التربية السياسية لطلاب الجامعات ضرورة
بدر محمد بدر
كل التهنئة لأبنائنا وبناتنا الطلاب والطالبات ولآبائنا وإخواننا من الأساتذة والباحثين والموظفين والعاملين في جامعات مصر المختلفة، بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد، جعله الله عام خير وبركة واستقرار وأمان وتفوق وسعادة على الجميع وعلى هذا الوطن الحر.
أهلا بعام جامعي جديد تشرق فيه شمس الحرية، ويتنفس فيه الطلاب والأساتذة نسيم الديمقراطية، وأريج الإحساس بحب الوطن، ونشوة انتصار الثورة على الفساد والاستبداد والظلم، لا يخشون فيه من إرهاب جهاز أمن الدولة الذي فاق كل تصور، أو ضعف الإدارة الجامعية أمام تسلط جهاز الأمن، ولا يخافون من سيف التحويل إلى مجالس التأديب الظالمة، بسبب نشاطهم السياسي أو الثقافي أو الإسلامي، الذي ينبع من انشغالهم بهموم وآلام الوطن، وتطلعهم لمستقبل أفضل.
أهلا بعام جامعي جديد لا يتم فيه تزوير الانتخابات الطلابية، ولا يحرم فيه أي طالب من ممارسة حقه الطبيعي في الترشح بسبب انتمائه لتيار سياسي معين، ولا يحال فيه أي طالب جامعي إلى مجلس التأديب لمجرد أنه اشتغل بالعمل العام أو شارك في نشاط لا يرضى عنه النظام، ولا بد من إزالة كافة القيود التي تكبل العمل الطلابي الحر، وترهق الحركة الوطنية في الجامعات، وآن الأوان كي نفتح الأبواب أمام شباب مصر الأوفياء، الذين أسهموا بقوة في التغيير الذي نعيشه.
مطلوب تعديل اللائحة الطلابية الحالية، بما يتفق وأجواء الحرية والديمقراطية التي تعيشها مصر الآن، وعودة الاتحاد العام لطلاب الجمهورية، الذي يتم انتخابه من بين أعضاء ورؤساء الاتحادات الجامعية، وإعطاء حرية أكبر لتشكيل الأسر الجامعية، وإفساح المجال أمام تعدد الأنشطة التربوية والثقافية والفكرية والاجتماعية والرياضية والفنية المحترمة، وفتح الأبواب أمام المنافسة العلمية الجادة وتكريم المتفوقين والمبدعين، وتأهيل الجامعات بما يسهم في الارتقاء بها.
وينبغي أن يتعلم الطالب والطالبة في الجامعة كيف يمارس العمل السياسي الحقيقي، الذي يبدأ من وضوح وامتلاك رؤية سياسية، وقدرة على إدارة الحوار والمناقشة، والإيمان بثقافة الاختلاف وتعدد الرؤى، واحترام حرية التعبير وقبول الرأي الآخر، والتدريب على قواعد وأصول العمل الجماعي، وبالتالي يدرك الطالب قيمة الحياة من أجل مبدأ وقيمة وهدف، ضمن إطار من الإخاء الوطني والحب والتفاهم، وسوف يمثل هؤلاء عقب تخرجهم، إضافة جيدة للعمل السياسي.
لقد عاشت الحركة الطلابية في الجامعات المصرية شطرا كبيرا من تاريخها في القرن الماضي، كجزء مهم وفاعل في الواقع السياسي والاجتماعي المصري، وكان لها دورها المؤثر والمشهود في تغيير الواقع، وزيادة الوعي الوطني العام بقضايا الحريات والحقوق الأساسية، ولكن منذ نهاية السبعينيات أحكمت السلطة الغاشمة المستبدة سيطرتها على الحركة الطلابية، وعانى الأحرار من الأساتذة والطلاب بسبب الإرهاب الأمني أشد المعاناة، وأوذي الكثيرون بسبب حب الوطن.
ومن المهم أن تتسع ساحة النشاط والحركة الطلابية لجميع الأطياف والتيارات الفكرية والسياسية والوطنية، وألا يحرم منها أي تيار أو فصيل، طالما التزم بالآداب والقيم والتقاليد الجامعية، وأن يتوافق الجميع على آليات واضحة لتجاوز الخلافات، ومن الناحية التاريخية تولى قيادة الحركة الطلابية علمانيون ويساريون وشيوعيون، مثلما تولاها الإسلاميون، وهي ميزة ينبغي الحرص عليها والاستفادة منها، وأن تكون القاعدة الطلابية حرة تماما في اختيار من يمثلها ويعبر عنها.
إن طلاب مصر الأوفياء المخلصين هم أملنا المشرق في مستقبل أفضل، وهم عدة الوطن الغالي في استقراره ونهضته ورقيه وتقدمه، وهم طاقته المتجددة والواعدة في البناء والعمل والبذل والإنتاج، وهم سلاحه الأمين في مواجهة الأزمات والمشكلات والهموم والتحديات، وهم ثروته التي ينبغي على الجميع رعايتها والحفاظ عليها.