الشعوب العربية باتت عصية علي "التدجين"

الشعوب العربية

باتت عصية علي "التدجين"

أ.د. ناصر أحمد سنه - كاتب وأكاديمي من مصر

[email protected]

أيتها النظم العربية البائدة، وتلك التي تنتظر.

أيها الطغاة المستبدون الظالمون، القاتلون السفاكون، الغاصبون المعتدون، الفاسدون المفسدون، العملاء المتاجرون.

يا بائعي الأوطان، وناهبي الثروات، وخائني الأمانات، ومصاصي التركات، وسارقي العقارات، ومُورثي البلاد، وقاتلي الشعوب، ووائدي الإحلام والآمال.

يا من فرضتم الوصاية، وكممتم الأفواه، وكبلتم الإرادة، وشيدتم المعتقلات، وأشعتم الإغتيالات، وقهرتم الثكالي، وعقمتم الأرحام.

يا من سممتم الحياة والمياه والأجساد، واستطلتم علي العباد والبلاد وكأنكم "رازقوهم".

يا من جعلتم الولدان شيباً، وفرضتم صنوف التعذيب والموت علي الشباب والشيوخ.

يا سبب كل خراب في البشر والشجر والحجر.

يا من تدبرون بليل ونهار، محاولين إخماد جذوة الثورات العربية، وعرقلتها، و"تبريدها، وتجميدها"، والإلتفاف عليها، وإجهاضها، ووئدها، وإفشالها.  

يا أعداء الثورة في الخارج والداخل. يا كتائب المرتزقة، وفلول النظم، وأرتال البلطجية، والبلاطجة، والشبيحة.

رويدكم.. هونوا علي أنفسكم.

لم يعد الزمان العربي هو الزمان.

ولم تعد الأرض العربية هي الأرض.

ولم تعد الشعوب العربية هي الشعوب.

ولم تعد الأمة العربية هي الأمة.

لقد خرج المارد العربي من القمقم.

لقد باتت الشعوب العربية عصية علي التدجين.

لقد أمست عصية علي السوق كالقطيع.

وعلي قدر أهل العزم تأتي العزائم.

ولقد كانت الشعوب العربية أهل عزم، وستأتي العزائم.

لقد عرفت الشعوب العربية ثمن حريتها وعزتها.. فبذلته رخيصاً عن طيب خاطر.

دفعت الثمن.. واستحقت الكرامة والعزة والحرية والتحرر والعدالة والتنمية الحقيقية.

دفعت الثمن.. وستأخذ القصاص.

دفعت الثمن، ورفعت الرأس. لا لتحصد بل لتبقي عالية خفاقة.

إن عيونها شاخصة، لتحقق كل أهداف ثوراتها، وتحافظ علي مكتسباتها، وزخم "حالتها الثورية". فلا تراخ أو تكاسل كي لا ينحرف المسار، أو تضيع الثمار، أو يقطفها آخرون.

أملها معقود علي ألا "تأكل الثورة أبنائها"، أو يتفرق توحدها، أو يتشتت فرقائها. فليس الوقت ـ ولسنوات قادمةـ وقت مغانم بل مغارم.

وهيهات .. هيهات أن تعود تلك الشعوب أدرجها.

هيهات .. هيهات أن تعود لزمن القهر والقمع والذل والظلم والطغيان والإستعباد والفساد.

فالشعوب باقية، والمتحكمين الطغمة الطغاة الفاسدين المُفسدين إلي زوال. ولن تُغلب الشعوب العربيةـ اليوم ـ من قلة، ولا من قوة، ولا من إرادة، ولا من عزة، ولا من عزيمة، ولا من شجاعة، ولا من تضحية، ولا من وعي، ولا من حكمة الخ.

لقد تنسمت العبير، نقيا بعد تلوث.

لقد ذاقت العزة والكرامة بعد إذلال.

لقد حلقت في سماء الحرية التحرر بعد طول سجن وإعتقال.

لقد عرفت قدرتها، وحررت إراتها، بعد قهر وأسر.

لقد عرفت حقوقها بعد طول هضم وغمط.

لقد حققت شرعيتها، وكرست سلطتها دون وصاية فهي التي قامت بالثورات، وقدمت التضحيات. فلا ينبغي ـ بحال ـ إختزال رغباتها، أو إغفال أهدافها، أو الإستهانة بطموحاتها لصالح  أفراد أو فئات أو جماعات.

وستسعي لتطهير كل مؤسسات دولها، وجنبات مجتمعها، ومن ثم بنائها علي أسس سليمة وصحيحة، وشفافة. سيـُولّ كل مسئولية، صغُرت أم كبُرت: الأكفأ والأصلح، والقوي الأمين، الصالح المصلح، الحفيظ العليم ألخ. فليس ثمة "إحتكار لمنصب أو سلطة"، أو"اغتيال لحلم" الأبناء.. الأكفاء الأقوياء الأمناء.

لقد قضي الأمر.. بثورات الشعب العربي الحر الأبي.. سيصون مقدراته، ولن تطأ قدم محتل ـ خارجي أو داخلي ـ أرضه لتنهب ثرواته.

قضي الأمر.. يا تونس "الخضراء" .

قضي الأمر.. يا مصر  "المحروسة".

قضي الأمر يا ليبيا "المختار".

قضي الأمر.. يا يمننا "السعيد".

قضي الأمر.. يا سوريا "الإباء".

قضي الأمر.. يا كل شعبنا العربي المسلم.

إذا الشعب يوما أراد الحياة          فلابد أن يستجيب القدر

ولا  بــد لليل أن ينجلي          ولا  بد للقيد أن ينكسر