بشار الأسد يحرق آخر مراكبه
متذرعاً بالقوميين العرب
د.عصام علم الدين
قالت العرب في أمثالها :إن الذي يغرق يتعلق ولو بقشة ، وقد جاء هذ المثل على خاطري وأصبت بالدهشة وأنا أتابع ما يجري على أرض سوريا الطهور، عندما سمعت وقرأت آخر تصريحات بشار الأسد ، والتي نقلتها صحيفة التلي تلغراف البريطانية ،ثم تداولتها المواقع الالكترونية والصحف والمحطات الفضائية بكثرة ،وما أثارني أكثر وأكثر هو تعلق رأس هذا النظام الساقط بقشة لا تنقذ غريقاً ولا تستر عورة شخص تعرى تماماً، ولم يتبق له حتى ولو ورقة توت شفافة تستر فضائحه ، فتعلق بآخر قشة وهي قشة القومية العربية ، ولهذا وقفت ملياً مع التاريخ والجغرافيا أقلب صفحات الزمن وأقلب المبادئ التي حملها العرب عبر تاريخهم الطويل منذ ما قبل الإسلام وحتى لحظتنا التي نحياها ،وأتأمل كل ذلك وأقول هل كان يعرف حافظ أسد، ثم بشاره من بعده قيم العرب ؟! وهل ينتمي إليهم بعقيدته الباطنية وفكره وتوجهه الفارسي؟!! حتى يستنجد بهم هذا الولد السائر على نهج أبيه في التعامل مع شعبه ومع أمته حين تبدأ ساعة الحقيقة تدق بقرب لحظات غرقه وسقوطه ؟! أوما يذكر هذا الولد الساقط قريباً بحول الله وقوته كيف تنكر أبوه لكل العرب وقيمهم ، والتي من أبسط مبادئها النجدة والنصرة لبني قومه العرب إن كان ادعاؤه فعلا بالانتماء إليهم إن تعرضوا لأي خطر؟!! وهل ينسى العرب عموماً ، والقوميون العرب خصوصاَ ، والذين ينتحل هذا البشار صفة الحريص عليهم ، ويتعلق بأذيالهم مستغيثاً بهم ، وينعق صباح مساء أنه ينافح عنهم ، وفي الوقت ذاته يتباكى عليهم ويحرضهم على الإسلام وعلى الإسلاميين ؟؟ أولا يذكر القوميون العرب كيف دخل أبوه المقبور حافظ في حلف مع الدولة المجوسية إيران التي تدعي زرواً وبهتاناً أنها دولة مسلمة ،وتتمسح بالإسلام وتتباكى عليه ، وهي عملياً تحاربه وتحارب أهله في كل آن وحين وفي كل الميادين ؟فقد حارب حافط أسد العراق العربي القومي، والجميع يشهد أن العراق حمل لواء القومية العربية بحق وصدق طوال تاريخ العرب المعاصر وقاتل نيابة عن العرب وعن هويتهم وحضارتهم ووجودهم في وجه المد الفارسي الصفوي طوال سنوات ثمان اشتهرت بالحرب العراقية الإيرانية .
ثم هل يذكر العرب جميعاً ، وعلى الأخص الزعماء القوميون العرب المعاصرون ، ما فعله حافظ أسد ومن بعده ابنه بشار مدعي القومية والعروبة بفلسطين والفلسطينيين في لبنان ؟ ألم يقف متفرجا عليهم ، بل وشامتاً بهم ، وزيادة على هذا متواطئاً مع الصهاينة ضد فلسطين والشعب الفلسطيني حين ذبح هؤلاء على يد الصهاينة وعلى يد مرتزفتهم وأعوانهم ، في تل الزعتر وفي صبرا وشاتيلا ، ثم محاصرة حافظ أسد لأبي عمار ياسر عرفات رحمه الله في بيروت ، ثم في طرابلس ومخيم نهر البارد ،ولم يشفع لأبي عمار إلا الفرنسيون حين أخرجوه بسفنهم إلى خارج لبنان ، وأجاروه من حافظ أسد وحلفائه الصهاينة .
ثم ألم يهيئ حافظ أسد الساحة اللبنانية لتكون قاعدة لإيران ولذراعها المجوسي العسكري حزب الله " عفواً " تنزه الله عن هذا الإسم ،فهو حزب الشيطان الذي وجد لخدمة الدولة الصفوية وأغراضها التوسعية في قلب الوطن العربي على شاكلة الوجود الصهيوني ، الذي وجد أيضاً بأيدي غربية ليكون خنجرا في قلب وطننا العربي ،ألا تذكروا هذا يا زعماء العرب القوميين، ولا أقصد الحكام والقادة السياسيين ، بل أخاطب قادة الفكر والنخب السياسية وزعماء الأحزاب القومية العربية بل وعلى وجه الخصوص : زعماء المؤتمر القومي العربي ،والذي طور مشروعه النهضوي ليكون مستوعباً التيارات الإسلامية النهضوية في المنطقة العربية،وهو ما يكذب اداعاءات بشار الأسد أنه يذبح الإسلام والإسلاميين في سورية نيابةً عن القوميين العرب ، ويعتبر نفسه ناطقاً باسمهم ، فأين أنتم يا نخب الفكر والسياسة في الأمة ؟ يا من تبوأتم موقع الصدارة فيها ، ويا رواد نهضتها ودعاة وحدتها وقوميتها ؟!! هل أعطيتم تفويضاً لهذا الهر الماكر حتى يتحدث بالنيابة عنكم ؟! لماذا لا تردوا على تخرصات بشار وهو يدعي قيادتكم ، وخوض معركة الدفاع عنكم ضد الإسلام السياسي وحملته من أبناء سورية ؟!!
أليس مشروع حافظ أسد المساند لإيران في قلب الوطن العربي وفي كل أقطاره وبلدانه ،أليس هذا ضرب لمشروعكم القومي في الصميم ، ثم يقف ابنه بشار وهو يزرع أرض سوريا بالصفويين والإيرانيين،ليقول بكل صفاقة وتطاول عليكم ،وكأنكم قطعان من الماشية يقودكم ويتحدث باسمكم ،أنه يدافع عنكم وعن مشروعكم القومي ،لأنه يتزعمكم ويتحدث باسمكم ويحارب الإسلام والإسلاميين دفاعاً عنكم وعن قوميتكم منذ الخمسينات من القرن الماضي ، (القرن العشرين ) وأين كان هذا الدعي وأبوه حين حمل مفكرون وقادة عرب صادقون الفكر القومي الأصيل في مواجهة الهجمة الإستعمارية الشرسة التي تعرضت لها أمتنا بعد الحرب العالمية الأولى ؟!! أين أنتم يا زعماء التيار القومي العربي المعاصرين ؟أين أنت يا معن بشور وكل زملائه من قادة التيار القومي العربي المعاصر ، هل فعلا أن ابن حافظ أسد ينافح عنكم ويحارب الإسلام بالنيابة عنكم ، نريد منكم أن تقولوا لجماهير الأمة من قوميين وإسلاميين : هل فعلا خوّلتم هذا الدعي حق محابة الإسلام وأبنائه نيابةً عنكم ؟
ثم نحن نسألكم هل فعلا أنتم تحاربون الإسلام وتحقدون على المسلمين في سورية ،هل تؤيدوه في حربه الشرسة على أطفال سورية وشبابها ،وسحقهم وحرقهم بقذائف الدبابات ،وتمزيق أجسادهم بالقنابل المسمارية ،وعلى التنكيل بزهرات أبنائها، وتريدون إبادتهم بالطائرات والدبابات والمدفعية ، وتريدون قتل الأطفال واغتصاب حرائر سورية على أيدي الوحوش الهمجية من عصابات الإجرام التي يقودها بشار وأخوه الفاجر ومن معهما من الزبانية والقتلة والساقطين ؟!!وهل خولتم بشار وعصاباته المجرمة قصف المدن السورية وتدمير البيوت على الأمنين من السكان العزل ،واتباع سياسة الأرض المحروقة ضد إخوانكم أبناء سورية ،الذين نعتقد أنكم تصنفونهم من العرب والمسلمين ومن أبناء جلدتكم ، وأنهم يؤمنون بالعروبة رابطاً مقدسا يربطهم بكم ، فهل أعطيتموه وكالة يتحدث باسمكم ويقوم بهذه المجازر البشعة ضد الشعب السوري بالنيابة عنكم ،لأنكم في صراع مع الإسلاميين – كما يدعي - وإذا كان حقدكم على الإسلاميين قد وصل لكل هذه البشاعة والهمجية ، فلماذا لم تظهروا لهم ذلك وأنتم تجتمعون معهم في المؤتمرات المشتركة بينكم وبينهم بشكل دوري في كل عام ، أم أنكم تتعاملون مع الإسلاميين بشكل باطني على طريقة حافظ أسد حفيد القرامطة الذين كشفوا عن حقدهم حين سرقوا الحجر الأسود من الكعبة وأرادوا طمس كل معالم الإسلام تعبيرا عن حقدهم عليه وعلى أهله وأبنائه ،إن كان الأمر كذلك فأفصحوا عن رغبتكم هذه حتى ترتاحوا وتتخلصوا من الإسلاميين أعداءكم كما يصوركم بشار الأسد ؟؟!! وإلا فستحل عليكم لعنة التاريخ إلى أبد الآبدين إن لم تستنكروا تطاول هذا المتأله كأبيه وجده ، وهو يحارب أمتكم وشرفاءها ويعيث فساءً في بلادكم باسمكم ؟؟
وإذا كان هناك صراع بينكم وبين الإسلاميين فلماذا تآلفتم مع الإسلاميين في المؤتمر القومي العربي الإسلامي في السنوات الأخيرة ؟ووضعتم أيديكم بأيديهم للعمل معاً فيما أطلقتم عليه المشروع النهضوي العربي الإسلامي ؟
ألهذه الدرجة يتسغفلكم هذا الباطني باسم القومية والعروبة ؟!!
فقط نذكركم بأن القرآن الذي نعتقد جازمين أنكم تؤمنون به بأنه كتاب الله ، وأنه منزل من عند الله كتاب هداية ودستور حياة لتسعد البشرية حين تعمل به ، قد تحدث في كثير من آياته عن العرب بالمدح ، وذكر كلمة القوم تحديداً في كثير من آياته وسوره ، ليقول لكم ولكل ذي عقل وبصيرة :أن لا خيرية في أمة العرب ولا قوام لها ولا قومية لها إلا عندما خاطبها الله بقوله : كنتم خير أمة أخرجت للناس . صدق الله العظيم . فقد جعل القرآن من العرب المتفرقين أمة لها الصدارة والريادة بين الأمم حين حملت راية الإٍسلام كمشعل هداية ودستور للبشرية .
لذلك نقول لكم يا زعماء التيار القومي العربي أيها القوميون العرب : إذا كنتم فعلا أصحاب فكر وموقف ، وأصحاب مشروع تريدون من خلاله النهوض لأمتكم ،فالأمر جد خطير ويحتاج لرد منكم على هذا المتخرص !!! والإسلام لم يكن في يوم من الأيام ضد العروبة والعرب والعربية ، وما كان في الخمسينات وما بعدها من القرن الماضي من تنافر بين التيارين القومي والإٍسلامي ، لم يكن بسبب خلل في أي منهما ، ولم يكن بسبب العداء بينهما ، بل كان تنافراً وعداءاً مصطنعاً من قِِبل أعداء الاسلام والعروبة والقومية العربية على حد سواء ، والآن وبعد سنوات عجاف من سوء الفهم بين القوميين والإسلاميين ، عادت اللُحمة والتلاقي بينهما ،وهما يعملان تياراً واحداً في خدمة حضارة الأمة العربية والإٍسلامية، وفي حمل قضاياها وفي مقدمة ذلك قضية فلسطين ، والتعاون معاً في سبيل رفعتها وسؤددها، والسعي لمنعتها ونهوضها ، وإعادتها لمكانها الطبيعي في موقع الصدارة بين الأمم ، فهل أنتم مدركون لحجم الخطر على الأمة وعلى هويتها من المشروع الصفوي الإيراني الذي يحمله نظام آل الأسد في بلادكم العربية ، ويخدع أبناءها بشعاراته الزائفة لاستكمال خطته والوصول لنقطة النهاية في ابتلاع المشروع الإيراني لجميع أقطاركم ،وحينذاك لا ينفعكم الندم ، هذا إن ترك لكم فرصة في الندم.