نعي التعددية
إيمان البغا
نعى أحدهم فشل التعددية عند المسلمين , وأشار إلى أن السبب في هذا الحدث المؤلم هو تمسك المسلمين بدينهم ... نعم لقد صدق , ولكن التعددية عندهم قتلتنا وقتلت غيرنا , واعتدت على حقوقنا وحقوق غيرنا , وأما عدم التعددية عندنا فلم تقتلهم ولا غيرهم , ولم تعتدِ عليهم ولا على غيرهم ..
إن التعددية التي تفتخر بها – أيها المتألم الحصيف !! - ليست علماً على نجاح سياساتكم ؛ فما نجحت سياستكم في بلادكم إلا بسبب القوة والغنى القائمين على استغلال خيرات الشعوب ومقدراتها بشكل أو بآخر ..
تتحدث عن مخاوف من عدم تعدديتنا متناسياً استعماركم في العقود الماضية الذي استمر إلى هذا اليوم : قتلاً وعدواناً واستغلالاً .. وأتحداك يا صاحب التعددية أن تأتي لي بحدث واحد وجدتم منا نحن غير التعدديين عدواناً أو استغلالاً ..
مع أنه لا يوجد عندكم تعددية حقيقية في الواقع ؛ لأنكم تحكمون أنفسكم بأنفسكم وتفعلون ما تريدون ... ولما هبت شعوبنا لتطالب بما تريد تأتي أنت وأمثالك لتعيب علينا عدم التعددية !! ..
هذه التعددية التي تفتخر بها وتعتبر من لا يتبناها فقيراً سياسيّاً أو مرفوضاً هي خطأ محض .. إنها حكم الفوضى ( قالوا له : أنت معانا ولا مع التانيين , فرد مرتجفاً : أنا معاكم والله ، قالوا له : إحنا التانيين بأى ) ، وفي الواقع أنها لا يجب أن توجد إلا إذا كانت مخرجاً من ظلم أو استبداد , تتصارع فيه القوى فلا تخضع الشعوب تحت حكم مستبد واحد بل تحت عدة مستبدين ؛ يلوذ بكل واحد من يلوذ ليغرق العالم بالفوضى وعدم الأمن كلما طاف طائف من خلاف يدعو إلى الاحتكاك ..
فهلّا حكمت عقلك معتمداً على المنطق والأقيسة المنطقية لتميز بين الخطأ والصواب , وتضع هذه التعددية تحت حكم المنطق والحق ؟! .. وهلّا كنت مبصراً لترى أين هي التعددية في كل بلد ينعم بالسلام والأمن ؟! , أم أنك تعتبر الخلافات في المصالح السطحية أو في تطبيقات محددة بين الأحزاب تعددية ؟؟ .. أقول : هلّا فعلت ذلك : لتعرف بعد ذلك أن أمور السياسة لن تستقيم إلا بالقوانين الصحيحة المأخوذة من شرع الخالق عز وجل ؟! ..
إن هذا الشرع يحترم حقوقك قبل أن يحترم حقوق المؤمنين به , هذا الشرع - الذي يجب أن تحلم بتطبيقه في بلادك - لا يريد أن يحكمك الآن ، إن المؤمنين به يريدونه في بلادهم فهلّا قلت لبني قومك أن يتوقفوا عن استعبادهم لنا وعن فرض ما لا نريد علينا ؟؟؟
وإلا فكونوا صرحاء وقولوا لنا : "إن هذا ما نريد فرضه عليكم وإلا فإن القتل والتشريد والعدوان هو الذي ينتظركم" , فكلانا غير تعددي في الحقيقة .. علماً أن صراحتكم لن تنفعنا إلا في شيء واحد ؛ وهو أن يتوقف الطابور الخامس عندنا عن تسمية ما لديكم فكراً جديراً بالنظر ..