التونسي قادر على صنع الديمقراطية الحقة في ظل ثورات الربيع العربي
التونسي قادر على صنع الديمقراطية الحقة
في ظل ثورات الربيع العربي...
رضا سالم الصامت
شهدت تونس حركية لا مثيل لها منذ الإطاحة بنظام بن علي الرئيس المخلوع ، على اثر ثورة الياسمين الحضارية التى اندلعت في الرابع عشر من يناير 2011 ، حيث توافد منذ أيام الملايين من أبناء الشعب التونسي إلى صناديق الاقتراع في أول انتخابات حرة و نزيهة جرت في 23 أكتوبر 2011 مما جعل بلدان العالم تنوه بمدى قدرة التونسي على صنع الديمقراطية الحقة في ظل ثورات الربيع العربي، و هو ما يجعل الشعوب العربية تفتخر لما يحدث في تونس الخضراء من تغيير حاسم .
تونس تدخل مرحلة جديدة في حياتها السياسية ، و أن الشعب اختار" حركة النهضة " و هي حركة اسلامية تمثله بكل حرية و دون أي املاءات خارجية في أول مجلس تأسيسي من بعد سقوط الحزب الحاكم الذي كان مهيمنا على حريات الشعب التونسي في الماضي .
حركة النهضة فازت وحسب النتائج المعلنة بنحو 40 بالمائة من مقاعد المجلس التأسيسي كما حصلت قائمة العريضة الشعبية للهاشمي الحامدي المقيم بلندن على نسب مرتفعة فاجأت الكثيرين. وانتقد حمادي الجبالي الأمين العام لحركة النهضة حصول القائمة على كل هذه المقاعد وقال أن النهضة لن تتحالف
معها. كما عبر مسؤولون من التكتل والمؤتمر من اجل الجمهورية الفائزين عن رفضهما التعامل مع نفس القائمة واصفين اياها بانها وليدة حزب التجمع الحاكم سابقا. الهاشمي الحامدي زعيم قوائم "العريضة الشعبية" أعلن لوكالة فرانس برس سحب قوائمه التي فازت ب 19 مقعدا (مرتبة رابعة) في المجلس التأسيسي، وذلك بعد إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلغاء فوز قوائمها في ست دوائر انتخابية خصوصا بسبب مخالفات مالية.
وكانت "العريضة الشعبية" ستحل ثالثة في الانتخابات لو احتسبت نتائج قوائمها الملغاة (8 مقاعد)، خلف النهضة وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية وقبل حزب التكتل الديمقرطي من اجل العمل والحريات...
و قد حلت "العريضة الشعبية" الأولى في دائرة سيدي بوزيد وحصلت على ثلاثة مقاعد متقدمة على حزب النهضة. علما و أن الهاشمي الحامدي هو أصيل مدينة سيدي بوزيد الولاية التي فجرت الثورة التونسية..
أثارت هذه التصريحات على ما يبدو حفيظة أهالي سيدي بوزيد الذين خرجوا الى وسط المدينة رافعين شعارات "زنقة زنقة دار دار حتى نسترجع الاعتبار".
و من أجل بلوغ الأمنية الشعبية و الحلم الذي طالما راود شعب تونس في بناء دولة ديمقراطية تتسم بالمساواة والتعددية والحرية، فان هذا الشعب قدم التضحيات و ناضل كثيرا في صمت و قام بثورة ناجحة ، عزز مكانتها و دافع عنها باعتبارها خطوة نحو الأمام و نحن مستقبل أفضل وفاء لدماء الشهداء الذين قدموا حياتهم من أجل هذه اللحظة التاريخية .
الشعب التونسي ألهم المنطقة والعالم كله بتحركه، وأن هذه الانتخابات ستكون لها أهمية كبيرة في التحول الديمقراطي في البلاد و التونسي بدأ يرى ويميز بين الديمقراطية والفوضى.
إن نجاح الانتخابات التونسية من شأنه أن يجعل من تونس نموذجًا للحكم بعد سنواتٍ من غياب الديمقراطية في أي بلدٍ عربي.
تواجه هذه الانتخابات تحديات صعبة ، أهمها الخوف والقلق من سيطرة الأحزاب الإسلامية كحزب النهضة الذي حصل على أغلبية الأصوات في الانتخابات والعمل على أساس احترام الديمقراطية والحداثة. والدعوة إلى حكومة ائتلافية تضم كل الشرائح التونسية ، وأنها لن تقوم بالتضييق على الحريات بصورة عامة أو بالتضييق على حرية المرأة التونسية التي تتمتع بفضل «مجلة الأحوال الشخصية» التي أصدرها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، حيث تمنع هذه المجلة بالخصوص تعدد الزوجات وتعطي المرأة حقوقاً متساوية مع الرجل!
الشعب التونسي قد تحرر من سجنه الكبير وهو الآن مصمم على بناء مستقبل أفضل و تونس تدخل مرحلة جديدة في حياتها السياسية . فالتونسي قادر على صنع الديمقراطية الحقة في ظل ربيع الثورات العربية .