من ماثل أباه فما ظلم
أشرف إبراهيم حجاج - إعلامي – القاهرة
يقفز إلى خاطري في هذه اللحظات قصيدة شوقي في دمشق الحبيبة المجاهدة التي واجهت الفرنسيين بالسلاح والصدور والدم ... والتي استهلها بقوله :
سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ" "وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ
ويقول عن شبابها :
غَمَزتُ إِباءَهُمْ حَتّى تَلَظَّتْ" "أُنوفُ الأُسدِ وَاضطَرَمَ المَدَقُّ
وَضَجَّ مِنَ الشَكيمَةِ كُلُّ حُرٍّ" "أَبِيٍّ مِن أُمَيَّةَ فيهِ عِتقُ
ويشير إلى أصالة مجد المدينة وعظمتها فيقول :
أَلَستِ دِمَشقُ لِلإِسلامِ ظِئرًا" "وَمُرضِعَةُ الأُبُوَّةِ لا تُعَقُّ
صَلاحُ الدينِ تاجُكَ لَم يُجَمَّلْ" "وَلَمْ يوسَمْ بِأَزيَنَ مِنهُ فَرقُ
**********
وهي قصيدة من أعظم القصائد التي نظمها شاعر قديما وحديثا ، تذكرتها وأنا أرى المدعو " بشار الأسد " ، وليس له من اسمه أي نصيب : فهو لا يبشر بخير ، وليس فيه من صفات الأسد شيء ، وهو يذكرني بقول الشاعر :
أسد عليّ وفي الحروب نعامة فتْخاء تنفر من صفير الصافرِ
وحق فيه قول شاعر آخر :
وإذا ما خلا الجبان بأرض طلب الطعن وحده والنزالا
وأقسم بالله أنني رأيت هذا البشار وهو يرتدي حلة عسكرية فسقطت من شدة ضحكي حتى تعجب ولداي إبراهيم ومحمد . لأن هذا البشار المنشار وهو في حلة عسكرية ذكرني بما نسميه في مصر ( خيال المآتة ) وهو من خشبتين كالصليب يرتدى قميصا ويغرس بعموده الطويل في أرض القمح أو الأرز حتى يخيف العصافير .
**********
وأراني أميل إلى أنه من الخطأ لوم هذا البشار المنشار على جرائمه ؛ لإنها طبيعته النفسية والعقلية التي ورثها عن أبيه حافظ الأسد الذي سلم الجولان والقنيطرة لليهود وسحب الجيش السوري من القنيطرة ، ليضرب بجيشه وطيرانه مدينة حماة ، وهو الذي لم يطلق قنبلة واحدة ، ولم يوجه مدفعا لإسرائيل . واستشهد من حماة ألوف مؤلفة . فلماذا تلومون بشار المنشار الذي ورث الخيانة عن أبيه . وصدق المثل الذي يقول " الحية لا تلد إلا الحية " ونسي أنه لن يفلت من يد الله ، فنهايته ستكون كنهاية القذافي وغيره من الطغاة .
ولا تعجبوا إذ يتهم هذا النصيري المنشار ... يتهم الثوار بأنهم خونة ، وأن دماءهم حلال وهَدَر . مع أن الفرنسيين كانوا أمام جهاد أهل دمشق كما قال شوقي :
دَمُ الـثُوّارِ تَعرِفُهُ جَرى في أَرضِها فيهِ حَياةٌ" بِـلادٌ مـاتَ فِتيَتُها لِتَحيا" | فَرَنسا""وَتَـعـلَـمُ أَنَّهُ نورٌ "كَمُنهَلِّ السَماءِ وَفيهِ رِزقُ "وَزالوا دونَ قَومِهِمُ لِيَبقوا | وَحَقُّ
وتبقى الحكمة البالغة التي نجدها في أبيات شوقي :
وَلا يَبني المَمالِكَ كَالضَحايا" "وَلا يُدني الحُقوقَ وَلا يُحِقُّ
فَفي القَتلى لِأَجيالٍ حَياةٌ" "وَفي الأَسرى فِدًى لَهُمُ وَعِتقُ
وَلِلحُرِّيَّةِ الحَمراءِ بابٌ" " بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ
وفي القريب العاجل سنرى مصرع الطاغية التافه بشار المنشار ابن الحية :
" ..... وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ " الشعراء (227) .