هنيئا لنا.. فمصر في النهاية هي التي انتصرت

هنيئا لنا..

فمصر في النهاية هي التي انتصرت

بدر محمد بدر

[email protected]

أجمل ما في انتخابات المرحلة الأولى، بالإضافة إلى هذا الإقبال الرائع من كل الأعمار والمستويات على صناديق الانتخاب، الذي وصل إلى أكثر من 62% لأول مرة، هو أن الشعب المصري عبر عن نفسه بكل حرية ونزاهة وإصرار، وشعر كل مواطن لأول مرة بحريته وكرامته ومسئوليته، وحقه في أن يشارك مع الجميع في بناء وطنه وصنع مستقبله.

فهنيئا لكل من شارك في صنع وحراسة هذا العرس الوطني الجميل، ودعم هذه الروح المتوقدة، وبناء هذا الأمل في المستقبل، سواء من أعضاء المجلس العسكري ورجال الجيش، أو من رجال الشرطة المخلصين الأوفياء، أو من السادة المستشارين وأعضاء الهيئات القضائية، أو من السادة الموظفين والمعاونين، أو من رجال الأحزاب والقوى السياسية، أو من جمهور الناخبين في هذه المحافظات التسع، فمصر في النهاية هي التي انتصرت، وبدأنا في بناء مؤسساتنا الوطنية.

وهنيئا للإخوان المسلمين وحزبهم السياسي "الحرية والعدالة" على ثقة الشعب المصري، هذه الثقة التي جعلتهم يتصدرون المشهد السياسي العام بلا منازع، ويحصدون نحو 40% من أصوات الناخبين الأحرار، بعد سنوات من المعاناة والقهر والظلم والإقصاء والتهميش والحرب القذرة، وأعتقد أن هذه النسبة الكبيرة من أصوات المصريين، والتي أتوقع زيادتها في المرحلتين الثانية والثالثة، هي رد اعتبار وتقدير من الشعب الحر، الذي قدر معاناتهم وما تحملوه في سبيل الوطن.

وهنيئا أيضا للتيارات السلفية وحزبهم "النور"، الذي نافس بقوة للفوز بالمرتبة الثانية، وحصل على نحو 25% من أصوات هذه المرحلة، رغم حداثة مشاركتهم في العملية السياسية، وقلة خبرتهم في آلية الانتخابات، لكنهم انحازوا إلى الشعب وتواجدوا بين أفراده في المدن والقرى والنجوع، فانحاز لهم الشعب وأعطاهم ثقته، وأتمنى أن تتوافق الأحزاب والتيارات التي تنتمي إلى الرؤية الإسلامية على أهداف واضحة للمرحلة، لأن هناك الكثير من المتربصين في الداخل والخارج.

أما التيارات العلمانية واليسارية والماركسية، فقد منيت بخسارة هائلة في المرحلة الأولى، ربما هي الأكبر والأخطر منذ مائة عام، وانكشفت قوتها الحقيقية على الأرض، وظهر واضحا حجم قبولها الجماهيري، ولا أتوقع أن تعوض هذه الخسارة في المرحلة الثانية أو الثالثة، ولعلها أدركت أنها لم تجن من تعايشها مع الاستبداد السابق واستقوائها به سوى فقد الشرعية الشعبية، وتضاؤل فرص بقائها واستمرارها في المستقبل، بعدما اعتمدت على شرعية الصالونات والميكروفونات.

وحصد حزب الوفد الجديد نتائج سياساته وما جناه قادته في الفترة الأخيرة، فلم يفز بأكثر من 11% من أصوات الناخبين، وهذه النتيجة لا تليق بحزب كبير، وهي الأسوأ على مدى تاريخه العريق، وسبق أن قلت في هذا المكان إن مواقف وتصريحات قادة الوفد سوف يدفع الحزب ثمنها في الانتخابات المقبلة، وعلى رأسها مطالبة رئيس الحزب باستمرار الحكم العسكري، وكانت وثيقة السلمي هي قاصمة الظهر، وأدرك الكثيرون من شعب مصر أن الوفد الآن يسير بلا مبادئ.

لقد كان خروج كافة أطياف الشعب المصري، نساء ورجالا وشيوخا وشبابا ومرضى وأصحاء، بهذه الحماسة والإصرار والكثافة والانضباط، في ظل ظروف المطر والبرد القارس والأوضاع المعيشية الصعبة، ووقوف الجميع ساعات طويلة بلا ضجر أمام اللجان الانتخابية، أبلغ رد على تلك المزاعم التي شككت في جدوى إجراء الانتخابات في الوقت الحالي أو أن الشعب غير جاهز الآن للديمقراطية، وهي المزاعم صدعوا رؤوسنا بها، وبأنه لا يمكن حماية الانتخابات وتأمينها.

لقد انتصرت مصر الثورة، وبدأنا نجني أولى ثمار هذه التضحيات الغالية، التي أبدا لن تذهب سدى.