التدريب والمدرب

التدريب والمدرب

خليل الجبالي

[email protected]

(1)

التدريب هو موهبة وقدرة علي توصيل المعلومة للآخرين بسهولة ويسر حتي يستوعبوها جيداً مع عمل التمارين الازمة لذلك حتي نصل بهم لحيز التطبيق الفعال.

يحتاج المتدربون لنوع من التحفيز والتشويق للمادة المراد إستيعابها ومعرفة مدي الفائدة التي تعم عليهم من دراستهم لها.

التعارف الجيد بين المدرب والمتدربين يذيب الحواجز النفسية ويولد شيئاً من الألفة والمحبة بينهم مما يسهل مهمة المدرب في الوصول إلي قلوبهم قبل عقولهم، فعلي المدرب أن يقدم نفسه بصورة تزيد ثقة المتدربين فيه.

وضح لهم عظم النتائج المترتبة عن فهمهم وتطبيقهم للمادة موضع التدريب.

ليس الأهم في التدريب مقدار مالم تعلم ، ولكن الأهم هو مقدار استطاعتك توصيل ما تعلم إلى من لا يعلم .

والمدرب الجيد يتدرج في كمية ونوعية المعلومات التي يرغب في إيصالها للمتدربين من السهل إلي الصعب ومن المعلوم إلي المجهول ومن المهم إلي الأهم حتي يكتمل المعني وتصل إليهم المادة المراد توصيلها واضحة دون إستفسارات تتواجد في أذهانهم إن أمكن ذلك.

احرص على التدريب الرأسي لا الأفقي، بمعني التركيز في جوهر المعلومة لا الكثرة في المعلومات ، واعلم أن الفائدة الحقيقية تكمن في تعميق الموضوع وتثبيته في عقل المتدرب وليس في الطرح السطحي البسيط  الذي يعمل نوعاً من الإنبهار فقط.

اعرض علي المتدربين بيانات ومعلومات وأفكار محددة يسهل تذكرها، ودعم ذلك بالقصص والحكايات والأمثال التي تترك أكبر الأثر في نفسية المتدرب وعقله.

حدد أفكار المادة جيداً ، واعرضها فكرة فكرة بعد أن تتأكد من استيعاب المتدربين لها.

أعد التذكير ببعض المعاني والأفكار والموضوعات المهمة بين الحين والآخر، وعلى فترات متباعدة ، وبأساليب مختلفة ومن غير تكلف ، فقد أثبتت الدراسات أن الفكرة إذا ذكرت مرة واحدة للحاضرين فإنهم في نهاية الشهر يتذكرون 10% منها ، ولكن إذا ذكرت ست مرات على فترات مختلفة فإنهم في نهاية الشهر يتذكرون 90% منها .

اجعلهم يلخصون ما فهموه من حين لآخر من خلال كل اثنين من المتدربين معاً فهذا سيعطي نتيجة جيدة للفهم وتثبيت المعلومة ويعمل نوعاً من التشويق والمرح.

إن استطعت أن تجعل الوصول إلى النتائج والإجابة عن التساؤلات تخرج من فم المشاركين أنفسهم لا من فمك فذلك أولى وأنفع لهم .

احرص على الإلقاء المعد له إعداداً جيداً واحذر القراءة الدائمة من ورقة ، فإنها مورثة للسأمة.

إذا سُئلت سؤالاً لا تعرف الإجابة عنه فلا تخجل من قولك لا أعلم ، فإنها نصف العلم ، ويمكن أن توجه السؤال للحاضرين لمناقشته أو تؤجل الإجابة عنه أو تكلفهم بالتفكير والبحث فيه .

احرص على الإثارة ، والتشويق والمفاجآت ، ومخالفة توقعات المشاركين ، وتجنب النمطية والروتين ، فاستخدم التمارين والألعاب المعدة لذلك حتي تكسر حواجز الملل والغربة بين المتدربين وبينك.

كن طبيعياً، واحذر التكلف ، واعلم أن ذلك سر من أسرار الإلقاء الجيد ، كما أنه سبب لانجذاب الحاضرين إليك .

راقب المشاركين ، وتفقد أحوالهم ، وتأمل في ملامح وجوههم ، واحرص على أن لا ينام أحد منهم أو يسرح بخياله أو ينشغل جانباً مع جاره أو يفكر في أمر خارج الموضوع .

وإذا شعرت بالملل يدب إلى الحاضرين فأزله سريعا بترفة أو لعبة أو تغيير الأسلوب ، وإلا فانه البرنامج أو اليوم التدريبي لأن الإستمرار يعني أن لا شيئ من الإفادة والفهم.

شجع المنافسات الشريفة بين المشاركين ، واستخدم لذلك أساليب عدة والتي منها : المباريات الإدارية ، الألعاب التدريبية ، فرق العمل ، المسابقات، النقاش المشترك، التمثيل وغير ذلك . 

تذكر دائماً أن الناس تهوى القصص والتجارب والأخبار والأحداث .

إذا ذكرت قصة أو مقولة أو واقعة فاذكرها بوضوح محدد التاريخ والأسماء والأماكن.

مازح المشاركين ، وأكثر من ملاطفتهم ، ولا تكن يابساً فتمل وتكسر .

تذكر أنك لست بهلوانا ولا مهرجا ، فلا تفرط في المزاح والضحك ، واعلم أن من كثر ضحكه قلت هيبته ، ومن كثر مزحة اسُتخف به .

ولنا تواصل في الحديث بأمر الله

 ) 2 )

يحتاج المدرب إلي قراءة كثيرة وتجديد لمعلوماته ، ومتابعة آخر المستجدات وأن يجعل معلوماته شاملة ومتنوعة في جميع المجالات فهو القائد والمدرب الجيد الذي لابد أن يعلم ما يُدار حوله.

أيها المدرب كن فطناً ذكياً ، سريع البديهة ، حسن التصرف .

فكر وتأمل قبل أن تتكلم ، واحذر العكس .

كن مبدعاً في الإلقاء والتدريب ، حريصاً على التغيير والتجديد ، متجنباً الروتين والرتابة ما أمكنك ذلك .

قم بإدارة الوقت المحدد للتدريب، واحذر الإسراف في الحديث عن موضوعات لا تخدم أهداف البرنامج، أو أحد من المتدربين يخرجك عن إطار هدفك بأسئلة في جانب آخر .

كن واقعياً منطقياً، وتكلم عن بيئة الحاضرين ، وعش واقعهم ومجتمعهم ، وتجنب الإفراط في المثاليات، وتعايش مع المتدربين معايشة حقيقة في تلك الفترة من التدريب.

احرص على الحركة الايجابية والتشجيعية للرأس والتي مغزاها التأييد أوالرغبة في الاستماع أو إظهار الفهم والاستيعاب والمتابعة ، وتكون بتحريك الرأس من أعلى إلى أسفل ومن أسفل إلى أعلى .

توجه بنظرك إلى جميع الجهات ، والتفت يميناً وشمالاً ،وإلى الأمام وإلى الخلف ، وإياك أن تركز نظرك نحو جهة واحدة وتهمل الجهات الأخرى فلا تركز علي متدرب بعينة وأنت تتكلم عن الصفات الشخصية للناس أو الأنماط البشرية حتي لايظن باقي المتدربين أنك تقصده في حديثك فهذه نظرة المصيدة .

تجنب حركة العين السريعة حتي تعمل إضطراباً للمتدربين حيث أن رسائل العين التي تبعثها تمثل نصف الكلام الذي تنطقه.

وجه حديثك إلى الجمهور وليس إلى أدوات العرض التي تستخدمها.

أخرج الحروف من مخارجها ، وانطق الكلمات بوضوح ولا تأكل أواخرها .

تكلم بلغة يفهمها الجميع ، واحذر التفلسف بمصطلحات غامضة فإن ذلك سبب لفقد انتباه واهتمام الحاضرين ، وإذا اضطررت إلى استخدام تلك المصطلحات فاشرحها لهم ابتداءً .

غير معدل سرعة صوتك ، ولا تجعل صوتك على وتيرة واحدة سواء كانت في الإنخفاض أوعلو الصوت لأن الوتيرة الواحدة تؤدي بالمتدربين إلي النوم الحتمي أوالتفكير في موضوعات غير موضوع التدريب، والصوت والنبرة تمثل 38% من الرسالة التي تريد توصيلها لهم.

تحدث بصوت منخفض عند الجمل المراد التأكيد عليها .

وأعلم أن الصوت المرتفع رعونة وإيذاء، والصوت المنخفض مجهد للسامعين، فليكن صوتك وسط بين ذلك وذاك.

تحدث بسرعة عند المعلومات المعروفة، وببطئ عند المعلومات الجديدة أوالتي تريد تأكيد أهميتها.

غير في نبرات صوتك حسب الهدف من حديثك ، فالنبرة الحادة تناسب الحماس والفرح، والنبرة الرخيمة تناسب الغرض الوجداني والتأثير العاطفي.

الصمت والوقفة والسكتة من عوامل التأثير الصوتي لدي المتدربين فنظم وخطط لوقفاتك وحديثك جيداً حتي تستفيد من صوتك في تحقيق هدفك.

راعي في حديثك أن الوقفة والصمت تشد إنتباه السامعين إليك ، وأن أفظع شيئ في المتدرب الذي يتحدث ولا يسكت .

انتقي كلماتك وعباراتك بعناية فالتركيبات اللغوية بيان وتوضيح وسهولة في توصيل ما تريده.

تجنب الكلمات السوقية المبتذلة، والكلمات العلمية المتخصصة التي لايفهمها كثيرٌ من المتدربين.

أحسن استخدام الإشارة باليد ، واجعلها منسجمة ومتناغمة مع طبيعة الكلام ، ولكن احذر المبالغة فيها .

ولنا تواصل في الحديث بأمر الله.