الفتح الإسلامي لمصر 1

د. محمد عبد الرحمن

د. محمد عبد الرحمن

عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين

مقدمة

فى ذكرى الفتح الإسلامي لمصر (10 ذى الحجة ) نقدم هذا الموجز المختصر .

الفتح الإسلامى لمصر

الفتح الإسلامى إنما هو لإيقاظ الإيمان فى القلوب... وإعلاء كلمة الحق.. وإزالة الظلم، فلم يكن هناك فاتح غالب وخصم مغلوب، وإنما كل من آمن واستجاب لدين الله أصبح الجميع إخواناً متحابين متآلفين.

وبذلك تذوب فكرة القومية أمام فكرة الأخوة الإسلامية.

الإمام / حسن البنا

رسالة حب وعهد

روى الصحابة رضوان الله عليهم أرض مصر بدمائهم من الإسكندرية شمالاً حتى أسوان والنوبة جنوباً ... جهاداً... واستشهاداً فى سبيل الله... ولإخراج أهلها من الظلمات إلى النور؛ لينعموا بدين الإسلام.

فإليهم رسالة حب وتقدير

ونعاهدهم ان نحمل راية الإسلام التى سلمونا إياها وأن نحافظ عليها وعلى كل شبر فى مصر بدمائنا ... وأرواحنا.

والله على ما نقول شهيد

رسالة الرسول r إلى المقوقس

بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد بن عبد الله ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط...

سلام على من اتبع الهدى... أما بعد:

فإنى أدعوك بدعاية الإسلام .... أسلم تسلم.... أسلم يؤتك الله أجرك مرتين.... فإن توليت فإن عليك إثم أهل القبط.

)     قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ(

(آل عمران: 64)

(حمل الرسالة سيدنا "حاطب بن أبى بلتعة" سنة 7 هـ).

رسالة عمر بن الخطاب

 إلى عمرو بن العاص

( بعد إبطاء الفتح)

أما بعد:

فقد عجبت لإبطائكم عن فتح مصر، إنكم تقاتلون منذ سنتين وما ذلك إلا لما أحدثتم, وأحببتم من الدنيا حب عدوكم لها، وإن الله تبارك وتعالى لا ينصر قوماً إلا بصدق نياتهم.

وقد كنت وجهت إليك أربعة نفر وأعلمتك أن الرجل منهم مقام ألف رجل على ما كنت أعرف، إلا أن يكونوا غّيرهم ما غّير غيرهم، فإذا أتاك كتابى هذا فاخطب الناس وحضهم على قتال عدوهم، ورغبهم فى الصبر والنية.

وقدِّم أولئك الأربعة فى صدور الناس، ومر الناس جميعاً أن يكونوا لهم صدمة رجل واحد، وليكن ذلك عند الزوال يوم الجمعة فإنها ساعة تنزل فيها الرحمة، ووقت إجابة، وليتضرع الناس إلى الله ويسألوه النصر على عدوهم.

ولما وصل خطاب عمر إلى عمرو بن العاص نفذ ما فيه وندب الناس للصلاة، ففتح الله عليهم الإسكندرية وباقى أرض مصر.

عهد الأمان

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على: أنفسهم... وملتهم... وأموالهم... وكنائسهم... وصلبهم.... وبرهم.... وبحرهم، لا يدخل عليهم شيء من ذلك، ولا ينقص، ولا يساكنهم النواب (أهل النوبة).

وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية... ومن دخل فى صلحهم من الروم والنوب، فله مثل ما لهم وعليه مثل ما عليهم... ومن أبى واختار الذهاب فهو آمن حتى يبلغ مأمنه.

على ما هذا الكتاب عهد الله، وذمة رسوله، وذمة الخليفة أمير المؤمنين، وذمة المؤمنين.

عمرو بن العاص.

(وقد وقع على عقد الصلح هذا مع المقوقس):

عبادة بن الصامت ... الزبير بن العوام... وابناه عبد الله ومحمد... وكذلك وردان – وهو الذى قام بالكتابة)

أخى المسلم القبطى

القبطى: تعنى المصرى، فهى جنسية وليست ديانة.

فتحت مصر صلحاً بموجب عقد الجزية الذى قدمه المقوقس حاكم أقباط مصر. وذلك بعد مفاوضته لسيدنا عبادة بن  الصامت.

وكانت الجزية مقدارها ديناران عن كل نفس ممن بلغ الحلم منهم من الصبيان والرجال، ليس على الشيخ الفانى، ولا على الصغير الذى لم يبلغ، ولا النساء شيء، وذلك مقابل الحماية والدفاع عنهم.

وكان عدد من ينطبق عليهم ذلك من أهل مصر 6 ملايين وإجمالي الجزية يومئذ 12 مليون دينار كل سنة، وأقر المسلمون للقبط أرضهم وأموالهم وكنائسهم، لا يعرض لهم شيء فى ذلك.

ورفض هرقل الروم هذا العقد، فأعلن المقوقس انفصاله عن الروم والتزامه بالعقد مع المسلمين والدخول فى سلطان المسلمين والإسلام ودفع الجزية، وبذلك فتحت مصر صلحاً فى مستهل رجب سنة 20 هـ . (مايو 641م).

وقد حدث بعد ذلك دخول الأقباط فى الإسلام أفواجاً حتى لقد نقص الخراج بشدة فى عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز لإسلام أغلب أهل مصر من الأقباط.

بذلك أصبحت مصر تضم:

المسلمين من الأصول العربية وهم عدد محدود من القبائل التى جاءت مع الفتح واستوطنت مصر. (إجمالى من دخل مصر واستوطنها من القبائل العربية بين 12 ، 15 ألف سواء مع الفتح الإسلامى أم بعده).

المسلمين من الأصول القبطية، وهم غالبية الشعب المصرى الآن.

النصارى من الأصول القبطية وهم عدد محدود ممن بقى من قدامى الأقباط على دينه4.5 % من إجمالى الشعب الآن.

النصارى من غير الأصول القبطية، وهم نسبة من النصارى حيث قدموا من الشام وأرمينيا واليونان إلى مصر (1.25% من إجمالى الشعب).

والجميع تجمعهم القومية المصرية والمواطنة الواحدة التى تستظل براية الإسلام والحضارة الإسلامية.

مساجد لها تاريخ

بأسماء لصحابة والذين دخلوا مصر

جامع عمرو بن العاص بالفسطاط.

جامع سيدى شبل الأسود بالشهداء منوفية.

جامع عقبة بن نافع بقرافة سيدى عقبة.

جامع السيدة زينب بنت الإمام على.

جامع محمد بن أبى بكر الصديق – بشارع الوداع بمصر القديمة.

جامع ضريح أبى الدرداء بالإسكندرية.

جامع مسلمة بن مخلد بالاسكندرية.

جامع عبد الله بن الحارث بصفط تراب – المحلة الكبرى.

 مسجد عبد الرحمن بن هرمز بالإسكندرية.

مسجد سارية الجبل بالقلعة.

المسجد الجامع

(جامع عمرو بن العاص) والفسطاط

عندما حاصر عمرو بن العاص حصن بابليون، أقام الجيش بالفسطاط بالقرب من الحصن، ونصب عمرو رايته بتلك المحلة فسميت "محلة الراية".

وعندما توجه إلى الإسكندرية لفتحها، أمر بتقويض خيمته (فسطاطه) فإذا بيمامة قد باضت فى أعلاه فقال عندما رأى ذلك: أقروا الفسطاط حتى تنتف وتطير فراخها، ولا تزعجوها، وترك هناك قوة عسكرية بهذا المكان للسيطرة عليه وعلى الحصن.

واستقر الأمر بعد ذلك أن تكون القاهرة بها العاصمة، وليست الإسكندرية؛ حتى يكونوا "على ماء وصحراء" حسب استراتيجيتهم وقتها. فرجعوا إلى الفسطاط ليصبح هذا المكان عاصمة البلاد. وابتنى سيدنا عمرو المسجد الجامع، وكان وضع هذا المسجد: جبانة قديمة بجوارها ابتنى أحد المسلمين بالجيش منزلاً له ولعائلته هو (قيسبة ابن كلثوم التجيبى) وكنيته أبو عبد الرحمن. فسأله عمرو بن العاص أن يبيع منزله هذا ليكون لهم مسجداً، فتصدق به قيسبة على المسلمين، فأدخلوه فى بناء المسجد.

وبذلك بنى المسجد فى 21 هـ وكان طوله خمسين ذراعاً فى عرض ثلاثين ذراعاً.

وشارك فى بنائه: الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، أبو ذر الغفارى... وغيرهم.

ثم فى عهد معاوية سنة 53 هـ عندما ولى مصر مسلمة بن مخلد الأنصارى، قام بتوسيعه والاهتمام بعمارته.

وقد تهدم المسجد فى أيام الوليد بن عبد الملك، فأعاد بناؤه" قرة بن شريك العبسى" والى مصر وقتها فى سنة 92 هـ حيث هدمه وزاد فيه وحسنه.

وفى عهد "السفاح" الخليفة العباسى، ولى مصر "صالح بن على بن عبد الله ابن العباس" وهو أول من ولى مصر من بنى هاشم فزاد فيه وجدده، وذلك فى سنة 133هـ، وأدخل فى الجامع دار الزبير بن العوام.

وفى عهد الرشيد سنة 175 هـ قام والى مصر موسى بن عيسى بزيادته وعمارته.

وفى عهد المأمون، دخل مصر عبد الله بن طاهر بن الحسين سنة 211هـ فى شهر ربيع الأول؛ لقتال الخوارج، وبعد انتصاره وعودته إلى المأمون أمر بالزيادة فى الجامع وذلك من الجانب الغربى له، وكان ذلك فى رجب 211هـ.

وفى أيام المعتصم سنة 258هـ قام صاحب الخراج بمصر – وهو أبو أيوب أحمد ابن محمد بن شجاع – بالزيادة فيه وعمارته.

ثم وقع حريق بالجامع سنة 275هـ حيث دمر الجزء الذى أضيف بأمر عبد الله ابن طاهر، فأمر خمارويه بن أحمد بن طولون بعمارته وكتب اسمه عليه. ثم زاد فيه أبو حفص عمر القاضى العباسى فى رجب سنة 336هـ، ثم زاد فيه أبو بكر محمد بن عبد الله بن الخازن رواقاً واحداً مقداره 9 أذرع فى سنة 357هـ ومات قبل أن يتمها، فأتمها ابنه "على" فى سنة 357هـ.

ثم زاد فيه أيام الوزير يعقوب بن يوسف بن كلس، "الفوارة" التى تحت قبة بيت المال وذلك فى سنة 378هـ.

وجدد "الحاكم" الفاطمى بياض المسجد الجامع، ثم بدأ الانصراف وعدم الاهتمام به، وحدثت مجاعة ووباء أدى على خراب هذه الأماكن وغيرها وكان ذلك فى أيام المستنصر بن الظاهر بن الحاكم 457هـ واستمرت سبع سنوات إلى سنة 464هـ.

ثم ورد أمير الجيوش "بدر الجمالى" من الشام إلى مصر فى سنة 466هـ وقد عم الخراب جانبى الفسطاط الشرقى والغربى فعمره (عمروا بعضه وبقى بعضه على خرابه).

ثم حدث فى سنة 564هـ نزول الإفرنج على مصر وتهديدهم للقاهرة، فأضرمت النار فى مصر، لئلا يملكها العدو.

 وفى سنة 572هـ قدم صلاح الدين بن أيوب من الشام فملك مصر واستردها من الفاطميين. فعمر المسجد وجدده وبنى سوراً ضخماً على الفسطاط والقاهرة والقلعة فكان طوله تسعة وعشرين ألف ذراع هاشمى وثلاثمائة ذراع (29300 ذراع).