الغيث هِلّي اليوم وائطلقي *** فكم تحسّر طرْفُ العينِ في الأفق ِ!!
يا أمّة الغيث هل للغيثِ من سُحبٍ *** سحّاءَ تُطْفيءُ ما في القلبِ من حُرق ِ !!
يا أمّة الغيثِ أنتِ النورُ منسكبا *** من سدرة المُنتهى للمصطفى الشَفِق ِ
سنا تجلّى إلى جبريلَ مؤتمناً *** فهلْ لنورِكِ في الآفاق ِ من شَفق ِ
يرنو إليكِ وجودٌ لا حياة َ له *** إلا بنبضِك في وجدانِهِ الخَفِق ِ
وتشرأبُ البرايا في سفاسفها *** إلى سموِّكِ في الإيمان ِ والخُلُق ِ
ويستغيثك جرحٌ لا التئامَ له *** إلاّ برايات ِ سبّاق ٍ و مُسْتَبِق ِ
ويسألُ السهدُ عنكِ النَّجمَ في أملٍ *** لعلَّ فجْركِ يجلو ظلمة َ الغسق ِ
وللجوى عنكِ تطوافٌ وأسئلةٌ *** وألفُ تنهيدةٍ في مسْمَع ِ الأرق ِ
وتغزلُ الريحُ فوقَ الرَّملِ ملحمةً *** من ذكرياتِ الفِدا والعزِّ والسّمَق ِِ
يا أمّة الغيثِ هلّي اليوم وانطلقي *** فأنتِ رَوْحُ الشذى في الزهر والورق ِ
وأنتِ بُشرى الهدى المُنثال منذُ زها *** فجرُ النبوّةِ واستجلى لكلِّ تقي
وفي يمينكِ آياتٌ مبيّنةٌ *** من سورةِ الفتحِ والأنفال ِ والفلق ِ
بك استنارت قلوبُ السائرين هدى *** ومنكِ يحلو الجنى في غصنهِ العذق ِ
يا أمّة الغيثِ هلي اليوم وائطلقي *** واستنقذي الكون من دوامّة ِ النَفَق ِ
كم معقل ٍ صار للأعداءِ مرتفقا *** قد كان مبعثَ راياتي و مُنْطلقي
يا أمّة الغيثِ يا آمالَ مرتقبٍ *** والأرضُ تهتفُ من وجدانِ منسحق ِ
مدّتْ إليك ِ ذراعَ المستغيثِ رجا *** فاستفتحي باسم ربّي كلَّ منغلق ِ ..
وأجهشت، ونداءُ الشوقِ في فمها: *** خذي بحاري وبرّي واملأي طرقي
عودي لسيرتك الأولى هدى وسنا *** صوني البريّة عن مستنقّع الغرَق
آمنتُ يا أمتي بالنصر فاعتصمي *** واستنزلي الفتح.. وامضي للعُلا.. وثقي
انتصارات الماضي بالحاضر موصولة...
إن حتمية التاريخ عندنا تنتظم تاريخ كل أنصار الحق في كل زمان في مواجهة جنود الباطل في كل زمان ومكان، وهي تختلف عن كل فلسفات التاريخ عند الأمم بأنها ترقب انتصار أهل الحق للحق وبالحق، لا انتصار أهل الدنيا للدنيا، وعلوَّهم في الأرض واستكبارَهم على الناس.
وفلسفة التاريخ هذه (أو حتميته) هي ما يُطلِق عليه القرآن وصف (سنة الله)؛ أي طريقته وعادته - سبحانه - في إجراء تصاريف الزمان ومقاديره، على مقتضى الحكمة الإلهية، كما قال - سبحانه -: إن انتصار الإسلام - وهو دين الرسل جميعاً - سنة إلهية، وبِلُغة القوم: (حتمية تاريخية) ولا مشاحة في الاصطلاح؛ فسنن الله تحكم التاريخ، وتشكِّل حتمياتِه، مهما بدا لقصار النظر أنها تسير بخلاف ما يقوله الله وما يريده. فقد انتصر الرسل جميعاً على أعدائهم، حتى جاء خاتمهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم ففتح الله له فتحاً مبيناً ونصره نصراً عظيماً على صنوف الأعداء من مشركين وكتابيين ومنافقين، وسجل القرآن الكريم هذه السنة الإلهية و (الحتمية التاريخية) فقال - سبحانه -: ولم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حقق الله له النصر على كل من ناوأه، وخُتمَت حياته صلى الله عليه وسلم ببشارة النصر الذي اقترن بفتح القلوب بالتوبة قبل أن يقترن بفتح البلدان بالغزو، فقال - سبحانه .
ومثلما وعد الله رسوله بالنصر، وعد أتباعه به ما استقاموا على دينه وسنته، فقال - سبحانه -:
ولقد شهدتْ أحداث التاريخ الإسلامي في عهوده المتوالية، على أن هذه السُّنة الإلهية وتلك الحتمية التاريخية في انتصار الإسلام، هي قدر هذه الأمة على قدر استجابتها واستقامتها؛ فمنذ أن كسر الله بهذه الأمة مُلْك كسرى وقَصَر نفوذ قيصر، توالت انتصارات الأمة في جنبات الأرض الأربع، فلم يستطع التتار قهرها، ولم يتمكن الصليبيون من إخضاعها، وكذلك قاومت العداة من الأوروبيين في العصر الحديث فلم تركع لهم، ولم تخضع لمشاريعهم الاستعمارية التي استهدفت مسخ هويتهم وتبديل شريعتهم، وقد كان آخر عهد القوة الفرنسية العالمية بالمجد بعد اجتياحها لمصر والشام في ما عُرِف بالحملة الفرنسية التي أعقبها سقوط تلك الإمبراطورية بعد عودة نابليون إلى بلاده لمواجهة المصير المحتوم.
وكذلك انتهت عهود القوة العظمى لبريطانيا بعدما قادت ضد مصر ما عُرِف ب (العدوان الثلاثي) مع فرنسا و (إسرائيل) فبعدها أفل نجم قوة (بريطانيا العظمى) لترثها أمريكا.
وفي عصرنا الراهن - وعلى الرغم من الوهن الذي أصاب الجسد الإسلامي - فإن هذه الأمة بما بقي فيها من الخيرية أحرزت بالإسلام انتصارات كبرى، لم يمنع من إبرازها أوالمفاخرة بها إلا أن أهلها لم يكونوا إلا عصائب متفرقة في الآفاق من المطاردين والمستضعفين، الذين لم يحتف أو يحتفل بهم أحد ....
وجاءت الثورات العربية الأخيرة لتؤكد أن المستقبل للإسلام في أراضيه، وأبانت أنه لا بقاء في أرض الإسلام لنظام لا يحترم الإسلامَ وكرامةَ أهل الإسلام، وأظهرت أن الأمة قد أعادت، أو هي في سبيل استعادة اكتشاف ذاتها بالعودة إلى هويتها وعقيدتها، ولا شك أن الإسلام بذلك يسجل انتصارات جديدة تتوالى مظاهرها:
• لقد انتصر الإسلام عندما انتفضت شعوبه في عدد من البلدان وليس لها معقل تخرج منه وتفيء إليه إلا المساجد التي عادت لها مكانتها بعد طول غياب.
• وانتصر الإسلام عندما اتخذت الشعوب المنتفضة من يوم الجمعة موعداً للمطاهرات والمطالبة برحيل العتاة وتتكرر وقفات المطالبات السلمية بالعدالة والحرية في ظل الحياة الإسلامية، بعد اصطفاف المنتفضين جميعاً يصلون؛ حتى أولئك الذين لم يكونوا يصلون!
• وانتصر الإسلام عندما تساقط الطغاة، واحداً تلو الآخر، من الناحية الواقعية أو الحكمية؛ فحتى الذين لا يزالون يقاومون السقوط من الطغاة بأشد الأساليب سقوطاً، قد سقطوا من أعين شعوبهم • وانتصر الإسلام عندما أذن الله للذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله، أن تنفتح أمامهم سبل العودة للديار بعد طول انتظار، ويُطرَد أعداؤهم ويخرجون منها مدحورين أو يدخلون السجون صاغرين، وتتبدل الأحوال فيأمن الخائفون، ويخاف الآمنون، ويقوى المستضعفون ويضعف المتجبرون.
• وانتصر الإسلام عندما فتحت بل كُسرَت الأبواب المؤصدة أمام الدعوة والدعاة في كثير من بلدان الشعوب المنتفضة، وصدع الدعاة (آمنين) بكلمة الحق والتوحيد، وعادت منابر المساجد وأعمدة الصحف وشاشات القنوات متاحة مفتوحة على مصاريعها أمام كل صادع بالحق، ناطق بالصدق.
• وانتصر الإسلام عندما انكشف عُوار الطابور الخامس من المنافقين الخائنين للدين، الذين كانوا يختالون ويحتالون فيحتلون مناصبَ (الأمن) فيحيلونه خوفاً وإرهاباً، ومنابرَ الإعلام فيجعلونها إفساداً وخراباً، وكراسيَّ الفكر والثقافة فيشيعون منها الانحرافات والضلالات.
• وانتصر الإسلام عندما رأى المستضعفون أعداءهم الطغاة في بعض البلدان، يحلُّون مكانهم في غيابات السجون وأقبية الزنازين، مع فارق أن المظلومين كان الله معهم، أما الظالمون فليس معهم أحد إلا من كانوا لهم حُراساً وحجَّاباً وخدماً من عسكر الطغيان.
• وانتصر الإسلام عندما عادت قضية تحكيم الشريعة إلى الصدارة، وعندما ظهرت الحقيقة المغيَّبة التي طالما أخفاها العلمانيون في الداخل، وتواطأ على تزييفها وتزويرها أعداء الإسلام في الخارج، وهي أن الشعوب المسلمة لا ترضى بغير الله رباً والإسلام ديناً ومحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، وشريعة الإسلام أصل في التشريع تنص عليه الدساتير.
• وانتصر الإسلام عندما تبيَّن للعالم أن الجيل الجديد من شباب الأمة الذي خطط أولياء الشيطان لشيطنته ومسخ عقيدته، ومسح شخصيته، لم يُمسَخ ولم تُمسَح هويته، ولم تصادَر رجولته، على الرغم من إفساد الشياطين، فكان طليعة الثائرين لكرامة الأمة والمطالبين باستعادة عزتها، صامدين في ميادين التحدي الأرقى والأنقى على مستوى الثورات في العالم.
• وانتصر الإسلام عندما ظهرت ثمرة جهود أجيال من الدعاة والعلماء والمفكرين من كافة الجماعات في توعية عموم الأمة، فصارت غالبية الناس تميِّز بين الغث والسمين من القول، وبين العدو والصديق من الناس، وبين النافع والضار من الأفكار والنظريات والنشاطات.
• وانتصر الإسلام عندما نتج عن كل ما سبق أن الأمة لم تعد عندها (قابلية للاستعمار)، ولا استعداد للخنوع لعدو (خارجي أو داخلي) ولا قبول للخداع تحت الشعارات البراقة المستوردة من الخارج أو المصنعة في الداخل؛ فالأمناء فقط هم أهل الثقة، وأهل الخبرة هم أهل القبول.
• وانتصر الإسلام عندما أدرك العوام والخواص من الناس أن النصر من عند الله وحدَه، مهما ضعف أصحاب الحق وتجبَّر أهل الباطل، وقد ظهر لهم ذلك جلياً، مما بدا من آثار إصرار الثوار وهم في غالبيتهم عزلٌ مسالمون، ومع ذلك أطاحوا، ولا يزالون يطيحون بالعروش دون جحافلَ أو جيوش.
وظهرت للناس آية من آيات الله؛ حيث ألقى الرعب والخذلان في قلوب المتكبرين على الرغم من كثرة عددهم وعدتهم، وثبَّت المستضعفين العزل وقوَّاهم وأيدهم على الرغم من ضعفهم وقلة إماكانتهم.
إن انتصارات الماضي والحاضر، موصولة بانتصارات المستقبل التي قال النبي صلى الله عليه وسلم عنها: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعزِّ عزيز أو ذلِّ ذليل؛ عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر». وهكذا يثبت الزمان ما نطق به القرآن؛ فسبحان من صَدَقَ وعده، ونَصَرَ عبده وهزم الأحزاب وحده:{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ٥ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ} ..
هل يخالجكم شك في قوة الله وقدرته على نصرة دينه وأوليائه ؟ وهل ترتابون في ضعف كيد الأعداء مهما بلغت قوتهم وكثرت جموعهم ؟ وهل يتردد مسلم في أنّ العاقبة للمتقين ؟وأنّ الغلبة في نهاية المطاف للإسلام والمسلمين؟ تلك مسلمات لا تقبل الجدل وأدلتها من الكتاب والسنة قد لا تحصر وإن كان الله قد جعل لكل شيء قدرا ، وجعل للنصر والتمكين شروطا لا بد توفرها وهي ليست ضربا من المستحيل ولا فوق طاقات البشر ، ولكنها تحتاج إلى صدق وإخلاص وجهاد ونية . والمسلمون اليوم ممتحنون ليثبتوا صدق جهادهم لدينهم ، وولائهم لشرع ربهم والمؤمنين وبراءتهم الكفر والكافرين وقد قيل لمن هم خير منهم {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ }.
لا بد أن نعتقد أنَّ الحق والعدل أساس في هذا الكون، وأصل في بناء السماوات والأرض، وأنَّ الدنيا بدأت بالحق، وستنتهي بالحق، ويوم القيامة يتجلى الحق في أعلى وأجلّ صوره، ومن هذا الحق أن تعود لأمة الإسلام قيادتها للبشرية، ومن الحق أن يعود حكم الإسلام إلى الأرض كلِّها، ومن الحق والعدل أن تزول هذه الغشاوة، وأن تنقشع هذه الغُمة التي تحياها هذه الأمة. ولا يغرنكم انتفاش ريش الباطل على الدنيا بأسرها في هذه الفترة، فإن الله جل وعلا يقول: {لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِى الْبِلادِ * مَتَٰعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ}... إنَّ الكفر والباطل وإن تسلط فإنَّ تسلطه محدود بقَدَر من الله، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يستمر، لأن الله جعل لكل شيء نهاية. ولنفرض بأنَّ الكفار استطاعوا أن تكون لهم الغلبة مدة الحياة الدنيا كلِّها، ألسنا نحن المسلمين نعتقد ونؤمن بأنَّ الله قد وعدنا بالآخرة؟ وبالحياة الأبدية الباقية في الجنة ؟ فما قيمة الحياة الدنيا من أولها إلى آخرها مقارنة بالآخرة؟ ألا ترضون أن يأخذوا هم الدنيا وتكون لنا الآخرة؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر ((مَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمْ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةُ)) البخاري.......
نصر الأمة الحقيقية قد انعقد غمامه
لقد قص الله عز وجل علينا قصة أصحاب الأخدود والطريقة التي انتهت إليها؟ إنها حادثة مؤلمة جدا، أن يَحْفُرَ الكفار أخدودا في الأرض، ثم يؤججوا فيه النيران، ثم يلقوا فيه أناساً أبرياء لا ذنب لهم سوى الإيمان {وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ} ولحكمة يعلمها الله عز وجل لم يذكر في نهاية القصة أنَّه عاقب أولئك المجرمين أو انتقم منهم كما أخذ قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم شعيبٍ وقومَ لوط، أو كما أخذ فرعون وجنودَه أخذ عزيز مقتدر. وعند المقارنة الدنيوية وإغفال عالم الآخرة، يكون هؤلاء المجرمون هم المنصورون، وأولئك المؤمنون هم الخاسرون ، لكنَّ الله عز وجل أخبرنا في هذه الحادثة بهذه النهاية المؤلمة، ليُعْلِمنا وليكشف لنا عن حقيقة أخرى، وهي أنَّ الحياة الدنيا بما فيها من لذائذ وآلام، ومتاع وحرمان، ليست هي القيمة الكبرى في الميزان، وليست هي السلعة التي تقرر حساب الربح والخسارة، ولكن القيمة الكبرى في ميزان الله عز وجل هي قيمة العقيدة، والسلعة الرائجة في سوق الله تعالى هي سلعة الإيمان، وإنّ النصر في أرفع صوره هو انتصارُ العقيدة على الألم، وانتصارُ الإيمان على الشرك والكفر، {وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ *الذي لَهُ مُلْكُ السموات وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلّ شيء شَهِيدٌ} فالله عز وجل شهيد على هذه الحادثة، وهكذا اتصلت حياة المؤمنين في الأرض بالحياة الباقية الخالدة في الملأ الأعلى، واتصلت الدنيا بالآخرة، ولم تعد الأرض وحدها هي مجال المعركة بين الخير والشر، ولم تعد الدنيا هي خاتمة المطاف، ولا موعد الفصل في هذا الصراع. لقد انفسح المجال في المكان والزمان، والقيم والموازين، واتسعت آفاق النفس المؤمنة، وكبرت اهتماماتها، فصغرت الأرض وما عليها، وصغرت الحياة الدنيا وما يتعلق بها، وكَبُرَ المؤمن بمقدار ما معه من إيمان غيبي، فأخبر عن العقاب الأخروي لهؤلاء المجرمين فقال: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُواْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَٰتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} أما أولئك الذين صبروا ، وأحرقتهم النار في هذه الدنيا ، فيقول الله عز وجل في شأنهم: {إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لهم جنات تَجرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ} هذا هو الميزان ، ذلك الفوز الكبير. ولو أجرينا مقارنة بين الكفر والإسلام، لوجدنا أنَّ دين الله قديماً وحديثاً هو الغالب، وهو المسيطر مدةً أطولَ من سيطرة الكفار، فهل تعلموا أنَّ الناس بعد آدم عليه الصلاة والسلام بقوا مدَّة عشرة قرون على التوحيد والإسلام ؟!. وهل تعلموا أنَّ أمتنا بقيت حاكمة منذ بعثة نبيها صلى الله عليه وسلم إلى زمن سقوط الخلافة العثمانية سنة 1924، أكثر من ثلاثة عشر قرناً من الزمان وهي أمة ظافرة منتصرة، بيدها تدبير كثير من أمور الدنيا حتى الأمم الكافرة، وهذه هي التي طالما تغنى بها كثير من شعراء المسلمين عندما قالوا:
ملكنا هذه الدنيا قرونا --- وأخضعها جدودٌ خالدونا
وسطَّرنا صحائف من ضياء --- فما نسي الزمان ولا نسينا
حمَلناها سيوفا لامعاتٍ --- غداةُ الروع تأبى أن تلينا
إذا خرجت من الأغماد يوما --- رأيت الهول والفتح المبينا
وكنا حين يأخذنا وليٌّ --- بطغيان ندوس له الجبينا
وكنا حين يرمينا أناس --- نؤدبهم أُباةً صابرينا
وما فتئ الزمان يدور حتى --- مضى بالمجد قوم آخرونا
وأصبح لا يُرى في الركب قومي --- وقد عاشوا أئمته سنينا
ورغم ذلك ما زلنا نؤمن انها فترة وتوشك على الاندثار وستعود الامةلتسود وتاخذ الخطام
وً لا يجوزُ أن نقارنَ لحظةً معينةً من عمرِ التاريخ وننسى الماضي كلَّه، والمستقبلَ كلَّه. إنَّ تسلط الكفار في هذا الوقت إنَّما هو تسلط مؤقت بقدر من الله عز وجل، ولحكمة منه سبحانه وتعالى، ودينُ الله غالبٌ، ونصرُ الله قريب، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} فهذه الأمَّة منصورة بإذن الله تعالى، وإنَّما تحتاج إلى من ينفض عنها الغبار.
ربَّما يقتل أناس من هذه الأمة، وربَّما تباد جماعات ومجتمعات، وربَّما تسقط دول وتذهب أسماء وشعارات، وهذا كلُّه صحيح، لكنَّ الإسلام باق، والذي يريد أن يواجه الإسلام، أو يحارب الإسلام مسكين، مثله كمثل الذبابة التي تحاول حجب ضوء الشمس والله متم نوره ولو كره الكافرون، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى وَدِينِ الْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}
قل لي بربك هل تطيق ذبابة --- حجبا لنور الشمس وهو البادي
إن هذا الدين هو سر بقاء هذه الأمة ووجودِها، وهذه الأمة إنما خلقت للإسلام، ووجدت للإسلام، والذي يريد أن يقضي على الإسلام فليقض على هذه الأمة، وهل يستطيع أحد أن يقضي على هذه الأمة، هيهات ثم هيهات!! فهذه الأمة موعودة بالبقاء، وليس بالبقاء فقط بل البقاء مع النصر والتمكين، ولا يزال الله عز وجل يخرج لهذه الأمة في كل مرحلة من تاريخها دعاةً علماءَ وقادةً ومجاهدين يستعملهم في خدمة هذا الدين، ولن يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا وسيدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام وأهله، وذلاً يذل الله به الكفر وأهله عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ((لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ))أحمد وصححه الحاكم وابن حبان والألباني....
إنّ هذا الدين هو كلمة الله عز وجل، ولا إله إلا الله هي كلمة الإسلام، ومن ذا الذي يستطيع أن يُطفئ نور هذه الكلمة؟
أتُطفِئ نورَ الله نفخةُ كافر --- تعالى الذي في الكبرياء تفردَّا
إذا جلجلت الله أكبر في الوغى --- تخاذلت الأصوات عن ذلك الندا
ومن خاصم الرحمن خابت جهوده --- وضاعت مساعيه وأتعابه سُدى
إننا بحاجة إلى التذكير بالمبشرات الصادقة لندفع بها اليأس والإحباط عن نفوسنا ونجدد العزائم ونتلمس أسباب النصر والتمكين فمن رحمة الله بأمتنا أن جعل لها بعد العسر يسرا وبعد الشدة والضيق فرجاً ومخرجا فقال :{ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} ولن يغلب عسرٌ يسرين قال العلامة السعدي في تفسيره : ( بشارة عظيمة إنَّه كلَّما وجد عسرٌ وصعوبة فإنَّ اليسر يقارنه ويصاحبه حتى ولو دخل العسر جحر ضبٍ لدخل عليه اليسر فأخرجه ) كما قال تعالى :{ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" وإن الفرج مع الكرب وإن مع العسر يسرا" رواه أحمد وصححه الحاكم .
إذا اشتملت على اليأس القلوب --- وضاق بما به الصدر الرحيب
وأوطأت المكاره وأطمأنت --- وأرست في أماكنها الخطوب
ولم ترى لانكشاف الضر وجها --- ولا أغنى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوثٌ --- يمن به اللطيف المستجيب
وكل الحادثات إذا تناهت --- فموصول بها الفرج قريب
ومهما تلاحقت الخطوب واشتدت المكاره وتفنن الأعداء في أساليب العداوة والبغضاء فلا يغب عن البال أن نصر الله قريب وأن كيد الشيطان ضعيف وأن الغلبة في النهاية للحق وأهله { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ}... إنَّ الشدة تخفي وراءها فرجاً بإذن الله والمكروه يحمل الخير القادم بإذن الله وإنَّ الدلائل والبشائر من الكتاب والسنة ومن واقع الحضارات المادية المنهارة والآيلة للانهيار.. ومن واقع الأمة الإسلامية التي باتت الصحوة الإسلامية تسري بين رجالها ونساءها ومثقفيها وعوامها ومن واقع الأعداء كذلك وتآزرهم لضرب الإسلام وخنق المسلمين ، كلُّ هذه وغيرها تقول بلسان الحال : إنَّ الإسلام قادم وإنَّ الجولة القادمة للمسلمين إن شاء الله فعلى المسلمين أن يرجعوا إلى دينهم ويعدوا أنفسهم بما يستطيعون وليدركوا أنَّ النصر في النهاية ليس بقوة المسلمين وجهدهم ولا بكثرة عددهم وعتادهم وإنما بقوة الله ودفعه { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} والمسلمون إذا صدقوا كانوا سبباً لتحقيق قدر الله في عدوه وعدوهم { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} فالنصر من عند الله فلا يهنوا ويضعفوا وهم يرون ما بالأعداء من قوة فيد الله فوق أيديهم وأمره بين الكاف والنون { وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}..
إنّ نصر هذه الأمة قد انعقد غمامه وقد أقبلت أيامه فأحسنوا الظنَّ بربكم واجمعوا مع الأمل حسن العمل , وانصروا الله في أنفسكم ينجز لكم ما وعدكم من مصر على عدوكم { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }واعلموا أنَّ الشدائد التي تمر بها الأمة هي أمارات ميلاد جديد............
لا تقولوا زرع الزارعُ والباغي حَصَدْ ....
ذهب الأقصى وضاعت قدسُنا منّا وحيفانا ويافا وصَفَدْ
لا تقولوا: حارس الثَّغْر رَقَدْ ...
أنا لا أُنكر أنَّ البَغْيَ في الدُّنيا ظَهَرْ والضَّميرَ الحيَّ في دوَّامة العصر انْصَهَرْ
أنا لا أُنكر أنَّ الوهمَ في عالمنا المسكون بالوهم انتشرْ
غيرَ أنَّي لم أزلْ أحلف بالله الأحَدْ ...
أنَّ نَصْرَ اللَّهِ آتٍ ، وعدوَّ اللهِ لن يلقى من الله سَنَدْ
لن ينال المعتدي ما يبتغي في القدسِ ما دام لنا فيها وَلَدْ ..
* رئيس الحركة الإسلامية في ام الفحم وضواحيها..
رئيس الدائرة الإعلامية في الحركة الإسلامية القطرية-الداخل الفلسطيني.