الشعب هو المرجعية لإعداد الدستور و ليس الحاكم الفرد

د. صهيب  حسن رحمون

الشعب هو المرجعية

لإعداد الدستور و ليس الحاكم الفرد

د. صهيب  حسن رحمون

كما هو معروف للخاصة و العامة أن الدستور هو القانون الأعلى و الأساس في أي دولة. و في الدول الحديثة ذات النظم الديمقراطية مرجعية الدستور باعتباره عقد اجتماعي هو الشعب، و تعّبر عنه هيئة تأسيسية منتخبة بإرادة حرة و طوعية، و تٌعد مشروعه بما يتضمن المصالح العليا للوطن و حقوق الشعب و أمنه و حياته، و على فصل السلطات الثلاث و تنظيم التعاون بينها ثم يٌستفتى عليه. و عندما يكون الحاكم الفرد هو المرجعية و يصدر قرارا بتشكيل لجنة لإعداده يسعى هؤلاء لإرضائه و تنفيذ إرادته و رغباته، و تصاغ نصوصه بما يروي شهواته بالحكم و يحقق له السيطرة على المال و الاقتصاد و مقدرات البلاد كما هو واقع الحال في سورية.

لقد أجبرت الأوضاع المتفجرة في سورية و تفاقمها، و بعد أن عجز النظام من الخروج من أزمته بالحل العسكري و التداعيات التي أفرزها، سلك طريق التدليس و المناورة، فأصدر رئيسه بتاريخ 15102011 القرار 33 بتشكيل ما سٌمي اللجنة الوطنية لإعداد مشروع لتغيير الدستور من محترفي التنظير للاستبداد، فرئيس هذه اللجنة يملك خبرة متراكمة في تكريس الدكتاتورية، فهو من واضعي دستوري 1964 و 1973 و آخرون من تجار القانون و السياسة يعرضون بضاعتهم و ضمائرهم في سوق أوراق الاستبداد.

إنها مناورة سياسية و إعلامية مكشوفة للرأي العام الداخلي و الخارجي مهما تغلفت به من أساليب الغش و الاحتيال، فلو كان النظام جادا بحل وطني لنقل سلطاته إلى حكومة انتقالية مهمتها الإشراف على انتخاب هيئة تأسيسية يضع دستورا جديدا و تشرف على العملية السياسية لنقل البلاد إلى الحكم الديمقراطي، فشتان بين مرجعيتي الشعب و الفرد.

و انطلاقا من إن القضية السورية ليست دستورية فحسب، فدستور 1973 نص على أن الحرية حق مقدس و الدولة تكفلها للمواطنين و تحافظ على كرامتهم و أمنهم، و في ظله سٌلبت الحرية و اٌنتهكت الكرامة و فقد المواطن أمنه، و نص أيضا على عدم جواز التحري و التوقيف و التعذيب و على حرمة المساكن، بالواقع اٌرتكبت كل الموبقات، فالقضية السورية هي في نظام مستبد و خلل بنيوي في كيان الدولة و مؤسساتها العسكرية و الأمنية و المؤسسات الأخرى، و لا يمكن إصلاح هذا الخلل إلا بإسقاط النظام و الانتقال لنظام ديمقراطي تعددي و تبادل للسلطة و في ظل حكومة وطنية تعمل على إعادة هيكلة الدولة و بنائها على أسس وطنية في ظل المساواة و العدالة دون تمييز. 

الناطق الرسمي باسم الحركة السورية للديمقراطية و العدالة